سر الكهنوت للمرأة لقداسة البابا بندكتوس السادس عشر

  • 4/15/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تردد مؤخرا الحديث كثيرا عن سر الكهنوت للمرأة وتنشر "البوابة نيوز" نصا من كتاب الفكر المسيحي بين الأمس واليوم 34، بيروت، 2009، ص164- 167، قائلا كذلك وفي سؤال آخر، وهو سرّ الكهنوت للمرأة، نجد الـ "لا المطلقة" من الدوائر المتخصّصة هي "لا"، غير قابلة للتنازل. كما أعاد البابا التأكيد على هذا القرار في خريف 1995م حيث قال: "لا نملك الحقّ في تغييره". إذا فكرنا جديًّا نجد أنّه من غير المقبول إذًا أن يكون بولس قد حدّد ذلك، لأن كلّ ما هو جديد يحلّ محلّ أمور كانت قبله تُعتبر مقدسة. لقد قام بولس بأفعال جديدة السؤال هو: متى يحقّ وضع حدٍّ لترتيب قديم؟ وماذا نفعل بالجديد؟ وأليس تقصير التاريخ خدمة للوثنية وعجزًا عن مواكبة حريّة الإنسان المسيحيّ؟ أعتقد بأن هناك حاجة لبعض التوضيحات. التوضيح الأوّل هو أنّ بولس لم يقدم على الجديد باسمه، إنما باسم المسيح كما أنّه شرح بشكل واضح جدًا أن من يعترف بالتجلّي، الذي ظهر في العهد القديم لكنّه من ناحية أخرى ووفق مزاجه، يقدم على تغيير بعض الأمور، إنّما هو يخطئ. كان بإمكان الجديد أن يأتي لأن الله وضع الجديد في يسوع وبصفته خادمًا لهذا الجديد عرف أنه ليس هو من أوجده لكنه كان نابعًا من جديد المسيح ذاته. وهذه الجدّة مرتبطة بما سبقها: وهنا بقي حازمًا جدًا عندما تفكر مثلًا بحديث بولس عن العشاء السري حيث يقول بوضوح: "لقد بلّغتُ ما بُلّغتُ". ويتابع الشرح بوضوح، أنّه متمسّك بما فعل المسيح في ليلته الأخيرة، وما وصل إليه بالتناقل. أو في بشارة القيامة، حيث يقول مجددًا لقد تلقّيته كما التقيته بنفسي. وهكذا نعلّم جميعًا ومن يفعل غير ذلك فهو يبتعد عن المسيح إن بولس يميّز بشكل واضح جدًّا بين جديد يأتي من المسيح، والارتباط به الذي وحده يشرع له أن يقدم على الجديد. هذه هي النقطة الأولى. أما النقطة الثانية فهي أنّ كلّ المجالات التي لا يحدّدها السيد أو التقليد الرسولّي كلّها خضعت لتحولات – متلاحقة- حتى يومنا السؤال هو التالي: هل تأتي من السيد أو لا؟ إن الجواب الذي أكّد عليه البابا والذي أعطيناه نحن أيّ مجمع الإيمان حول موضوع الكهنوت للمرأة لا يقول إن البابا أعطى تعليمًا معصومًا عن الخطأ إنما معناه الأصح هو أن البابا وجد أن الكنيسة والمطارنة في كل مكان وكل زمان علموا وتصرفوا على هذا النحو إن المجمع الفاتيكاني الثاني يقول حيث يحدث أن المطارنة وعلى مدى حقبة زمنية طويلة علموا وتصرفوا بالطريقة نفسها فهذا معصوم عن الخطأ وهذا تعبير عن ارتباط ليسوا هم الذين أوجدوه إن جواب البابا يرتكز على المقطع الخامس والعشرين من "نور الأمم" فالأمر لا يتعلق إذًا بعصمة أثبتها البابا لأن الفرض مبني هنا على استمرار التقليد الذي يُعد مهمًا بأصالته ولم يكن