ذِكْر الحيوان والطيور والحشرات في القرآن الكريم وفي أمثال وأشعار العرب (2-1)

  • 4/15/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أن يهتم العلم الحديث بعالم الحيوان من مختلف الأنعام والدواب والحشرات ويهيء له المعاهد المتخصصة والدراسات المتعمقة والأبحاث المستقلة لدراسته ومتابعته ومراقبته للوقوف على بعض أسرار حياته وأنماط معيشته نجد أن القرآن الكريم يسبقه بنحو أربعة عشر قرنًا من الزمان، إذ أكد التنزيل اهتمامه بالحيوان واعتبره عالمًا بذاته وأمة مثل الأمم الأخرى حيث يقول عز من قائل: “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ” ﴿الأنعام: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “6:38” 38﴾. وقد أكد التنزيل اهتمامه بأصناف الحيوان من الأنعام والطيور والحشرات بأن أطلق أسماء بعض تلك الأصناف على سوره الشريفة مثل: البقرة والأنعام والنحل والنمل والعنكبوت والعاديات والفيل. وقد ورد ذكر الدابة والدواب عدة مرات في آيات التنزيل كقوله تعالى: “وَاللَّـهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” ﴿النور: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “24:45” 45﴾. كما بين الحكمة من خلق الدواب ألا وهي السجود له والتسبيح بحمده في قوله عز وجل: “ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ” ﴿الحج: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “22:18” 18﴾. كما ذكر الجمل في قوله تعالى: “حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ” ﴿الأعراف: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “7:40” 40﴾. كما ورد ذكر الخيل في قوله تعالى: “وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ” ﴿آل عمران: 14 HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “22:18” ﴾، وبلفظ الجياد في قوله تعالى: “إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ” ﴿ص: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “38:31” ٣١﴾. كما جاء ذكر الفيل في قوله سبحانه: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ” ﴿الفيل: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “105:1” ١﴾. وجاء ذكر الضأن والمعز أيضا في سورة الأنعام في قوله تعالى: “ثمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” ﴿الأنعام: 143﴾. كذلك ورد ذكر الإبل في قوله تعالى: “أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ” ﴿الغاشية: 17﴾. 13 “إِنَّ هَـذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ” ﴿ص:23﴾. أما لفظ الأنعام فهو يطلق على تلك الحيوانات الأليفة والمفيدة للإنسان كالبقر والأغنام والإبل وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في عدة مواضع منها قوله جل وعلا في سورة النحل: “وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿ HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “16:5” ٥﴾ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴿ HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “16:6” ٦﴾ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿ HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “16:7” ٧﴾ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿8﴾“. وقوله تعالى: “وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ” ﴿النحل: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “16:80” 80﴾ كذلك قوله تعالى: “أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ” ﴿المائدة: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “5:1” 1﴾. ولقد ورد ذكر الكثير من أصناف الحيوان في القرآن الكريم كالحمار والعجل والكلب والخنزير والأسد والذئب لتبيان منافعها أو مضارها للإنسان، وكذلك الطيور كالغراب والهدهد، كذلك ورد ذكر أصناف لحشرات مثل الذباب والبعوضة والعنكبوت والنمل والنحل والجراد والحية والثعبان وذلك لحكمة أرادها الخالق سبحانه إما للتشبيه أو المقارنة أو التعجيز أو لتبيان أضرارها والتحذير منها وتفادي الوقوع فيها، أو لعرض قوة الخالق وقدرته (ولله المثل الأعلى) وإظهار ضعف المخلوق وهوانه، وكذلك لبيان السخط وفرض العقوبة كما في قوله جلت قدرته: “فأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ” ﴿الأعراف: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “7:133” 133﴾. وفي عالم البحار ذكر القرآن الكريم الأسماك على اختلاف أنواعها وألوانها بلفظ اللحم الطري وذلك في معرض إفراد تعدد النعم على الإنسان سواء في البر أو البحر