وهل أكثر إحسانا من الوالدين لأبنائهم؟! وهل أمر الإنسان بأمر بعد عبادة الله أعظم من الإحسان لوالديه؟!. مقولة اتق شر من أحسنت إليه، مقولة خالدة منذ عصور وهي مقولة لها مناسباتها العديدة تاريخيا ماضيا وحاضرا ومستقبلا بلا أدنى شك، وما كانت لتردد عبر العصور لولا تمثلها وحدوث مناسباتها، أسريا واجتماعيا وسياسيا، وعلى مستوى السياسة فإن أحدث أمثلتها ما يحدث الآن من بشار الأسد تجاه وطنه وشعب أخلص له، ولوالده من قبله، وانتهى الأمر بهم لقتل أكثر من ربع مليون وتهجير أضعافهم وتشريد مثلهم. وليس شر المخلوع علي عبدالله صالح نحو رجال اليمن وقبائله الذين أحسنوا إليه ببعيد عن صحة المقولة!. وبلا أدنى شك إن مقولة اتق شر من أحسنت إليه ليست على إطلاقها بل هي محمولة على اللئام دون الكرام، لكنها تتمثل لي كثيرا حين أزور دور الرعاية الاجتماعية (دور العجزة) وأشاهد رجالا ونساء تركهم أبناؤهم في الدور بعد أن ضحى الوالدان من أجلهم وهم صغار بكل غالٍ ونفيس من نفس وصحة ومال. جاع الوالدان ليشبع الأبناء ومرضوا ليصح الأبناء وشقوا ليسعدوهم وسهروا ليناموا وبذلوا الجهد والصحة والمال، بل بذلوا حتى عزة النفس ليعتز أبناؤهم! فمنهم من عمل في عمل (لا أقول مهينا) لأن العمل لا يهين، و(لا أقول وضيعا) لأن كل كسب حلال هو رفيع، وإنما الوضيع عكسه، ولكن أقول عملوا في خدمة أناس قد يسيئون إليهم بالإهانة والتحقير وصبروا من أجل أبنائهم ومنهم من تسلف وطلب المال من الغير وتعرض للإحراج ليعيش أبناؤه في كرامة، فأي عذر للأبناء اليوم في تركهم غير مقبول مقارنة بإحسانهم إلا أن يكون مما تنطبق عليه مقولة (اتق شر من أحسنت إليه). بالله عليكم هل يكفي عذر إرضاء زوجة أو ظروف عمل أو إسعاد أولاد أو حرية أسرية أو خصوصية عائلية في تبرير عقوقك لوالديك بهجرهم ورميهم في دور الحزن؟! فقط راجع نفسك وأنت تتلو آيات من القرآن الكريم في حق الوالدين. نقلا عن عكاظ
مشاركة :