بوتين وشي جيــن بينغ يختبران إرادة بايدن في أوكرانيا وتايوان

  • 4/14/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هل هي مجرد مصادفة أن تكثف روسيا ضغوطها العسكرية على أوكرانيا الأسبوع الماضي وفي الوقت نفسه تُشهر الصين سيفها في وجه تايوان، وفي الوقت ذاته تتجه كل من روسيا والصين نحو تحالف أوثق من أي وقت مضى؟ ولكن على الرغم من عدم وجود دليل على تواطؤ مباشر بينهما بشأن أوكرانيا وتايوان، فإن الرئيسين فلاديمير بوتين، وشي جين بينغ، يعلمان تماماً ودون أدنى شك تصرفات بعضهما، وهذه التصرفات لها تأثير متبادل يعزز كل منهما الآخر: اختبار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. ويمكن تصوير ما تتكشف عنه الأحداث الآن على أنه تحقيق لما توقعته رواية الكاتب جورج أورويل الكابوسية «1984»، التي تتحدث عن عالم مقسم جغرافياً وسياسياً وعسكرياً إلى ثلاث دول متنافسة: أوقيانوسيا (أميركا الشمالية بالإضافة إلى بريطانيا)، أوراسيا (روسيا وأوروبا)، إيستاسيا (الصين). وتزامن نشر رواية أورويل في عام 1949 مع تشكيل منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) بقيادة الولايات المتحدة، وظهور الاتحاد السوفييتي كقوة مسلحة نووياً بقيادة جوزيف ستالين. كما شهدت إعلان الزعيم الصيني ماو تسي تونغ جمهورية الصين الشعبية. ومع ذلك كانت تلك هي مجرد الأيام الأولى. العالم الثلاثي يتحقق بعد فترة بدا كأن توقع أورويل بمواجهة عالمية ثلاثية أمر سابق لأوانه، فقد احتاجت الصين إلى وقت لكي تتطور، وانهار الاتحاد السوفييتي في النهاية، وأعلنت الولايات المتحدة انتصارها، معلنة أنها أصبحت القطب الأوحد، ولكن بات اليوم - وفقاً لبعض المقاييس - كأن عالم أورويل الثلاثي يظهر من جديد، وأصبح عام 2021 هو 1984 الذي تنبأ به الكاتب. إذا كانت الصين وروسيا تتحدان حالياً ضد الولايات المتحدة وحلفائها، فإن ذلك يعتبر مساراً لا تهيمن فيه قوة عظمى واحدة فقط على العالم. في عام 1972 طلب الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون مساعدة الصين ضد السوفييت. ربما ستتوحد الولايات المتحدة وروسيا يوماً ما ضد بكين، بينما يصدح المغني الأميركي ميت لوف بأغنيته التي تقول عباراتها إن «اثنين من بين ثلاثة ليس أمراً سيئاً». سيقول المدافعون عن عالم متعدد الأقطاب إن التوازن الاستراتيجي والفطنة يتطلبان ذلك، ولكن عليهم أن يقولوا ذلك لسكان منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا، وشبه جزيرة القرم المحتلة، الذين يواجهون حشوداً عسكرية روسية لا تتحرى الفطنة على طول «خط التماس». ويُجمع محللون على أن بوتين ليس على وشك الغزو. واذا كان الأمر كذلك فما الذي ينوي فعله؟ ويشير اعتذاريون إلى أنه قد يكون قد تعرض للاستفزاز من قبل مرسوم أوكراني الشهر الماضي، يعلن عن ضرورة عودة السيطرة على شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها روسيا عام 2014، وسيصبح ذلك هدفاً رسمياً لحكومة أوكرانيا خلال تجدد الحديث عن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). التفسير الأكثر اعتدالاً هو أن موسكو تضغط على كييف لكسر الجمود في ما يسمى بعملية سلام مينسك، بعد انهيار وقف إطلاق النار الأخير في دونباس، فقد كسب بوتين شعبية كبيرة، لكنها عابرة، بعد ضم شبه جزيرة القرم، وفي الشهر الماضي، نظم مهرجاناً متلفزاً فخماً للاحتفال بالذكرى السنوية السابعة لاستعادة شبه الجزيرة، وأيضاً لاستعادة شعبيته المفقودة. ولكن يبدو أنه فشل، فالروس منشغلون في هذا الوقت بوباء الفيروس التاجي (والاستجابة غير الكفؤة من جانب الحكومة)، وانخفاض الدخل، وعدم اتضاح الآفاق الاجتماعية والاقتصادية، ويبدو أن تسويق بوتين