عشرات القتلى في أحدث موجة عنف قبلي تضرب دارفور

  • 4/27/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم - ترخي عودة العنف في دارفور بظلال ثقيلة والمزيد من التوترات في السودان فيما تكابد السلطة التي يديرها العسكر للخروج من أسوأ أزمة اجتماعية وسياسية واقتصادية. وفي أحدث دوامة عنف بالإقليم المضطرب أوقعت الاشتباكات الأخيرة بين القبائل العربية وغير العربية غربي السودان، أكثر من 210 قتلى، فيما أدانت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ما وصفتها بـ"أعمال العنف المروعة". واندلعت موجة العنف الجديدة بعد أن هاجم مسلّحون من قبيلة عربيّة قرى تقطنها قبيلة المساليت غير العربيّة، ردا على مقتل اثنين من القبيلة الخميس الماضي، وفق ما أوضحت التنسيقيّة العامّة للاجئين والنازحين في دارفور. ومنذ الهجوم شهدت ولاية غرب دارفور على مدار الأيام الماضية قتالا داميا بين قبائل عربية وغير عربية يتركز إلى حد كبير في محلية كرينك، وهي منطقة يقطنها نحو 500 ألف نسمة معظمهم يتبعون قبيلة المساليت وتبعد نحو 80 كلم عن مدينة الجنينة عاصمة الولاية. وقُتل العشرات في دارفور منذ انقلاب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان على شركائه المدنيين في السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول وما تسبب به من فراغ أمني، خصوصا بعد إنهاء مهمة قوة حفظ السلام الأممية في الإقليم إثر توقيع اتفاق سلام بين الفصائل المسلحة والحكومة المركزية في العام 2020. وفي الأيام الثلاثة الأخيرة أوقعت أعمال العنف 213 قتيلا على الأقل، بحسب حصيلة أعلنها حاكم الولاية. ووصف والي غرب دارفور خميس أبكر في تسجيل فيديو نُشر ليل الثلاثاء ما حدث من هجوم ضد المحلية بأنه "جريمة بحق الإنسانية وجريمة بحق الأخلاق وحتى الدين"، مشيرا إلى أن كرينك "تم تدميرها نهائيا بمؤسسات الحكومة بما في ذلك رئاسة المحلية". وقال إن محلية كرينك بالولاية شهدت صباح الأحد هجوما "وهذه الجريمة الكبرى خلفت نحو 201 قتيلا و103 جرحى". وفيما اجتمع مجلس الأمن بشكل عاجل خلف أبواب مغلقة بناء على طلب المملكة المتحدة وألبانيا وفرنسا وأيرلندا والنرويج والولايات المتحدة، لم يُنشر نص مشترك يدين عمليات القتل في نهاية هذه الجلسة. وصرح سفير طلب عدم الكشف عن هويته بأن المناقشات مستمرة حول هذا الموضوع. وعن توجيه وجهاء قبيلة المساليت الأربعاء نداء إلى مجلس الأمن الدولي لوضع قراهم تحت "الحماية الدولية"، قال مصدر دبلوماسي إنه لم تجر "مناقشة هذه النقطة تحديدا" بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر. ولكن في جنيف، أدانت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الأربعاء أعمال العنف التي أودت بحياة العشرات خلال الأيام الثلاثة أيام، وطالبت بفتح تحقيقات "محايدة ومستقلة" في الهجمات "المروعة". وأعربت مفوضة حقوق الإنسان عن القلق من تكرار حوادث العنف القبلي الخطيرة في المنطقة والتي تحصد أعدادا كبيرة من الأرواح. وأدان مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس عمليات القتل الاثنين ودعا إلى إجراء تحقيق كما فعلت واشنطن ولندن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وبدأت أعمال العنف هذه الجمعة في كرينك وخلفت ثمانية قتلى و12 جريحا، بحسب ما أكد الوالي في مقطع الفيديو. كما سقط أربعة قتلى على الأقلّ في مواجهات دارت الاثنين في الجنينة التي امتد إليها القتال. وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن أكثر من 1000 مسلح من قبيلة الرزيقات العربية هاجموا البلدة في ذلك اليوم الذي قتل فيه ثمانية رجال على الأقل ينتمون إلى قبيلة المساليت الأفريقية وسبعة رجال عرب. وينشط في المنطقة مقاتلون كثر تابعون لمليشيات عدة غالبا ما يتنقلون في شاحنات صغيرة محملة بمدافع رشاشة. وألقى أبكر اللوم على بعض القوات الحكومية المشتركة المكلفة بتأمين المنطقة حين "انسحبت القوة المشتركة بدون مبرر وتركوا المواطنين العزل في المدينة"، بعد شن الهجوم عليها. ونقل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن مصادر محلية إشارتها إلى أن النيران أضرمت في مركز الشرطة وأن المستشفى تعرض لهجوم وأن السوق "نُهبت وأحرقت". وتم تعليق توزيع المساعدات الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي لأكثر من 60 ألف شخص، فيما أعلنت الأمم المتحدة أن هجمات طاولت بلدات قريبة. والثلاثاء أعلنت المنظمة غير الحكومية "أطباء بلا حدود" مقتل عدد من العاملين في مجال الرعاية الصحية في معارك طاولت الهجمات فيها مستشفيات. وجاء في بيان للمنظمة أن "طواقم 'أطباء بلا حدود' لم تتمكن من الوصول إلى منشآت الرعاية الصحية التي ندعمها أو من ممارسة أنشطة العيادات المتنقلة". وأدى النزاع الذي اندلع في دارفور في العام 2003 إلى مقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون من قراهم، وفقا للأمم المتحدة. واندلع النزاع في الإقليم عندما حمل أعضاء من الأقليات الإتنية السلاح ضدّ النظام السوداني، فردت السلطات المركزية بإنشاء ميليشيات معظم أفرادها من البدو العرب في المنطقة عرفت بالجنجويد. وفي حين وقّعت الفصائل المتمردة الكبرى اتفاق سلام في العام 2020، لا تزال المنطقة تشهد أعمال عنف على خلفية استغلال المساحات الزراعية وتربية المواشي كما واستخدام المياه. واتّهم شهود ميليشيا الجنجويد العربية بتدبير الهجوم على قبيلة المساليت. وبحسب منظمات حقوقية تم دمج عدد كبير من عناصر الجنجويد في قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الذي يرأسه البرهان. ودعت هيئة محامي دارفور مجلس الأمن الدولي إلى المساعدة في كبح أعمال العنف في بيان أدانت فيه "القتل الجماعي للأطفال والنساء والعجزة". وبطلب من الحكومة السودانية أنهيت في ديسمبر/كانون الأول من العام 2020 مهمّة البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور "يوناميد" بعد 13 عاما على تفويضها.

مشاركة :