العراق والعودة إلى الحضن العربي.. زمن الغربة انتهى

  • 4/13/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل العراق نقطة ارتكاز في الشرق الأوسط ويمثل عمقاً استراتيجياً لأشقائه العرب، غير أنه دخل في غربة إجبارية بعد غزوه الكويت في أغسطس العام 1990، زمن الرئيس صدام حسين، ومع سقوط نظام صدام في 9 أبريل 2003 تنفس العراقيون الصعداء وظنوا أن تغريبتهم ستنتهي خصوصاً مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية التي تمثل المجال الحيوي للعراق غير أن تنامي النفوذ الفارسي وسيطرة الميليشيات العراقية المدعومة من إيران ووصول قيادات توالي طهران عمق الغربة العراقية، وسط محاولات حثيثة من المملكة من أجل عودة العراق إلى الحضن العربي، ومع سقوط حكومة نوري المالكي الذي جهد إلى فصل العراق عن المملكة ومع مجيء حكومة حيدر العبادي في العام 2014 بدأ الأمر يتغير، حيث اعتبرت المملكة "العبادي" سياسيًا أكثر انفتاحاً ورأت في هذا التطور السياسي فرصة لاكتساب العراق وعودته إلى الحضن العربي، وفي عام 2017 زار "العبادي" الرياض والتقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكان القرار السعودي عام 2016 بإعادة فتح سفارة المملكة في بغداد الخطوة المركزية الممهدة لزيارة العبادي، وعودة العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة استمرت لمدة 25 عاماً، وفي هذا السياق كثفت المملكة محاولاتها لإصلاح العلاقات مع العراق في محاولة لمواجهة النفوذ الإيراني في العراق، وتعزيز اقتصادها وموقعها الإقليمي، وعمل القادة السعوديون على إنشاء مجلس التنسيق العراقي - السعودي المشترك عام 2017. وفي تطور رئيس عام 2020، تم فتح معبر عرعر الحدودي بين المملكة والعراق، ويتكون مشروع "عرعر"، الذي تبلغ تكلفته 69 مليون دولار، من طريق يبلغ طوله حوالي 150 ميلاً يساعد في تنمية الاتصال والتنقل بين البلدين، ويوفر فرص عمل، ويساهم في تعزيز التجارة والاستثمار في المستقبل. فقد نمت قيمة صادرات المملكة إلى العراق من 23 مليون دولار في عام 2000 إلى 651 مليون دولار في عام 2018، ويبدو الارتباط الاقتصادي بين المملكة والعراق واعداً لكلا البلدين، إذ ترحب حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بهذا الارتباط بأذرع مفتوحة، وتجلى ذلك في زيارة الكاظمي للرياض بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز حيث وقعت المملكة والعراق خمس اتفاقيات تعاون في مجالات اقتصادية وثقافية، تتمثل في منع الازدواج الضريبي بين حكومة العراق والمملكة، وكذلك تمويل الصادرات السعودية، إضافة إلى توقيع اتفاقية مشتركة للتعاون في مجال التخطيط التنموي، للتنوع الاقتصادي والقطاع الخاص، وأيضاً مذكرة للتعاون بين المكتبة الوطنية دار الكتب والوثائق وبين دار الملك عبد العزيز، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين شبكة الإعلام العراقي وهيئة الإعلام والإذاعة السعودية، وفقاً لما كشفه مستشار الكاظمي حسين علاوي. ناهيكم عن ما أعلنه وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد عبدالله القصبي حيث كشف أن هناك 13 اتفاقية يعكف عليها البلدان في جميع المجالات، وأنها في مراحلها الأخيرة، مؤكداً أن العراق يجب أن يعود إلى الحضن العربي. فالمملكة تنظر بإيجابية إلى الدعوات المقدمة من الجانب العراقي لزيادة الاستثمارات السعودية في العراق، لا سيما في المجالات الحيوية مثل الطاقة، وتحلية المياه، والصناعات الغذائية، فالاستثمارات السعودية في العراق تبلغ حالياً ملياري ريال (حوالي 533 مليون دولار)، وسط وجود رغبة حقيقية لتوسيع الاستثمارات السعودية إلى عشرة مليارات ريال (2.7 مليار دولار)، لا سيما أن لدى المملكة توجهاً نحو إنشاء وتشغيل المنطقة اللوجستية في منفذ جديدة عرعر لتكون منطقة اقتصادية خاصة. وعليه فإن زيارة الكاظمي وتوقيع حكومته للاتفاقيات يؤشران إلى عودة العراق إلى الحضن العربي بعد زمن الغربة.

مشاركة :