حرية الرأي بين الجهل والمعرفة

  • 2/21/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أكثر ما يلفت نظري في الحراك الاجتماعي المتنامي في برامج وتطبيقات التواصل الإنساني هو أن الكثير يؤمن بأهمية المشاركة بالتعليق على الأخبار والأحداث المتلاحقة، لكن وللأسف الشديد أن جل تلك المداخلات والتعليقات -التي يعتقد أصحابها بأنها آراء تستحق الاهتمام- حافلة بالأخطاء الإملائية والنحوية، ناهيك عن غموضها وبعدها عن الخبر أو الحدث محل النقاش! ثمة فهم مغلوط لدى الكثيرين حول حرية الرأي، خاصة لدى أولئك اللذين تتوالد آراءهم بشكل لحظي دون سابق اطلاع ومعرفة، فتجدهم يتهافتون معلقين على كل شاردة وواردة بلا وعي ولا دراية بالحيثيات. لذلك أتساءل دائماً لماذا لا يتورع البعض عن الخوض في أي موضوع ويدلي بدلوه بكل سهولة في قضايا شائكة وحساسة وهو موقن كل الإيقان بتفاهة ما يقوله من آراء إلا أنه لا يجد حرجاً في ذلك؟ أتعجب كثيراً وأنا أرى المناكفات والمماحكات الملتهبة في مواقع التواصل الاجتماعي، فجل الآراء التي تطرح تجاه بعض القضايا تعبر عن سطحية وابتذال في استخدام المفردات بصورة تعكس بشكل جلي ذلك الخواء الفكري والمعرفي لدى الكثير منهم. أشفق كثيراً على بعض المثقفين حين أراهم يحاورون بصبر وتؤدة بعض الجهلاء، ايماناً منهم بأهمية نشر الوعي والمعرفة بين الجماهير بمختلف مستوياتهم العلمية والمعرفية، لكن يحدث في بعض الأحيان تفاوت كبير بين المتحاورين في المؤهلات العلمية والثقافية بحيث لا تجدي معه كل المحاولات الصادقة لإيصال المعلومة إلى الطرف الآخر، ومع هذا يصر بعض النبلاء المثقفين على تجاهل كل تلك الفوارق الهائلة إلى أن يجدوا أنفسهم في فراغات شاسعة لا حدود لها. لقد ساهمت وسائل التقنية الحديثة في تأسيس ثقافة غوغائية معاصرة، حيث أصبح الجميع لديه حق إبداء الرأي حتى لو لم يكن لديه الحد الأدنى من الإلمام بالموضوع، بل أن الجرأة بلغت ببعضهم الجدال والافتاء في مسائل شرعية وعلمية دقيقة أسوة بالسواد الأعظم من رواد العالم الافتراضي وهو لا يحمل من المؤهلات العلمية ما يشفع له بخوض النقاش حولها! الخلاصة هي أنه ليس بالضرورة أن تكون لنا آراء في كل القضايا والاشكالات، فالرأي حين يكون مستمداً من قراءة سطحية لوقائع وأحداث مهمة ومؤثرة تتطلب التروي والإمعان في تفاصيلها المتشابكة، يصبح مجرد قول لا يحمل في مضامينه أي قيمة حقيقية.   رأي : عيد الظفيري e.aldhafeeri@saudiopinion.org

مشاركة :