اتق شرَّ من أحسنت إليه

  • 7/30/2013
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يحرص بعض المسؤولين، وبعض رجال الأعمال وللأسف، ومنهم من تتوقع أن يكونوا أكثر وطنية من غيرهم على تقريب الأجنبي وتفضيله على السعودي، فالأجنبي يظهر كثيرا من التصنع، والتملق، والولاء المصطنع للمسؤول أو صاحب العمل فيخاله المسؤول ولاء صادقا مصدره إعجاب الوافد بشخصه، أو أن مصدره الثقافة الأصلية للوافد التي تفرض أخلاقا خاصة تجعله مثالاً للطاعة والإخلاص، ولكن هذا الوافد للأسف (ولا أعمم) يحمل في نفسه من الحقد على صاحبه وعلى الوطن أكثر يفوق بكثير ما يظهره من ود وإخلاص، ولذا فهو ينتهز أقرب وأسنح الفرص للإضرار به. وقد ذكرت صحيفة “سبق” ليوم الأحد 19 رمضان خبرا عن صحفي هندي كتب كتابا عن المملكة يصف فيها الشعب السعودي بأنه شعب مستعبد للبشر وغير ذلك من الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة فتناقلت الصحف الهندية هذا الكتاب ونشرت مقاطع منه. علماً بأن الهند بلد هذا الصحفي من أكثر بلدان العالم عنصرية في العالم، وهي البلد الوحيد الذي تشكل العنصرية فيه جزءا من الديانة الكبرى فيه، وممارسة اجتماعية مبررة وممارسة علنا بين طبقاته حيث تقسم البلد إلى أربع طبقات أقلها يحرم على أصحاب الطبقة العليا في هذه الديانة (البراهما) مجرد لمس أفرادها، بل إنهم يسمون “بغير القابلين للمس”، هكذا. فعن أي عنصرية سعودية يتكلم هذا الحاقد؟ عن استقدام هؤلاء المساكين وتشغيلهم وتأميم مستقبلهم؟ ومعروف اليوم أن هناك حركة عنصرية مروعة ضد العرب والمسلمين وخاصة الخليجيين في الهند، علما بأن الهنود يعيشون في الخليج مكفولين كل شيء، ومنهم من طال ثروات لا تعد ولا تحصى فيه، وفي بعض الدول الخليجية يعد الهنود أكثرية سكانية ويشكلون طبقة رجال الأعمال والأثرياء، وهذا الصحفي الذي أعماه الكره والحقد والحسد، ينكر بالطبع أياً من ذلك. الكثير من أبناء الخليج بلا عمل نتيجة لمنافسة العمالة الآسيوية لهم، وتحويلات الآسيويين تعد بمئات المليارات سنويا، ثم يأتيك مثل هذا الكاتب الذي أمن مستقبله ومستقبل أولاده في الهند من عمله في المملكة ليعود لبلاده فيشتمها وهذا في حد ذاته منتهى الخسة والقذارة، وأمر مثير للأسى والقهر. جميع دول العالم يفضل أصحاب الأعمال مواطنيهم وأبناء جلدتهم إلا بعض رجال الأعمال في الخليج يبحثون عن الأجنبي ويجتبونه ويطلعونه على أسرارهم وأسرار عملهم ليخرج ويكتب عنهم أو يشوه سمعتهم كما فعل الكاتب. هذا الرجل ليس حالة استثنائية فهناك مثله كثر، أذكر منهم على سبيل المثال فقط، عضو هيئة تدريس أرمني، يعمل في إحدى الجامعات، سلَّمه أحد المسؤولين الخيط والمخيط في إحدى الكليات بما في ذلك التنسيق الكامل لبرامج الكلية، وسيطر بشكل شبه كامل على أمور الكلية بحكم الثقة التي منحها، وبقي كذلك لأكثر من عشر سنوات، وكان يرعب الجميع، الجميع يهاب جانبه والجميع يخطب وده بما في ذلك الكثير من السعوديين، ثم وقع في مشكلة مع عضو تدريس آخر فألغي عقده، وعاد لألمانيا ليكتب أكثر من كتاب قال فيها عن السعودية ما لم يقله مالك عن الخمر، بل إنه حتى هذه الساعة يشرف على أكبر موقع في الإنترنت تهجماً على الإسلام. وقبل سنوات استوفدت صحيفة ناطقة باللغة الإنجليزية صحفيا أمريكيا ليدرب الصحفيين فيها وبقي هذه الصحفي في المملكة لأكثر من عام يجمع فيها معلومات من هنا ومن هناك، كثير منها إشاعات التقطها من الأفواه ليعود لأمريكا ويكتب مقالا مطولاً عن المملكة في مجلة كبرى به الكثير من التشويه. وهناك مؤسسة نشركبرى يديرها وافد عربي بمرتب ضخم ويتلاعب بها كيفما شاء، فيبدو كحمل وديع أمام مسؤولي دار النشر، ولكنه يمارس جميع أنواع التسلط، ويتصرف كالذئب مع