قرارات الحسم والحزم.. رسائل للداخل والخارج

  • 9/22/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مثلت حادثة سقوط الرافعة في الحرم المكي وفي أقدس بقاع الأرض وعلى بعد أمتار من قبلة المسلمين، حدثاً هاماً سيطر على وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية لأيام بسبب وفاة 107 من الحجاج وإصابة أكثر من مائتين وخصوصية الزمان والمكان، وخلال الساعات التى تلت سقوط الرافعة شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المرئى جدلاً كبيراً حول «السبب والمتسبب» في السقوط، وكان الانطباع الغالب على أن الأمر سيُعد «قضاءً وقدراً» وأن المسئولين سيتهربون من الاعتراف بوجود تقصير أو أخطاء بشرية وراء الحادث الأليم. قيام خادم الحرمين الشريفين شخصياً بزيارة موقع الحادثة وبرفقته ولي، وولي ولي العهد، وأمير المنطقة ثم بدء التحقيق في الحادثة لمعرفة الاسباب ثم صدور القرار الملكي بوقف تصنيف «الشركة المنفذة» ومنعها من الدخول في أي مشاريع جديدة، ومنع سفر أعضاء مجلس إدارتها ممن لهم صلة بحادث سقوط الرافعة حتى الانتهاء من التحقيقات وصدور الأحكام القضائية وإحالة النتائج إلى «هيئة التحقيق والادعاء العام» لاستكمال إجراءات التحقيق مع «الشركة المنفذة» وإعداد لائحة الاتهام وتقديمها إلى القضاء للنظر في القضية، وإلزام الشركة بما يتقرر شرعاً، كان بمثابة تطبيق لمرحلة الحسم والحزم والعدل والجدية والتى تعيشها المملكة. الأمر الملكي بصرف تعويضات مالية فورية للمتوفين والمصابين بإصابات بالغة تسببت في إعاقة دائمة، وتعويض المصابين والتأكيد بأن صرف التعويضات لا يحول دون المطالبة بالحق الخاص أمام القضاء، يؤكد توخي القيادة للعدل والوقوف مع الطرف الضعيف، كما أن التوجيه باستضافة اثنين من ذوي كل متوفى من حجاج الخارج لحج العام القادم وتمكين من لم تمكنه ظروفه الصحية من المصابين من استكمال مناسك حج هذا العام وأداء الحج المقبل، ومنح ذوي المصابين الذين تتطلب حالتهم بقاءهم في المستشفيات تأشيرات زيارة فورية وخاصة لزيارة اقاربهم، كان لها أثر بالغ ومباشر على الرأي العام الإسلامي وفي الدول التى تعرض بعض حجاجها لوفيات او اصابات، كما أن زيارة الملك سلمان للمصابين وحديثه العفوي مع الحاجة الإيرانية مثلاً أحدث ردود فعل شعبية في إيران وخارجها تُغني عن عشرات الرسائل الإعلامية والسياسية. صدور القرارات الحاسمة خيب آمال كثير من المشككين وعزز من الصورة الجديدة للمملكة والقائمة على الحسم والحزم والعدل وهذا الأمر يمنح الاحترام والتقدير ويقطع أية اصوات مُشككة ضدها، فالقرارات الملكية كان لها انعكاسات سياسية محلية عميقة حيث منحت الحكومة هيبة ومصداقية واحتراما وأثبتت وجود مرحلة جديدة عنوانها تنفيذ قرارات صارمة وعملية وليست شعاراتية أو كلامية وتعطي مثالاً عملياً بأن لا أحد فوق الشرع أو القانون كما ان مثل هذه القرارات دليل جدية وحسم. ومن المهم قراءة الموجة المُعاكسة للقرارات والتى وإن كان بعضها عفوياً فإن غالبها لم يكن بريئاً، لانه لم يخف التشكيك بها ورفضه لمبدأ المحاسبة أو الحزم بحجة «أن القرار صدر في المساء» وعدم التحقق الكامل من العدل والانصاف في القرار، بل وبرر البعض سقوط الرافعة بأنه «حادث يمكن أن يحصل في أي شركة إنشاءات عالمية». جهود اللوبي غير البريئة والتى حاولت تشخيص المسألة وكأنها موجهة لشركة بعينها والقول ان المشاريع المستقبلية هي التى بحاجة لشركة دون غيرها وليس العكس، وأنه لا يوجد بديل آخر وغير ذلك يؤكد أن البعض لم يع أن المملكة تعيش مرحلة جديدة في المحاربة الفعلية للفساد والمحسوبيات بعيداً عن المجاملات على حساب الوطن وحقوق الناس الضعفاء وسمعة المملكة إسلامياً ودولياً.

مشاركة :