ضع كلمة «حلال» في جملة مفيدة

  • 7/10/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تبلغ المفارقة ذروتها من السخرية حين تجد مجموعة من السفهاء بين عشية وضحاها، قد حولت الخطاب الثقافي السائد إلى لعبة بين أصابع «التحضّر» المزعوم الذي تشكّل دون رقابة حقيقية، ليكون الخطة الجديدة للهيمنة على سلوك وفكر أجيال سابقة ومتلاحقة. وباتت الكلمات المجردة تستخدم كضغطة زر الريموت كونترول وتتحكم بوعي الأكثرية، كنوع خادع من التصالح مع المبدأ والزمن الراهن. فحين نجد لافتة عريضة «لحم خنزير حلال» فهذا يعني أن كلمة «حلال» تستحوذ على غالب الرأي وكالمسحورين ننسى ما قبلها، والإمعة يبحثون عن المبررات فقط لا عن المنطق، ولا أسهل من تقديم فتاوى طائرة على وزن حلال وحرام، ولأن كلمة «حلال» تعمل عمل السحر في المجتمعات المتدينة، ظهرت بكل وضوح وصراحة «البارات الحلال»، و«النايت كلوب المتكامل والخالي من المشروبات الروحية». ولكلمة «حلال» سحر نفي ما يحدث أساسًا في داخلها، فلتكن حاذقًا أخي القارئ ودقيقًا من ناحية الكلمات المستخدمة وسحرها المراوغ، أليست هذه هي القيمة العابثة للمجتمع؟. لم نكن أبرياء تمامًا من علل تخصنا كجماعة ثقافية جديدة، ولكن في مجتمعاتنا التقليدية المسائل تُقاس بالثقافة السائدة المسيطرة، فحين تخرج فئة تقيس المسائل بمبدأ التحضّر – الذي يحمله كل واحد في داخله أيًا كان – وتسقطها على مجتمع للتو أفاق من غيبوبة «الصحوة الدينية»، حتمًا ستواجه انفجارًا من الغضب والغيرة والتحذير من المساس بالثوابت الأساسية لمجتمع ديني تقليدي غيور. أما عن فكرة التحضر التي ابتكرها أصحاب «البار الحلال»، فهم يعتقدون أنها تعني نسخ حضارة ما دون الالتفات للمكانة الجغرافية ولا الثقافة السائدة، ولا حتى الأصالة العرفية المتغلغلة في دمائنا العربية، ومع الأسف والوجع الحارق وقتئذ سيصل الخطر حد استهداف المستوى الأول في تركيبة الهرم المجتمعي، نحن لا نحتاج إلا لفهم يسير وقراءة متعمقة في جماليات حضارتنا الأصيلة أولًا، ثم نقرر بعدها إن كنا نحتاج إلى حضارة جديدة نبتكرها نحن المخضرمون بمساعدة القادمين من الفضاء الآخر، أو أن ننحاز لقيمنا وحضارتنا التي لطالما كانت غنية وبعيدة عن الحاجة لسفاسف الأمور.

مشاركة :