ما يزال «ماجد عبدالله» هو اللاعب السعودي الأول الذي تستحضره الذاكرة عند الحديث عن مآثرنا الكروية، وما تزال أهدافه تحظى بمشاهدة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من اعتزاله البعيد نسبيًا. ماجد عبدالله كان لاعبًا استثنائيا ينهي الهجمة عندها تبدأ حكاية تاريخ، اسمها السهم الملتهب، كثيرون جايلوا «ماجد» وصنعوا أهدافه من خلال مجهود كبير وإيثار أكبر، جعلهم دائمًا يرسلون الكرة إليه لينتهي دورهم، ويبدأ دوره في تسجيل اسمه كهداف صنع الإنجاز تلو الإنجاز. الذاكرة الكروية لا تحتفظ إلا بأسماء أصحاب الأهداف فهم الذين يبصمون البصمة الأخيرة التي تثير المدرجات وتسدل الستار على المباريات وتظل «الأراشيف» تقول: فاز النصر بعدة أهداف سجلها اللاعب الكبير ماجد أحمد عبدالله. صناع اللعب هم من أكثر الناس بؤسًا وشقاءً في الحياة، يتذكرون أنهم تعبوا وجاهدوا وآثروا على أنفسهم، وأثروا في تاريخ كثير من الإنجازات، ولكن أسماءهم تمحى من الذاكرة ويظل «ماجد» وغيره من رؤوس الحربة هم حديثو الركبان وأنصع ما يسطره ويخلده تاريخ الكرة في العالم أجمع. بالمثل في العمل الإداري، هناك مديرون خلفهم أسماء لامعة تصنع الأفكار، وتحترق جهدًا وعملًا دؤوبًا في سبيل نجاح المنظومة الإدارية، تراهم يذرعون المنشأة جيئة وذهابًا، يصلحون الأخطاء ويشجعون الآخرين، ويحلون المشاكل، ويتحملون سطوة الموظفين، الذين لا يستطيعون الاقتراب من دائرة صاحب السعادة، فيكون صانع الإنجاز هذا هو «الحيطة الهبيطة» كما يقال، والتي يُنيخ فيها كثيرٌ من الموظفين آلامهم وآمالهم وغضبهم واعتراضاتهم، وهو مع ذلك صابر محتسب يرجو الآخرة، وما عند الله خَيْرٌ وأبقى . المديرون هم ماجد عبدالله، هم الذين يسجلون الأهداف وتجير لهم المنجزات، هم الذين يهزون الشباك ويحييهم الجمهور، ويُحيي ذكراهم كل وقت وكل حين، المديرون أصحاب رسوخ في الذاكرة، فهم أصحاب الجوائز وإليهم تفد الوفود ويُستوفدون إلى أصحاب المعالي ومجالسهم ومكاتبهم، لا لشيء إلا أنهم سجلوا هدفًا في مرمى الإنجاز صنعه أكثر من صانع وساهم في تكوينه أكثر من عامل، وفي النهاية المنجز لا يقبل القسمة إلا على المديرين وحدهم، الذي يذهبون بالأجور والثبور وعظائم الأمور، آما الآخرون فيظلون ضيوف شرف المرحلة وكل مرحلة، هم كمالة العدد بعد أن كانوا العدة التي يعتد بها كل مدير ليصل إلى مرافئ النجاح وشطآنه الوارفة بالظل والماء والكلأ. صنّاع الإنجاز هم حطب المرحلة ووقودها، وإذا أمد الله في عمر الواحد منهم، يؤول أمره إلى أن يصير مجرد ضيف «حكواتي» كهل عجوز في قهوة أو «مشب» كشاهد على العصر، يحكي تجربة ذلك المدير ومآثره ومثالبه. صناعة الإنجاز حلم يبدأه المبدعون ويخوض غماره المخلصون الطيبون، ويقطف ثماره مدير على كرسي وثير.
مشاركة :