صلاح ستيتية الشاعر الكوني رحل وتركني في عصف الانتظار والأشواق

  • 4/7/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

راقب طيورك كيف تمحو المسافة بأجنحتها..قصيدة كتبتها في حياته، وبعد نشرها بأشهر قليلة غادرنا ورحل الى الصمت الابدي. صديقي الشاعر الكبير والسفير الدبلوماسي الراحل صلاح ستيتية ذهب الى الموت.نعم مات صديقي بهدوء وربما بفرح. وكنت علمت من صديق مشترك بيننا،ولاحقاً ان الشاعر نفسه، قرر بيع كل ما يملك من تحف ومقتنيات فنية نادرة وعرضها في مزاد علني ويعود ريعها للمؤسسات الإنسانية قبل وفاته . صديقي الشاعر الذي يكتب بالفرنسية ويعيش في باريس تربطني به علاقة وثيقة تتعدى كل المعاني وتصل الى عمق القصيدة التي ننطلق منها الى الحياة.هذه الحالة التي مرّ بها صديقي الشاعر جعلتني أقف أمام مرآة كبيرة،لا يمكنني الخروج من إطارها،لذلك كان من واجبي،وبدافع من شعور لولبي في روحي ان أعود الى الشاعر والطلب منه العودة الى مناخ عاشه بفرح وشعرية كاملة. ولم يكن بوسعي سوى الشعر ومخاطبته بقصيدة كتبتها له وقام بترجمتها الى الفرنسية الشاعر الصديق عيسى مخلوف . وكان عنوان القصيدة (راقب طيورك كيف تمحو المسافة بأجنحتها). وأنشر هنا نص قصيدتي بالعربية (الى صلاح ستيتية،شاعر ينتظر الرّحيل)،مرفقة بترجمة عيسى. (شعر : إسماعيل فقيه) لا تستعجل تمهّل لا تُحدّق كثيراً في مسافة الغياب خذ وقتك وانتظر راقب غاباتكَ وما فيها ما فوقها وما تحتها راقب بحاركَ التي تعلوها الطّيور راقب طيوركَ كيف تُحلِّق كيف تمحو المسافة بأجنحتها وكيف تحمل براثنها بأمان وطمأنينة راقب نومكَ المتيقّظ نُعاسكَ القويّ الشّرس انظر جيداً تمعَّن برخاوة رئتيك وصلابة أنفاسك حدِّق أكثر ستسمع صحوتكَ الكُبرى تتحسّس شهوة نظراتكَ سترى أيامكَ كيف يذوب سواد ليلها ببياض نهارها وكيف تمحو المياه العطش وكيف يمحو العاشقان بعضهما بعناقٍ وقُبلة تفقّد ذخيرة عينيك سترى وتتلمّس وتتحسّس وتعشق أكثر ستعثر على شهوة يدك وما تحتوي من معدن وخشب ومياه لا تستعجل تمهّل المرآة الصّافية المُلتهبة ما زالت على لهبها جوهركَ المُلتهب سيلتهب أيضاً ما زال الثّلج في أوّله الذّهب في بريقه ولسوف تسمع رنينه وترى أكثر مما رأيت كمن يغتسل برعشة الأنوثة أراكَ شاهقٌ تشهق يشهق معكَ الأزرق الأكبر تحمل أمتعتكَ بخفّةٍ وحبّ ترفع يدكَ وتلوّح تضحك وتتألّم مع روحك تلوذ داخل عينيك وقلبك تتهيأ للقفز الى الأعلى أعلى مما أنت فيه ولكن تمهّل لا تستعجل خذ بيدكَ اعصف وتنزّه مع الرّيح والنّسمة انعطف في كلّ اتّجاهٍ أدخل أخرج وحلِّق اهبط في الكهف الأخير نظرةٌ من يدك صرخةٌ من خطواتك تدكّان أسنان عتمته وظلمته لا تستعجل العبور تمهَّل نُريد أن نسمعك نتزوّد من نِعَمِ كآبتك تطهو لنا الرّعشة والنّغمة قبل الدّهشة نقرأ أوراق غيابكَ نتناول مرضكَ الشّهي ونشفى معك ثمّ لا تنسى: مرضكَ قمرٌ أوجاعكَ تُحمّص السّنابل تخبز الرّغيف وأنكَ وارفٌ تُظلّل نسراً يتبعكَ الأعمى لملاقاة أسراب البجع ثماركَ في أعلى الصّيف تتدلّى الى باقي الفصول تحوطكَ وردة العالم بشعوب عطرها وجيوش أنفاسها دموعكَ ثقيلة ومياهكَ مضغوطة بلغت الذّروة يُمكن تخصيبها فوراً.

مشاركة :