يومًا من المسلمات وكان للديانات الوثنية القديمة كاهنات وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحركات الغنوصية في ما بعد وقد اكتشف باحث إيطالي مؤخرًا أنه في القرنين الخامس والسادس كانت هناك مجموعات من الكاهنات في جنوبي إيطاليا وأن الأساقفة والبابا تصدوا آنذاك لهذا الأمر فالتقليد لم يولد في البيئة وإنما نشأ في داخل المسيحية. وأضيف أخيرًا: يبدو لي مفيدًا عن التشخيص الذي أصدرته حول هذا الموضوع إحدى الكاثوليكيات الأنثويات الأكثر أهمية وهي "إليزابيت شوسلر- فيورنزا" E. Schussler - Fiorenza و"إليزابيت" امرأة ألمانية اشتهرت بتفسير الإنجيل وتأويله وكانت قد درست التأويل في "مونستر" Munster، حيث تزوجت من رجل إيطالي – أمريكي من فلورنسا كان يدرس آنذاك في أمريكا وساهمت "إليزابيت" في البدء بقوة في معركة سيامة النساء كاهنات غير أنها رأت لاحقًا أنها أخطأت الهدف وقد اعترفت بنتيجة تجربتها مع النساء في الكنيسة الأنجليكانية بأن "سيامة النساء ليست حلًا" وليست القصد والهدف المطلوبين وبرهنت ذلك بالشرح وقالت: "السيامة تبعية وطاعة مع ما يعني ذلك من وقوف في الصف وخضوع وهذا بالضبط ما لم يكن مرغوبًا وكان التشخيص الذي أصدرته حول هذا الموضوع صحيحًا. والسيامة تعني دائمًا نظام وخضوع وتقول السيدة "إليزابيت": نحن لا نريد الانطواء إلى السيامة تُعدّ تبعية بل نرغب في تخطي هذه الظاهرة وتضيف: لا يجوز أن يكون هدف معركتنا الحصول على قبول بسيامة النساء، ولكن نريد إلغاء السيامة بعامة لتصبح الكنيسة شركة بين متساوين، بقيادة داهية، في وجهة متبدّلة. وإذا ما أخذت الأسباب والدوافع الداخلية التي يجري النضال باسمها من أجل سيامة النساء، بعين الاعتبار فإن الأمر يبدو في الواقع ذا صلة وعلاقة بالمشاركة في السلطة وبالتحرر من التبعية والخضوع وكانت نظرتها هنا صائبة ولكن ينبغي أن يُطرح السؤال الصحيح الذي يتناول طرفي الصراع كما الآتي: ما هي القسوسة؟ هل هي سرّ أو وجهة متبدلة لا تسمح لأيّ كان بمقاربتها أو الوصول إلى السطلة؟ وأعتقد بأن النقاش ينبغي أن يسير في هذا الاتجاه مستقبلًا. إنّ كلّ المسائل التي تم التطرّق إليها كانت منذ سنوات مدى تجاذب جديد وأحيانًا بقليل أو كثير من الصخب في الأوساط الشعبية ولكن كيف يكون الحكم على محاولات كالاستفتاءات حول موضوعات دينية مثل التي أجريت في ألمانيا؟ لقد سبق لنا أن تحدثنا عن ذلك في أثناء تداولنا بوضع الكنيسة في ألمانيا وفي بلدان أخرى وإنّي أجد ما قاله "ماتس" موضوعيًا في كثير من النقاط وفي رأيه أن بعضهم يداوي الأعراض فحسب في أن جوهر الموضوع الذي يتسبب بأزمة الكنيسة ويدعوه "أزمة الله" وهي عبارة غير مستحبة يبقى منسيًا ومن دون علاج ويبدو أنه وضع إصبعه على الجرح في هذه المسألة وعندما تحدثنا عن التوافق العام المعاصر الذي وجد حول الإيمان مؤخرًا قلت فيه: لا