كما في قوله تعالى: “وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَـذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَـذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ﴿ HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “35:12” فاطر:12﴾. ولا شك أن السمك أحد النعم التي جاد الخالق بها على عباده غذاءً ودواءً يمده بالبروتين والزيت والمواد اللازمة لجسمه وصحته نظرا لقيمته الغذائية العالية، ويطلق على بعضها اسم “حوت العنبر” حيث يستخرج منه الدهن والطيب المعروف بالعنبر، كما ورد ذكر الحوت وهو أقوى المخلوقات البحرية وأكبرها حجما في الكتاب الحكيم في قوله تعالى: “فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ” ﴿الصافات: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “37:142” 142﴾. وكذلك في سورة القلم: “فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ﴿ HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “68:48” 48﴾ “، وقوله تعالى: “فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا” ﴿الكهف: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “18:61” 61﴾. ولقد ورد ذكر الحوت في الحديث الشريف أن ابن عمر روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدَّمان فالكبد والطحال” رواه الإمام أحمد في مسنده. ويعد الحوت في عالم البحار أحد الظواهر الفريدة والآيات المدهشة والتي تدل على عظمة الخالق عز وجل في تصويره وتكوينه وإبداعه. والحوت حري بالدراسة البحتة بغية الوقوف على معرفة مكوناته وخصائصه وما أودع الله تبارك وتعالى فيه من أسرار وخفايا، وهو أيضا مما سخره رب العزة والجلال لخدمة الإنسان ونفعه (هل من خالق غير الله سبحانه وتعالى عما يصفون). الحيوان في أمثال وأشعار العرب يعتبر الحيوان المعلم الأول الذي تتلمذ عليه الإنسان منذ بدء الخليقة وذلك عندما بعث الله سبحانه وتعالى غرابًا لهابيل ليعلمه كيف يدفن شقيقه قابيل بعد أن قتله وحار في كيفية التخلص من جثته حيث قال تعالى: “فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿المائدة: HYPERLINK “http://tanzil.net/” \l “5:30” 30﴾ فَبَعَثَ اللَّـهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴿المائدة:31﴾. إن اهتمام العرب بالحيوان وخصائصه وطباعه قد أثرى التراث العربي بمعين لا ينضب ومنهل لا يغيض، فقد اغترف منه الحكماء في حكمهم والوعاظ في وعظهم والشعراء في شعرهم والكتاب في نثرهم، ولقد عرفوا الكثير من عادات وميول الحيوانات وطباعها وصفاتها مما جعل من ذلك كنزا غنيا ورافدا ثرا للحكم والأمثال والتشبيه والقصص والأساطير والتندر. ولم يقتصر دخول الحيوان على ثقافة العرب العلمية وعلى الأمثال والقصص بل تعداها إلى ضروب أخرى كالأسماء والكنايات والألقاب فسموا بأسماء الحيوان فمن الحيوان: أسد وليث وشبل ونمر وذيب وثعلب وجمل وحصان، ومن الطيور: حمام وغراب وعصفور وصقر وباز وشاهين. وسنورد فيما يلي بعض أسماء الحيوانات التي ورد في ذكرها شيء من أمثال وحكم وأشعار العرب كما يلي : الذئب من الحيوانات المعروفة عند العرب كأحد الضواري العادية والسباع الكاسرة، وهو عدو لدود للرعاة فكم من مرة فجعهم في أسمن كباشهم وأفضل أغنامهم، يعيش في البراري والسهول والبيئات الجبلية ووديانها وفي الغابات الطبيعية، ومن عادته أن يخرج إلى الافتراس في جماعات عندما يجنُّ الليل وبخاصة في ضوء القمر حيث يكره الليالي الحالكة ويعشق الليالي المقمرة، ولقد عرف العرب عن الذئب نهمه وشراهته وحبه للأكل فقالوا في هذا المعنى: “أجوع من ذئب”، وكذلك: “رماه الله بداء الذئب” يريدون بذلك الجوع. والعرب تزعم أن الذئب شديد الاحتراس وأنه عند النوم يراوح بين عينيه فتكون إحداهما مطبقة نائمة وتكون الأخرى مفتوحة حارسة، ولهذا يقول أحد الشعراء في شدة حذر الذئب ويقظته: ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى الأعادي فهو يقظان هاجع كما أن الذئب يضرب به المثل في الخبث والغدر وسوء الطبع لأنه قد لا يتوانى عن الفتك بذئب آخر ولو من قطيعه والنيل منه إذا رآه جريحًا أو في حالة ضعف، ولهذا قال أحد الشعراء يذم أحد أصدقائه لأنه أعان عليه في أمر نزل به: وكنتَ كذئب السوء لما رأى دمًا بصاحبه يومًا أحال على الدم وفي معرض صفة الغدر ورجوع المتطبع إلى طبعه، يقول أحدهم بعد أن قام بتربية جرو ذئب بدلاً من كلب للحراسة فعدا على شاة له وافترسها: أكلت شويهتي وفجعت قلبي وأنــت لشاتنـــــا ولد ربيب غذيــت بدرهـــا وربيت فينا فمن أنباك أن أباك ذيب إذا كان الطبــاع طاع سوء فليس بنافـع فيــها الأدـيب

مشاركة :