لم تعد رحلة الحج للقادمين من المناطق البعيدة عن مكة محفوفة بالمخاطر والمشقة، كما كانت في الماضي، وقال عدد من كبار السن: إن الرحلة كانت قديما تمتد لأسابيع وأشهر أحيانا، وينتقل الناس عبر الجمال وسيرا على الأقدام، يخافون الانقطاع والتيه في الصحراء أو هجمات قطاع الطرق واللصوص، تحدق بهم الأمراض والضواري، مشيرين إلى أن رحلة الحج، التي كانت تستغرق الشهور باتت تنتهي في ساعات قليلة، ويتمتع الحاج خلالها بالراحة والرفاهية، التي توفرها وسائل النقل الحديثة والأمن الذي توفره الدولة.. وتعتبر منطقة الباحة إحدى المناطق التي تعبر منها قوافل الحجاج القادمين من اليمن والمناطق الجنوبية للمملكة، وتمر بالباحة ثلاث طرق كانت تسلكها قوافل الحجيج قديمًا وهي: الحج اليمني الأعلى (النجدي)، الحج اليمني (السروي)، الحج اليمني القديم (درب الصدر). ويعبر طريق الحج القديم محافظة العقيق، ويمر عبر الباحة شمالًا إلى مكة المكرمة مارًا بمركز جرب، والحائط شمال قرية البعيثة وهو من أهم الطرق التي كان يسلكها الحجاج باتجاه مكة، فيما تمر قوافل الحجيج في يومنا هذا عبر طريقي السراة وتهام. ويقول عبدالله الغامدي في الماضي: كان القاصد من أبناء الباحة لمكة يقضي الكثير من الوقت في رحلة تحفها المخاطر، وتفتقر لوسائل الراحة والرفاهية، بينما يختلف الحال لحجاج هذا الزمان، الذي سخرت فيه كل وسائل الراحة لقاصدي بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة.. في حين كان حجاج المنطقة قديمًا من الرجال والنساء يعبرون طرقًا ترابية، تضاريسها جبلية وغير معبدة في رحلة شاقة، خلافًا لما عليه رحلة الحج الآن والتغير الكبير الذي طرأ، حيث لم تعد تستغرق سوى ثلاث ساعات وسط منظومة متكاملة من الخدمات، التي تيسرها الدولة عبر حملات الحج الحديثة. كما أسهمت تلك القوافل وحملات الحج حاليًا، في التبادل التجاري لعدد من المنتجات، التي تشتهر بها المنطقة، مما عاد عليها بمردود اقتصادي، حيث تتوفر بالباحة العديد من المنتجات. ويقول العم محمد ال صافي (80 عاما): كنا نعاني أشد المعاناة عندما نتجه للحج، حيث نغادر المنطقة مع بداية عيد الفطر وتستغرق الرحلة شهرين حتى نصل إلى مكة فلم يكن هناك أي مواصلات ولا مواقع للاستراحة، وإنما كنا نسافر على الجمال ومشيا على الأقدام، وهناك أناس ماتوا في الطريق قبل أن يصلوا إلى المشاعر المقدسة بسبب مرض أولدغة ثعبان، وكان الجوع والعطش يلاحقنا وكذلك الخوف والمخاطر التي تحدق بنا، ويستطرد العم محمد بقوله: كنا نمشي جماعات من أجل أن نحمي بعضنا البعض، وفي إحدى المرات ونحن متجهون نحو مكة عازمين على أداء مناسك الحج، وبعد أن قطعنا مسافات طويلة وبين الطائف والباحة ونحن في قافلة كبيرة تقل الرجال والنساء واجهنا نقصا في المؤونة والماء، حيث اضطررنا للبقاء في منطقة صحراوية لعدة أيام، إلا أن الله هيأ لنا قافلة قريبة منا ولجأنا إليها فقدموا لنا المعونة. ويقول العم محمد سالم الغامدي: كنا نعاني في رحلة الحج قديما والآن اختلفت الأحوال وأصبح الحجاج يفدون إلى مكة برا وبحرا وجوا بأمن وأمان وراحة واطمئنان وأصبح الحج رحلة ميسرة وسهلة. ويقول علي أحمد الحسني: عندما كنا نغادر إلى المشاعر المقدسة من أجل أداء فريضة الحج كان كل أبناء القرى يعلمون بسفرنا ويمشون معنا حتى أطراف المنطقة، وكانت بعض القوافل لديها حراس حتى تصل إلى مكة خوفا من النهب والسلب وقطاع الطرق، وخصوصًا أن الطريق محفوف بالمخاطر ويبقون في الانتظار لمدة خمسة أشهر حتى يعود الحجاج فلم يكن هناك وسائل اتصال تخبرنا عن أحوالهم، وكانت قوافل الحجيج تعود محملة بالهدايا والبضائع من أسواق مكة، مشيرًا إلى أن قرب الباحة من مكة عاد عليها بمردود اقتصادي على مر العصور. المزيد من الصور :
مشاركة :