أهمية لله، حتى ولو وُجد. وعندما نعيش بهذه الطريقة، فإن الكنيسة تتحول إلى نادٍ، لا هم له إلا البحث عن غايات وأهداف وإنّنا نواجه صعوبات في كل ما يصبح غير قابل للشرح بدون الله وهكذا نضع جانبًا جوهر الموضوع ثم لحظ ماتس على ما أذكر أن مسلمات أو فرضيات الاستفتاءات حول الموضوعات الدينية قد تحققت إجمالًا في الكنيسة البروتستانتية التي لم توفرها الأزمة كما بات معلومًا وهكذا نعود إلى التساؤل بحسب رأيه: لماذا نريد أن نجعل من نفوسنا صورًا مزدوجة عن المسيحية البروتستانتية؟ ولا أستطيع أنا إلّا أن أوافق على ذلك. لقد تشكّل عندنا نوع من المسيحية الملائمة لحضارة الغرب المتحرّرة بل نوع من الإيمان الدنيوي الذي لا يكترث لكثير من الأمور وهذه الثقافة التي لا تمت غالبًا بصلة إلى جوهر المسيحية – أو الكاثوليكية – تبدو الجاذبية ويخالجنا شعور على الأقل من الناحية اللاهوتية بأن عقيدة الكنيسة لا تعترض على هذه الفلسفة التي يمثلها "أويجين درفرمان" بوجه خاصّ. وعلى كلّ حال، فإن موجة "درفرمان" قد انحسرت لأنه تكلم فقط عن بديل لتلك الثقافة العامة التي سبق الحديث عنها وهي مستوحاة من إيمان دنيويّ. ولم يكن الأمر يتعلّق بالاستغناء عن الدين، بل هو أبقى عليه شرط ألّا يفرض الدين على الإنسان التزامات ونحن نحب أسرار الدين شرط أن توفر علينا ما يفرضه الإيمان من كد وعناء وإن أشكال هذا الدين الجديد المتعددة بورعها المفرط وبفلسفتها تجمعت من جديد اليوم تحت اسم: العصر الجديد والهدف الذي ينبغي أن تؤدي إليه مختلف المباهج هو نوع من الاتحاد السري بمبدأ العالم الإلهي ويُخيل عندئذ أن العيش في الإيمان ممكن بأساليب راقية من دون الخرج عن المفهوم العلمي للعالم وأن محاربة ذلك أو مجابهته تبدو أمراَ معقدًا بالنسبة إلى الإيمان المسيحي ويفضل الرب لم يخل عصرنا من مفكرين مسيحيين كبار ومن شخصيات عظيمة عاشت حياة مسيحية مثالية ولقد تجلى واقع الإيمان المسيحي في هؤلاء وفي العون الذي يقدمونه بكمالهم ويمكن أن نلاحظ في النشء الجديد انطلاقات جديدة نمو حياة مسيحية وطيدة، حتّى ولو لم تتحول إلى حركة ذات ثقل. إن اللازمة، التي تتردّد في النقد، وقد سبق الحديث عنها، لا يمكن أن تزول أو تختفي بسرعة. ولكن، كيف التعامل معها؟ وهل بالمستطاع إهمال مثل هذه المسائل، أو الخلاص منها؟ إذا لم تكن الكنيسة هدفًا نهائيًا ومكانًا لفرض السلطة منذ لحظة شعور المتبتل فيها بأنه يستند على إيمان قوي ويستطيع العيش بطريقة تقنعه بأن هدف المسيحية هو الحياة الأبدية وليس الانطواء في جماعة لممارسة النفوذ والسلطة إذا لم يتم كل ذلك فإن هذه الأمور جميعًا تفقد واقعها المهم والملح وإني لعلى يقين من أن هذه المسائل ستفقد لجاجتها وإلحاحها فجأة تمامًا كما ظهرت في أثناء أي تطور روحيّ قد يظهر في أي وقت وما ذلك إلا لكونها لا تمثل اهتمامات الإنسان الحقيقية.

مشاركة :