ذهب مسرعاً من حيث أتى

  • 4/11/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ذهب مسرعاً من حيث أتى زيد الحلّي غادر بغداد، قبل نحو ثلاثين عاما، ظل قلبه ينبض بحبها..لكن اتصالات الاهل به، وحديثهم غير المشجع عن المدينة التي شهدت ولادته، وتربى بين ازقتها وحواريها، و اكمل دراسته.في جامعتها، جعلته لا يفكر بزيارة بغداد، منتظرا فرصة عودة الهدوء والدعة، ليعود مصطحبا اسرته التي كثيرا ما سمعت احاديثه الجميلة عن العاصمة.. غير ان.مناسبة عقد قران شقيقه الاصغر، كانت مناسبة للقدوم، فحزم حقائبه، وحط في ارض المطار، مع اسرته، مشاركاً فرح اهله بهذه المناسبة. قضى ايامه الاربعة الاولى، في بيت ابيه، مستقبلا ضيوفه من الاقارب والاصدقاء الذين رحبوا بمقدمه، وفي يومه.الخامس خرج منذ الصباح مع ابنيه في جولة متفقدا حبيبته بغداد.. فخرج بانطباعات، لا تسر.. كتبها لصديق عزيز له.. قائلا :. لاحظت كماً هائلاً من التراكمات، جعل بغداد تعود القهقري الى سني العشرينات، وتصطف توأماً لمدن افريقية، وهي التي توقعت لها دراسات حضرية عالمية في سبعينيات القرن المنصرم، ان تكون العاصمة العربية الاولى في التنظيم والنظافة والبيئة، لاسيما بعد ان وضع لها مهندسون عالميون.دراسات وتصميما اعتمد الارث الحضاري البغدادي، يتناسب مع انبثاق الثورة المعمارية العالمية بدأ من مترو بغداد وتفرعاته العديدة، الى مجمع الوزارات والكليات والمجسرات ومتنزهات شرق بغداد ودار الاوبرا و.. و.. و.. وغيرها.. كم تمنيت ان يبدأ.المسؤولون، إعادة الاشياء الى واقعها السابق، لأحياء صورة بغداد التي نهشتها عقول الجهالة، والحقد الحضاري… مثلا، ان تعود سيارات مياه تنظيف الشوارع والازقة الى عهدها المعروف، وان.ويعود ” الباب الشرقي ” الى حضن الماضي الجميل، ونصب الحرية الى مجده، وان تتحول الارصفة الى عابري السبيل وليس الى اكشاك ومكبات ، وينفض عن شارع الرشيد رداء الذل المتمثل بهجين البضائع وان تعود ” الشورجة ” الى مجمع تسويقي تراثي كما كان، وان يتم السعي الى تحقيق لقاء مع اصحاب دور السينما والمسارح وتذليل الصعاب لعودة الحياة الى تلك المنافذ الثقافية.. اهالي بغداد، والمحافظات، وجدتهم يتمنون رؤية شارع السعدون وساحة النصر والبتاويين والفضل والبياع والحرية والاعظمية والكاظمية وبغداد الجديدة والكسرة، وغيرها، خالية من سراق المتعة البريئة، وان تعود توقيتات انطلاق حافلات نقل الركاب واكشاك باعة الصحف.. وشخصياً ارى ان ذلك سهل التطبيق والتنفيذ، لكن يبدو ان هذا الامر لن يتم إلا بإبعاد العناصر التي تسببت في ظلامية صورة بغداد، فدعاة اعادة ألق بغداد،.كمدينة شهيرة في عمق التاريخ، ودعاة تحويلها الى قرية ومساكن صفيح ، ضدان لا يلتقيان، ونقيضان لا يجتمعان على سطح واحد، في وقت واحد،لأن أحدهم محكوم للآخر، واقع تحت قهره وسلطانه..! وختم صاحبنا، انطباعاته.بعبارة ذات معنى كبير وهي : بغداد تبكي قهرها، بسبب ضياع الهوية.. ثم لملم امتعته، وصحب عياله عائدا من حيث أتى!

مشاركة :