قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي، دمقي مكونن، إن تسييس وتدويل ملف سد النهضة الإثيوبي لن يؤدي إلى قبول بلاده بما وصفه بـ”بمعاهدة الحقبة الاستعمارية بشأن نهر النيل”، مضيفاً أنه “على مصر والسودان اتباع نهج بناء في إطار العملية الجارية التي يقودها الاتحاد الأفريقي”، بحسب تعبيره. وأضاف، “لا يجب أن يكون التسييس ولا التخريب هو التوجه في السياسات المتعلقة بنهر النيل، لكن يجب أن يكون تعزيز التعاون والتفاهم والتكامل هو الروح التوجيهية”، معتبراً أن “المفاوضات حول سد النهضة توفر هذه الفرصة، إذا اتبعت مصر والسودان نهجاً بناءً لتحقيق نتيجة مربحة للجانبين في إطار العملية الجارية التي يقودها الاتحاد الإفريقي”. وأوضح مكونن، أن “ممارسة ضغوط غير ضرورية على إثيوبيا من خلال التسييس المتعمد وتدويل المسألة، لن تجعل إثيوبيا تقبل بمعاهدة الحقبة الاستعمارية بشأن نهر النيل”، وفق ما أوردته الوزارة في بيان باللغة العربية على “فيسبوك”. أدلى وزير الخارجية الإثيوبي بهذه التصريحات، الخميس، خلال كلمة افتتاحية في مناقشة عبر الإنترنت، استضافتها السفارة الإثيوبية في لندن، ونظمتها وزارة الخارجية الإثيوبية بالتعاون مع مختلف البعثات الإثيوبية في أوروبا. وأكد مكونن، أن بلاده “لن توافق أبداً على مثل هذه الشروط غير العادلة، التي تسعى إلى الحفاظ على الهيمنة المائية لمصر والسودان”، بحسب وصفه. وفقاً لمدير الجلسة، السفير تيفيري ميليس، كانت الندوة عبر الإنترنت تهدف إلى تقديم تحديث للمفاوضات الجارية بشأن سد النهضة، وتوضيح بعض القضايا المتعلقة بالمسألة. من جانبه، قال البروفيسور يلما سيليشي، الذي حضر المناقشة، إن “السودان ومصر حريصتان على التوصل إلى اتفاق لتقاسم المياه، بدلاً من التعامل مع الحالات المحددة المتعلقة بسد النهضة”، مشيراً إلى أن “إثيوبيا ليست على استعداد للتوقيع على اتفاق من شأنه أن يضر بمساعي التنمية للأجيال القادمة”، بحسب وصفه. في السياق ذاته، قالت ليمليم فيساهة، وهي عضو آخر في فريق مفاوضات سد النهضة، إن “ما فعلته إثيوبيا حتى الآن في محاولتها الملائمة عن محادثات تقاسم المياه، في ظل عدم وجود اتفاق دولي بشأن استخدام مياه النيل، جدير بالثناء”. وحضر الاجتماع أكثر من 200 مشارك، حيث شارك سفراء ودبلوماسيون إثيوبيون في أوروبا، ومفاوضون يمثلون إثيوبيا في المحادثات الثلاثية، فضلاً عن وسائل الإعلام. وكان وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، قال الأربعاء الماضي، إن بلاده تدرس عدداً من الخيارات “لامتصاص أي صدمات قد تحدث في يوليو المقبل”، نتيجة الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي. ونقل مكتب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في بيان عن عباس، قوله خلال اجتماع دوري لمجلس الوزراء، إن “التفاوض الذي جرى برعاية جمهورية الكونغو الديمقراطية في الفترة 4-6 أبريل فشل بسبب إصرار إثيوبيا على عدم تغيير منهجية التفاوض”. وأشار المكتب إلى أن مجلس الوزراء وجه خلال الاجتماع “بضرورة وجود اتفاقية ملزمة واستكمال الجانب القانوني في هذا الملف، وصولاً إلى اتفاق يعزز العلاقات ويخفف التوتر بين البلدين”. كانت إثيوبيا قالت الشهر الماضي، إن الملء الثاني لسد النهضة سيتم وفقاً لما هو مقرر في إعلان المبادئ، مبدية استعدادها لتسهيل تبادل البيانات والمعلومات حول عملية الملء. وأشارت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان، إلى أن أديس أبابا “لا يمكنها أن تدخل في اتفاق يعيق حقوقها المشروعة الحالية والمستقبلية فيما يتعلق بالاستفادة من النيل”، على حد تعبيرها. من جانبها، اعتبرت مصر أن موقف إثيوبيا خلال المفاوضات “يكشف مجدداً، غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية، وسعيها للمماطلة والتسويف، من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً، ولا ينطلي عليه”، بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية. وكان الجانبان المصري والسوداني اتفقا في مارس الماضي خلال اجتماع بين الرئيس المصري، ورئيس الوزراء السوداني، على “تكثيف التنسيق الحثيث في ظل المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف سد النهضة، وتعزيز الاتصالات مع الأطراف الإقليمية والدولية لتفعيل المقترح السوداني بتشكيل رباعية دولية للتوسط في القضية، بما يساعد على التوصل لاتفاق قانوني شامل وملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة”.
مشاركة :