العاملين تحت إدارته مستفيداً من الصلاحيات الكاملة التي منحت له من المسؤولين عن الدار ومن رئيسه السعودي الذي ألهاه البريستيج الوهمي عن العمل الحقيقي، ولذلك لم يكن يتعب نفسه ليعرف ما يدور حوله، حتى إن هذا الوافد نقل جزءا كبيرا من أعمال المؤسسة إلى بلده الأم وأسس مكتبا هناك خاصا لذلك تحت سمع وبصر ومسؤولي هذه المؤسسة، رغم وجود المئات من المؤهلين العاطلين عن العمل في المملكة، وعندما احتكيت شخصيا به لأول مرة كان يتصرف بشكل غريب جدا دونما سبب معين، ربما يعرف أنني أستاذ متخصص في المجال الذي نقله لبلاده. وحدث أن كتبت مقالاً استطلاعياً باللغة الإنجليزية عن “أشيقر”، لمجلة تصدرها جهة سعودية، وتم نشره، ولكن المفاجأة المفجعة هي أنه أعيد نشره مرة أخرى في مجلة الخطوط السعودية باسم كاتب هندي، وطلب مني المسؤولون عن المجلة التي كنت اكتب بها ترك الأمر لهم ليتولوا ذلك مع المسؤولين عن دار النشر، الوافد العربي رد عليهم بخطاب يتهمني به بسرقة المقال من الإنترنت، عذر أقبح من ذنب، فاتضح لا حقا أن المسؤولين عن المجلة كانوا كما يقال يشترون الوقت فقط، وفشلت فيما بعد جميع محاولاتي للاتصال بالمسؤولين، بمن في ذلك مديرنا صاحب “البريستيج”. فالقضية بالنسبة لهم لا تشكل هاجساً أخلاقياً لأن أعمال المؤسسة تسير على ما يرام، والمال هو ما يهم، أما المبادئ فهي ثانوية! بعض مسؤولينا وللأسف في كثير من القطاعات يقرب الأجنبي ويثق فيه ويحرص على تقريبه بكافة السبل، ويحرص بالقدر ذاته على إبعاد السعودي إما خشية من منافسة السعودى له، وربما الحصول على مكانه مستقبلاً، أو خشية من أن يطلع السعودي على انعدام كفاءته، أو على ما يمارسه، لأن الوافد يؤدي أعمال هذا المسؤول نيابة عنه، وتكون مهمة السعودي التوقيع فقط على ما يعده الوافد، وهذه ممارسة متفشية في كثير من مؤسساتنا وعلى وجه الخصوص العلمية منها، وهي لا تزال قائمة حتى ساعتنا هذه، حيث يبعد السعودى عمداً وبكافة المبررات الواهية والمختلقة لإفساح المجال لانفراد المسؤول ومن معه من الوافدين لإدارة العمل كيفما أرادوا، وهذه من أكثر الأمور تحطيماً لمعنويات المواطنين، وأكثرها إضراراً بشعورهم تجاه وطنهم. ليس كل الوافدين في هذه البلاد عمالاً مساكين، وليسوا جميعهم قاطنين مسالمين، هناك الكثير منهم يشغلون أماكن حساسة، ويقبضون رواتب ضخمة، وفي أحيان كثيرة يؤدون مهمات غير سوية، مهام وأعمالاً لا يحب المسؤولون الذين يجتبونهم اطلاع أي سعودي عليها. ولذا فهم يساومون بذلك الكثير من المزايا والرواتب، وبعضهم ينتهي به الأمر لسرقة المؤسسة أو أصحاب العمل ليكتشف ذلك فيما بعد، وبعد فوات الأوان. وهذا أمر طبيعي فلا يمكن أن يقوم الوافد بعمل لا أخلاقي لصاحب العمل ما لم يكن هذا الوافد ذاته مستعداً في أي وقت لغشه وسرقته. ولذا فصاحب المقال يرى أن تبدأ جهات مكافحة الفساد في المملكة، وجهاتها الرقابية بحصر جميع الوافدين الذين يشغلون مراكز ووظائف يمكن أن يشغلها سعوديون، وأن يتم التحقيق في ذلك لمعرفة ما يكمن وراء ذلك من أسباب، وعلى وجه الخصوص من يشغلون وظائف تتعلق بالإدارات القانونية، والمحاسبية، والمالية. ويمكن فتح خط ساخن لمن من المواطنين لديه معلومات تتعلق بممارسات كهذه. فلا يعقل أن تعج بلادنا بالوافدين بينما شبابنا عاطلون، ولا يعقل أن ينعم بعض النفوس من الوافدين بخيرات بلادنا ليخرجوا ويشتموننا، ويجب ألا نعول على وطنية مسؤولينا ورقابتهم الذاتية، لأنها هذه الأيام لا تتوفر في الجميع وهي أخذة في التناقص يوما بعد الآخر، والمال للبعض هو كل شيء. فيجب أن نسد الثغرات التي يتسلل أمثال هذا الصحفي الهندي منها. latifmohammed@hotmail.com Twitter @drmalabdullatif- أستاذ في جامعة الملك سعود

مشاركة :