الرحلة الطويلة مع كورونا.. وآثارها السلبية

  • 4/6/2021
  • 16:38
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

خالد بن أحمد الأغبري رحلةٌ طويلةٌ ومُعقدة مع جائحة كورونا، التي غزت العالم بأسره، وأربكت الحياة الصحية والاجتماعية والاقتصادية؛ من خلال قوة نفوذها وتفاعلها غير الطبيعي، والسيطرة التامة على مسارات ومعطيات حياة هذا الإنسان؛ مما أدى إلى خلق أجواء استثنائية مضطربة وغير مستقرة نتيجة الهلع والخوف المحيط بالعالم، والذي خلخل منظومة كيان الدول ونظامها الإداري والفني والصحي والاقتصادي. هذه الأزمة كشفتْ نقاطَ القصور والضعف التي تُعاني منها الدول، وما ترتب على ذلك من تقهقر وتعثر وإخفاقات في مختلف الجوانب الحيوية، التي تسبَّبت في زعزعة نظم الحياة بصورة عامة، ومع مساعي الحكومات الحثيثة وجهودها المتواصلة والمتصلة بتلك الأحداث من أجل معالجة الأوضاع من قبل الجهات المعنية بشتى الطرق وعلى كافة المستويات. ومهما بلغت نسبة وحجم تلك الجهود المبذولة في هذا الشأن، فأعتقد أنه حسبما يتَّضح من المؤشرات الحالية أنَّ ذلك ما هو إلا مجرد محاولات واجتهادات ما زالت تحتاج إلى بعض الوقت لتقييمها ومعرفة النتائج التي سيستقر عليها الوضع على المدى القريب والبعيد؛ حيث إنَّ تطورات الجائحة ومساراتها المعقدة تتطلب المزيد من البحث والتمحيص لمعرفة الحقائق الغامضة التي تكتنف تلك المآسي ودوافعها في ظل ما ينتاب العالم من قلق ومخاوف تتسم بعمق المشكلة وآثارها الإنسانية والاقتصادية. وفي ضوء هذه الحيثيات والملابسات، فإنَّ هذه الإجراءات ليست كافية لإظهار ما تعرض له العالم من نوبات وهزات ارتدادية، جعلت منه فاقدا للكثير من المعايير وأساسيات مصادر الإغاثة والإمدادات اللوجستية التي تُعالج الجراحات العميقة الدامية التي تُعاني منها شعوب العالم مع ضآلة النخوة والمواقف الإنسانية التي يُفترض أن تكون مَددا مُصاحبا لمعاناة المحتاجين والمتضررين والبائسين الذين فقدوا مصادر رزقهم وقوت يومهم بشكل مباشر وغير مباشر. وفي اعتقادي أنَّه مهما بلغ المستوى العلمي والعملي والأخلاقي والنظري لمعالجة آثار هذه الجائحة، فإنَّه حتى الآن لم يصل إلى المستوى الذي يطمح إليه أو يتطلع إليه المواطن، مقارنة بحجم المآسي والمعاناة التي يتعرَّض لها بعدما فقد الكثير من مصادر رزقه، وشُلت حركته، وتعطلت مصالحه، وأصبح تائها بين الأزقة والطرقات يبحث عن مخارج تُفضِي به إلى لملمة أوراقه الضائعة والتقاط أنفاسه التائهة ومراجعة حساباته المثقلة بالديون والقروض. هذا الأمر تسبَّب في خلق معسكرين يتراشقان التهم؛ فمعسكر الجهات المختصة يتهم الجمهور بعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية وعدم الاهتمام بما يترتب على ذلك من انعكاسات وإخفاقات صحية واقتصادية شاملة، أما معسكر الجمهور فيتَّهم الجهات المختصة بالمبالغة في تلك الإجراءات، وما نتج عنها من مضايقات وانتكاسة عميقة في مختلف المجالات، وعلى وجه الخصوص المجال الاقتصادي الذي تأثرت مصادره وتصاعد أنينه وكُتمت أنفاسه دون أن يكون لهذه الجهات مساهمات مادية في تضميد جراح المواطن أو التخفيف من معاناته المادية التي تسببت في فقدانه لمصادر رزقه، وجعلته يصل إلى حالة اليأس ويتذوق مرارة الفقر والفاقة، إلى أنْ وصلت الحال إلى تصعيد الموقف من خلال إقامة قضايا أمام المحاكم نظرا لتراكم المديونيات وارتفاع معدلات القروض الشخصية والتجارية، وإخفاق أطرافها في إيجاد حلول مرضية وتسويات ودية. الكثيرُ من المصادر المنتجة ودور العلم والمحلات والمراكز التجارية، والتي من بينها المدارس الخاصة التي يعتمد تشغيلها كمورد رئيسي على الرسوم المقررة على الطلاب، فهي الأخرى لم تسلم من آثار جائحة كورونا؛ حيث أغلقت أبوابها وأصيبت بنكبة وخسائر فادحة أرهقت جيوب أصحابها وأنهكت قواهم المادية والصحية نتيجة المصاريف المترتبة عليهم، بجانب حرمان العاملين فيها من مصدر دخلهم الشهري الذي تعثر بسبب عدم مقدرة أصحاب المدارس على دفع التزاماتهم، وقد تفاقمت مشاكل أسرهم التي كانت مقتاتة على رواتب هذه الفئة من المواطنين الذين يعملون بين أروقة المدارس الخاصة كمدرسين وإداريين وعاملين وسائقي الحافلات، بينما الحكومة تفرض الضرائب والرسوم وتسحب الدعم عن الكهرباء والمياه، وتبحث عن بدائل لسداد مديونياتها وتعزيز اقتصادياتها والتخفيف من أعباء مسؤولياتها وتحسين مستوى أدائها للخروج من هذه الأزمات التي أثقلت كاهلها، وكشفت عن بعض الإرهاصات والإخفاقات التي تعرضت لها. فيا تُرى ما الحل في حال غياب دور الحكومة في هذا الجانب؟ وما موقف أصحاب رؤوس الأموال الذين منحهم الله الكثير من فضله لكي يكونوا على مستوى المسؤولية من حيث تخفيف معاناة أبناء وطنهم وشركائهم فيه في السراء والضراء؟ فليُعطوا هذه الأموال حقها من الإحسان والإنفاق على المحتاجين والمتضررين، وليتعاون الجميع للتخفيف من هذه المعاناة كل حسب استطاعته. أدام الله علينا نعمة الأمن والأمان، وحفظنا الله وإياكم من هذا الوباء وسائر الأوبئة والأمراض وسيئ الأسقام، وأمدَّنا الله بوافر الصحة وكمال العافية والسعادة، وحفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها من كل سوء ومكروه إنَّ الله على كل شيء قدير.

مشاركة :