أزمة أشباه الموصلات تقوّض الصناعة العالمية

  • 4/12/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أزمة أشباه الموصلات تقوّض الصناعة العالمية باريس- تواجه قطاعات صناعية كثيرة تشمل الهواتف الذكية والألعاب الإلكترونية والسيارات منذ عدة أشهر صعوبات في التزود بأشباه الموصلات بفعل تداعيات جائحة كورونا على نشاط المصانع في وقت ترتكز فيه الأنظار على زيادة الاستثمارات في هذا المجال لتغطية النقص، غير أن خبراء يقولون إن القدرات الإنتاجية الجديدة لن تصل إلى الأسواق قبل عامين. ومرت أزمة أشباه الموصلات بمحطات ومراحل كثيرة منذ انتشار جائحة كورونا في العالم مما وجه ضربات متتالية للعديد من القطاعات الصناعية. وتشمل أشباه الموصلات المواد نفسها وأشهرها السيليسيوم، والمكونات الإلكترونية المصنوعة بها، مثل الرقائق التي تسمح للأجهزة الإلكترونية بالتقاط البيانات ومعالجتها وتخزينها. وهذه المكونات أساسية لأجزاء كاملة من الصناعة العالمية، وتدخل في صناعة العديد من الأدوات التي نستخدمها بصورة يومية. فنجدها في الأجهزة الإلكترونية والموصولة، مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر ومشغّلات ألعاب الفيديو والسيارات، ولاسيما لوحات التحكم فيها، والطائرات والشبكات المعلوماتية والهاتفية وغيرها. وهي في غالب الأحيان دقيقة الحجم. وقال رئيس مجلس إدارة مكتب “يول ديفيلوبمنت” المتخصص في أشباه الموصلات جان كريستوف إيلوا إن “المكونات الأكثر تطورا يتراوح حجمها بين 5 و7 نانومتر”. وأوضحت أستاذة الاقتصاد في كلية إدارة الأعمال في منطقة نورماندي الفرنسية ماتيلد أوبري في تصريحات صحافية أنه بما أن هذا القطاع يتطلب الكثير من الاستثمارات، اختارت الشركات أحيانا التخصص إما في البحث والتطوير وإما في الإنتاج، مشيرة إلى أن “هذا الاختصاص يسري كذلك على صعيد الدول”. والمنتجون الرئيسيون لأشباه الموصلات هم في تايوان (تي.إس.إم.سي) وكوريا الجنوبية (سامسونغ وإس.كاي هاينيكس). أما الولايات المتحدة، ففيها شركة منتجة كبرى هي إنتل. أوروبا أيضا ركزت على الأبحاث ولا تملك سوى قدرات إنتاج ضئيلة. وقالت أوبري إن “القطاعات الأكثر استهلاكا لأشباه الموصلات كانت أول المتضررين”، مشيرة إلى أجهزة الاتصالات مثل مشغلات الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر والهواتف. كما أشير إلى النقص في بعض الرقائق لتبرير الصعوبات في توافر أجهزة بلاي ستيشن 5 من شركة سوني وآخر مشغلات إكس بوكس من شركة مايكروسوفت. ولكن الضحية الأولى اليوم هي قطاع السيارات حيث تم على سبيل المثال وقف الإنتاج في أحد مصانع ستيلانتيس في فرنسا، فيما تباطأ العمل في مواقع لشركتي جنرال موتورز وفورد في الولايات المتحدة. وبالنسبة إلى قطاع السيارات العالمي، توقع المحلل لدى وكالة موديز للتصنيف الائتماني ماتياس هيك في مذكرة “تراجع حجم الإنتاج بحوالي 2 في المئة هذه السنة”. كما بدأت شركات لصنع الأدوات الكهربائية المنزلية تجد صعوبة في التزود. وواجه مصنعو الرقاقات الإلكترونية زيادة مفاجئة في الطلب لتجهيز المنتجات الإلكترونية مع ارتفاع الطلب على أجهزة الكمبيوتر ومشغلات الألعاب الإلكترونية في ظل انتشار وباء كوفيد – 19 وما واكبه من عمل عن بعد وحجر منزلي. إلا أن سوق أشباه الموصلات كانت بالأساس تحت الضغط بفعل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وعمدت شركات كبرى مثل هواوي العام الماضي إلى تخزين كميات كبرى للحد من وطأة العقوبات. وحذر إيلوا من أن “هذا الطلب الزائد سيهدأ في غضون ستة إلى تسعة أشهر لأنه من المتوقع أن نعود إلى نشاطات طبيعية أكثر على صعيد السيارات وأجهزة الكمبيوتر إلخ…. لكن الأزمة ستتراجع حدتها من غير أن تتبدّد”. ومع فورة الحاجات، ضاعف كبار المصنّعين الإعلان عن استثمارات لتعزيز قدراتهم الإنتاجية. وتعتزم إنتل استثمار 20 مليار دولار، فيما تستثمر ‘تي.سي.إم.سي’ مئة مليار. لكن إيلوا لفت إلى أنه “بما أن إنشاء مصنع جديد لإنتاج أشباه الموصلات يستغرق سنتين إلى أربع سنوات، فإن القدرات الإنتاجية الجديدة لن تصل إلى الأسواق قبل 2023 – 2024”. كيف تحاول أوروبا الحد من تبعيتها؟ رأى وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير في منتصف فبراير أن “تبعيتنا تجاه آسيا مسرفة وغير مقبولة”. وسعيا لضمان سيادته التكنولوجية بوجه الصين والولايات المتحدة في هذه السوق المقدرة بحوالي 440 مليار يورو، يطمح الاتحاد الأوروبي لإنتاج 20 في المئة من أشباه الموصلات في العالم بحلول 2030، ما يساوي ضعف حصته الحالية من الإنتاج. وهل سيكون ذلك كافيا لدفع شركات أوروبية كبرى مثل الهولندية “إن.إكس.بي” والفرنسية الإيطالية “إس.تي مايكرو إلكترونكس” والألمانية “إنفينيون” إلى أعادة توطين قسم من إنتاجها في أوروبا؟ يرى إيلوا أن “هذا قد يدفعها إلى معاودة الاستثمار في أوروبا، وهو ما لم تفعله منذ وقت طويل جدا”. ويعتزم البيت الأبيض درس كيفية تعزيز إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة خلال قمة عبر الإنترنت ينظمها الإثنين بمشاركة رؤساء شركات تضررت جراء الأزمة.

مشاركة :