لاستعادة الإمبراطورية السوفييتية قد فشل، خصوصاً لدى الشباب. إلهاء محسوب ويتعرض بوتين لانتقادات شديدة في الداخل من أنصار الناشط المعارض أليكسي نافالني، وبسبب مزاعم فساد. ويثق 32٪ فقط من الروس برئيسهم، وفقاً لاستطلاع أجراه مركز ليفادا أخيراً. وعلى هذا الأساس، يبدو الحشد العسكري ضد أوكرانيا كأنه إلهاء محسوب لأغراض سياسية محلية. ومع ذلك، ربما يكون بوتين أيضاً يختبر عمداً رد فعل الولايات المتحدة وأوروبا. لن ينسى بوتين تعهد الرئيس جورج دبليو بوش بتقديم دعم غير منقطع لحكومة جورجيا الديمقراطية الجديدة في عام 2005، ثم تهرب عندما اندلعت الحرب مع روسيا في عام 2008. وكما أشار المحلل تيد جالين كاربنتر الأسبوع الماضي، أكد البيت الأبيض بالمثل «دعم الولايات المتحدة الثابت لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها في مواجهة العدوان الروسي المستمر في دونباس وشبه جزيرة القرم»، ويبدو هذا تذكيراً بما فعله بوش. وكتب كاربنتر يقول: «إن أوجه التشابه بين تشجيع واشنطن المفرط لأوكرانيا، وخطأ بوش الفادح في ما يتعلق بجورجيا، مخيف ومثير للقلق». وأشار إلى أن الولايات المتحدة وحلف الناتو لن يخوضا حرباً مع روسيا بشأن شرق أوكرانيا أكثر مما ستخوضانه لإنقاذ أوسيتيا الجنوبية، وإذا فعلوا ذلك فستكون هذه هي الحرب العالمية الثالثة. مكمن الخطر العالمي الحقيقي هذا هو المكان الذي يكمن فيه الخطر العالمي الحقيقي، وهي الفجوة الضبابية بين الأقوال والأفعال في الصراع الثلاثي المكثف بين القوى العظمى.. هل سيتصرف بوتين انطلاقاً من الإهانة التي وجهها له بايدن بعد أن وصفه بـ«القاتل» وبسبب الخلافات العديدة المستعصية بينهما؟ الزعيم الصيني العابس دائماً كأنه رجل مستغرق في التفكير قد عانى الكثير من الويلات على أيدي الغرب، بما في ذلك اتهامات بالوحشية في هونغ كونغ، والبلطجة في البحار التي حول الصين.. ما الذي يدفعه الآن في الوقت الذي تحاصر فيه قواته تايوان؟ إحدى الإجابات هي أن شي قد يأمل أيضاً في صرف الانتباه عن مشكلاته الداخلية، وربما يواجه تحديات غير معروفة داخل الحزب الشيوعي الصيني. على الأرجح، يود أن يحيي الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني في شهر يوليو من خلال قهر ما كان يعرف بأنه آخر معقل للقومي الصيني شيانغ كاي شيك. ربما يريد شي أن يختم إرثه بإعادة توحيد تايوان، وإن توثيق علاقاته الشخصية والاستراتيجية والعسكرية مع بوتين يعني أنه سيستمر في مساره ذلك، ويحصل على بعض التصفيق. وعلى الرغم من أن التايوانيين تعهدوا بالقتال لكن لا يمكنهم أن ينتصروا بمفردهم، فالأميركيون فقط هم من يقفون في وجه شي. هل يعمل شي ببساطة على مضايقة واشنطن، أم أنه يتحداها وسيتحرك داخل تايوان قريباً؟ وعندئذ سيتمثل كابوس أورويل لبايدن والغرب على شكل غزو روسي لأوكرانيا وهجوم صيني على تايوان في آنٍ واحد، وسيكون خيار أوقيانوسيا هو إما حرب على جبهتين أو إذلال من جميع النواحي. • يمكن تصوير ما تتكشف عنه الأحداث الآن على أنه تحقيق لما توقعته رواية الكاتب جورج أورويل الكابوسية «1984»، التي تتحدث عن عالم مقسم جغرافياً وسياسياً وعسكرياً إلى ثلاث دول متنافسة: أوقيانوسيا (أميركا الشمالية وبريطانيا)، وأوراسيا (روسيا وأوروبا)، وإيستاسيا (الصين). • يتعرض بوتين لانتقادات شديدة في الداخل من أنصار الناشط المعارض أليكسي نافالني، وبسبب مزاعم فساد. ويثق 32٪ فقط من الروس برئيسهم، وفقاً لاستطلاع أجراه مركز ليفادا أخيراً. وعلى هذا الأساس يبدو الحشد العسكري ضد أوكرانيا كأنه إلهاء محسوب لأغراض سياسية محلية. سايمون تيسدال - كاتب عمود بـ«الغارديان» تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :