عشرات القتلى والمصابين.. ماذا يحدث في دارفور بالسودان؟

  • 4/12/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أحداث عنف واشتباكات مسلحة تشهدها منطقة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان على مدار عدة أيام ماضية، أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة مئات آخرين، لكن ما سبب هذه الأحداث الدموية؟. حسب أهالي الجنينة فإن الأحداث بدأت قبل أسبوع بجريمة عادية وهي تعرض أشخاص يستقلون سيارة إلى القتل أثناء خروجهم من المدينة على يد مجموعة مسلحة، ليتبعها سلسلة من الاشتباكات بعضها بالأسلحة الثقيلة. واتهم والي غرب دارفور عبد الله الدومة في تصريحات سابقة الأجهزة الأمنية بعدم القيام بدورها لوقف نزيف الدم الذي تشهده مدينة الجنينة منذ 5 أيام، مؤكداً أن إنسان دارفور تُرك وحيداً لمواجهة مصيره، وأنهم طلبوا قوات إضافية لكنها لم تصل إلى الولاية حتى الآن. ورأى خبراء ومحللون سياسيون من السودان، أن الأزمة في دارفور قديمة ومتعلقة بصراعات قبلية، مشددين على أن امتلاك بعض هذه المجموعات أسلحة هو السبب الرئيس في الاشتباكات المتكررة، وأنه من الضروري استكمال خريطة الطريق ونزع الأسلحة من هذه المجموعات. وقالت الدكتورة تماضر الطيب، الأستاذة بمركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، إن الأزمة في دارفور قديمة وبدأت أحداثها في عام 2003، لكن جذورها أقدم من ذلك ومتعلقة بصراعات وثقافات قبلية وخلافات حول المراعي والمناطق الزراعية، موضحة أن الأمر تطور إلى النهب المسلح وقطع الطرق وأخيراً الحرب بسبب حصول بعض المجموعات القبلية على أسلحة بطريقة أو بأخرى. وأشارت لـ «الاتحاد» إلى أن الحكومة الانتقالية بعد النظام البائد أطلقت حملة لجمع السلاح بهدف إحلال السلام وتطبيق الشروط التي وُضعت لتنفيذها لتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي لكن هذه الحملة لم تنجح في جمع كل الأسلحة، مؤكدة أن الأحداث الأخيرة كشفت عن وجود أسلحة ثقيلة تمتلكها مجموعات قبلية وهو ما يمثل تحدياً أمنياً كبيراً أمام الجهات المسؤولة. واتخذ مجلس الدفاع السوداني أمس 8 قرارات عاجلة لمواجهة الوضع الحالي في الجنينة، على رأسها تشكيل ودفع قوة مشتركة من القوات النظامية وكافة أطراف العملية السليمة كقوة مرنة قادرة على التدخل السريع لحفظ الأمن في دارفور، وتفعيل إجراءات جمع السلاح واتخاذ مايلزم من تدابير لمنع مظاهر الوجود المسلح في المدن، ومراقبة الحدود لمنع تدفق وانتشار السلاح. واعتبرت الباحثة السودانية أن الحل الوحيد لهذه الأزمة المتكررة هو نزع السلاح من هذه المجموعات وفي حالة عدم حدوث ذلك سيستمر الصراع والاشتباك، نافية وجود علاقة بين ما يحدث في دارفور بخروج قوات اليوناميد التابعة للأمم المتحدة، موضحة أنها مسألة داخلية قبلية بحتة ويتم حلها داخلياً بنزع السلاح ونشر ثقافة السلام التي نُشرت في مناطق عدة لكن لم تصل إلى أعماق القبائل وهذه المجموعات ومحاربة الجهل وغياب التعليم. وحسب آخر إحصائية نُشرت حول ضحايا الاشتباكات القبلية التي شهدتها الجنينة، فإن هناك 144 قتيلاً وأكثر من 300 جريح، إذ أكد والي ولاية غرب دارفور محمد عبد الله الدومه أن الذين شاركوا في القتال ميليشيات لا هدف لها سوى النهب