عواصم مصر| طيبة.. مركز عبادة الإله آمون

  • 4/14/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال شهر رمضان الفضيل تصحبكم "البوابة" في رحلة إلى عواصم مصر القديمة، حيث التاريخ العتيد، والحضارة السامقة، والمجد الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، تلك المدينة التى لم تعرف البداوة منذ نشأتها، حيث حباها الله بنهر النيل المتدفق منذ فجر التاريخ، ذلك النهر الذى لم يمنعه عائق طبيعى أو بشر من الجريان، ليكتب على ضفافه مجد أمة كانت سابقة لكل الأمم في مختلف العلوم، وستظل سابقة ما ظل النيل يجرى من أقصى جنوبها لشمالها، مسطرًا ملحمة الخلود والبقاء بأيدى أبنائها الذى حملوا رايتها وحموها بدمائهم منذ فجر التاريخ، متخذين من "حابى" مثالًا على العطاء، لذا قدسوه، وحرصوا على حمايته والزود عنه إن إعترضه عارض يهدد جريانه، لأنه بذلك يهدد بقاء هذه الحضارة المجيدة. وكما بنى قدماء المصريون العديد من عواصم مصر التي شهدت على مجدها، وشيدت على جدران معابدها ملاحم البطولة والنصر، ووقائع التضحية والفداء، فها هم أبناء مصر يبنون الآن عاصمتهم الجديدة، لتكون امتدادًا لما شيده الأجداد. كما شهدت جدران عواصم مصر القديمة القوية الصامدة في وجه الزمان على براعة المصرية القديم في مختلف العلوم من طب إلى فلك وهندسة بناء وفلسفة، كما كانت هذه العواصم الخالدة شاهدة على الشعب الموحد الذي عرف الإله وعبده ومجّده ولم يتخذ من دونه آلهة، وهو ما جعل مصر من أول عواصم التوحيد، ليخرج من شعبها أوائل المؤمنين. وفى اليوم الثانى من رمضان نتناول قصة مدينة طيبة التى تعود إلى عام 3200 قبل الميلاد، المعروفة بعظمتها وثرائها، حيث نالت اهتمام قدماء المصريين، فكانت عاصمة لهم، ومركز عبادة الإله آمون رع "إله الشمس"، ولذلك شيّدوا فيها العديد من القصور والمعابد المخصّصة لمختلف آلهة مصر. كان بناء تلك المعابد كان من الأحجار الثقيلة، ممّا ساهم في بقائها حتى يومنا هذا رغم مرور ألاف السنين، وهذا بدوره ساهم في استمرار مدينة طيبة كمركز مهمّ للعبادة عبر تاريخ مصر، حيث أصبحت طيبة أكبر مدينة في العالم من حيث عدد السكان خلال فترة العمارنة "1353-1336 قبل الميلاد"، إذ وصل عدد سكانها إلى ما يُقارب 80،000 نسمة، وخلال تلك الفترة نقل الفرعون أخناتون العاصمة من مدينة طيبة إلى مدينة أخيتاتون، وذلك بهدف فصل عهده عن عهد أسلافه كليًّا، ولكن بمجرّد تولّى ابنه توت عنخ آمون الحكم أُعيدَت العاصمة إلى طيبة. سكن المصريون القدماء الجزء الشرقى من مدينة طيبة، واعتبروها دار الحياة، فعاشوا ومارسوا حياتهم فيها، كما تعبّدوا في المعابد القريبة منهم، أمّا الجزء الغربى"البر الغربى" منها فقد اعتبروه دار الممات، ولِذلك كانوا يبنون فيه قبورهم، ولهذا السبب نجد القليل من المعابد الجنائزية في وادى الملوك في البرّ الغربى لمدينة طيبة، على عكس مدينة الأحياء على الضفّة الشرقية التى تضمّ العديد من المعابد الكبيرة كمعبد الكرنك ومعبد الأقصر. تُعدُّ مدينة طيبة "الأقصر حاليًا" إحدى أكثر الوجهات السياحية زيارةً في العالم، وذلك بسبب احتوائها على العديد من المعابد التى كان لها دور أساسى في توضيح طبيعة الحياة اليومية والمعتقدات الدينية التي كانت سائدة قديمًا، وذلك من خلال الرسومات الفنية والنقوشات المُتقنة على جدرانها، وقد بُنِيَت معظم الآثار والمعالم السياحية الشهيرة في مدينة طيبة من قِبل أعظم ملوك مصر خلال عصر الدولة الحديثة، ومنها "وادي الملوك والملكات، والذى يعدّ المثوى الأخير للعديد من ملوك وملكات مصر، معبد الكرنك، وهو أحد أكبر معابد مصر القديمة، وقد بُنيى لتكريم الإله آمون، وزوجته موط، وابنهما خونسو، إذ تمّ اختيارهم من بين العديد من الآلهة الأخرى، مثل حتحور، وسوبك، وحورس، كما تضم المدينة معبد الملكة العظيمة حتشبسوت "الدير البحري"، وهو أحد المعابد الجنائزية في مدينة طيبة، إضافة إلى تمثالى ممنون، واللّذين يُعدّان بمثابة حرّاس على المدينة، ومعبد أبو سمبل الجنائزى، وهو أحد المعابد الفرعونية، وقد بُنِى بهدف تخليد انتصار الفرعون رمسيس الثانى في معركة قادش "1275 قبل الميلاد"، والتى تعدّ أكبر إنجازٍ له، وأحد أهم المعارك الحربية في التاريخ المصرى القديم.

مشاركة :