والسلب. وأضاف والي غرب دارفور في تصريحات سابقة أن هذه الميليشيات عابرة لدول الجوار الإقليمي للسودان، بعضها جاء من تشاد وبعضها من ليبيا لكن من دون علم هذه الدول كما جاء بعضهم من شمال دارفور وجنوب دارفور ومنطقة وادي صالح بوسط دارفور. الدكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكدت أنه على الرغم من أن النزاعات الأخيرة في دارفور تأخذ طابعاً قبلياً أكثر منه سياسياً، ولكن عدم انخراط عبدالواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان بدارفور في عملية سلام جوبا حتى الآن يحافظ على مناخ الاحتقان بالإقليم، خاصة بعد الحوداث غير مبررة على المستوى القبلي مثل الحادثة الأخيرة التي تتعلق باختطاف سيارة إسعاف في أقصى غرب دارفور بمدينة الجنينة. وأشارت لـ «الاتحاد» أيضاً إلى عدم انخراط قادة الجبهة الثورية الموقعين على اتفاق السلام مع الحكومة في التفاعل مع أهاليهم على الأرض على نحو إيجابي وقبعوا وقواتهم في الخرطوم ينتظرون الخطوات الإجرائية للاتفاقية التي لم تنجز والمتعلقة بالسلطة، معتبرة أن البيان الصادر من قائد الجبهة الثورية بدارفور مني أركو ميناوي هو مؤشر مهم على ذلك. وحدد بيان قائد الجبهة الثورية بدارفور الإجراءات الخاصة بتشكيل ما تبقى من هياكل السلطة، وخاصة حاكم الإقليم بكامل صلاحياته الفيدرالية، وكذلك البدء في الترتيبات الأمنية وتشكيل القوات المشتركة لحفظ الأمن في الإقليم، وهي القوات التي تتكون من قوات حركات دارفور الموقعة على اتفاق سلام دارفور، وقوات من الجيش السوداني، في حدود 12 ألف عنصر وتأخر تكوينها لمدة ثلاثة أشهر. وذكرت أن العامين الأخيرين شهدا سقوط ما يزيد على ألف ضحية نتيجة للعنف في دارفور، موضحة أن هذا الملف يعد أحد المهددات المؤثرة على الفترة الانتقالية بل على سلامة الدولة السودانية. واعتبرت أسمهان إسماعيل، الباحثة في جامعة الخرطوم، أن أحداث الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور لا تنفصل عن الصراعات القبلية التي شهدتها القارة الأفريقية في العقود الماضية، حيث ينشأ صراع بين مجموعتين اثنيتين أو أكثر حول الموارد الطبيعية وفي مقدمتها ملكية الأرض والتي تعرف في إقليم دارفور بالحاكورة. وأوضحت لـ «الاتحاد»، أن هذه المنطقة يسكن بداخلها مجموعة من القبائل العربية وغير العربية بخلاف جماعة المساليت، مشيرة إلى أن ذلك ينشأ عنه صراع إثني سياسي حول ملكية الأرض يغذيه انتشار السلاح خارج إطار الدولة والتداخل الأثني مع دول الجوار. وأشارت الباحثة في جامعة الخرطوم إلى أن أحداث الجنينة الأخيرة هي الأشرس في إقليم دارفور، حيث خلفت أعداداً كبيرة من القتلة والجرحي ونزوح آلاف الافراد من منازلهم في ظل وضع أمني معقد للغاية وغياب تنفيذ الترتيبات الأمنية لاتفاقية جوبا للسلام والتي بموجبها يتم نشر 12 ألف جندي من القوات النظامية والحركات الدارفورية المسلحة الموقعة علي اتفاق السلام. وأكدت أيضاً وجود العديد من الحركات المسلحة في إقليم دارفور غير الموقعة علي اتفاق السلام وهي تشكل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار تحت أي لحظة مغذية الصراع الإثني في المنطقة، بالإضافة إلى عدم تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحات المجتمعية. دارفور

مشاركة :