قال الاستراتيجي والخبير في الذكاء الاصطناعي والتحوّل الرقمي والحائز على جائزة قائد التحوّل لعام 2020 الدكتور جاسم حاجي: «إن شركة جارتنر، وهي تعتبر أكبر شركة عالمية في مجال التحوّل الرقمي، أصدرت دراسة تقول فيها إن 80% من البنوك الحالية ستخفي وتفلس، أو يكون لديها دور بسيط أو يقل حجمها خلال السنوات العشر القادمة». مضيفا: «ليس من الضروري أن يكون هناك مصرف للأعمال المصرفية، فمن الممكن أن يكون المصرف بنكا افتراضيا عن طريق وجود حاسوب من قبل المصرف الافتراضي وتطبيق لدى هاتف للزبون فقط. الهدف من البنوك الافتراضية وجود مصرف من غير مبانٍ أو موظفين أو مكاتب أو مكائن للسحب النقدي أو أي بنية تحتية اعتيادية، ما يقلل من تكلفة المصرف بشكل كبير»، مؤكدا أن التقليل من تكاليف البنوك سينعكس تلقائيا لمصلحة الزبائن، كالتقليل من الفائدة على القروض ورسوم التسجيل. وبيّن الدكتور في حديثه أن القطاع التكنولوجي يحتاج إلى استثمار ورؤوس أموال، وهو نظام متكامل مع الأسس والتحوّل الجذري للزبائن من الألف إلى الياء، وإن المبادرات والأفكار موجودة لدى الشباب ورواد الأعمال، لكنها بحاجة إلى رؤوس الأموال من الأفراد والمؤسسات والشركات، مشيرا إلى أن التجار البحرينيين بشكل عام لديهم إبداع، مؤكدا في الوقت نفسه أن تلك الأفكار والمبادرات تحتاج إلى الدعم وتغيير النمط المعتاد منذ عقدين من الزمن، خصوصا الطفرات التي حدثت في مختلف القطاعات وعلى رأسها القطاع العقاري التي انتهت ولن تعود في هذا الوقت، وهذا ما يجب أن يلتفت إليه الجيل الثاني من التجار أو ما يسمى بالجيل الجديد من التجار. وأوضح الدكتور أن جائحة كورونا أثبتت أنه ليس هناك ضمانات أو توقعات بشرية يمكن الاعتماد عليها بنسب كبيرة، إذ إن وجود أي أزمة من الممكن أن تنهي نظاما اقتصاديا كبيرا مثل ما حصل في العام 2020. وأكد حاجي أن هناك البنوك المتخوّفة من التحوّل الرقمي في الوقت الحالي، إذ إن لديها زبائنها واستثماراتها الضخمة، وتجد أن التحوّل الرقمي ما زال في بداياته ولديها الوقت الكافي لذلك التحوّل، وهذه البنوك ليس لديها الرؤية الواضحة والشاملة، إذ إن هناك بنوكا بدأت فعليا في عملية التحوّل، سواء الجزئي أو الكلي، وهي من ستكون لها اليد العليا في المستقبل. وقال: «هناك بنوك بدأت في عملية التحويل الرقمي، وهم ما يطلق عليها اسم البنوك الجديدة أو البنوك الافتراضية، تلك البنوك كانت موجودة منذ فترة من الزمن لكن تم تسليط الضوء عليها أكثر ما بعد كورونا، حيث بدأ بعضها العمل في 2015 و2017، كما أن هناك دولا لديها رؤية تتسارع نحو هذا القطاع». مبينا أن شركات التكنولوجيا المالية (Fintechs) أصبحت تقترب منها مع ظهور منافسين غير متوقعين، بدءا من المدفوعات من أي أحد لديه قاعدة عملاء قوية ومخلصة، أمثال (Amazon Pay) و(Google Pay). مضيفا أن الأعمال المصرفية ضرورية، ولكن المصارف ليست كذلك، والاقتباس الذي من المفترض أن بيل غيتس قد أدلى به منذ سنوات، أصبح الآن حقيقة بشكل حرفي. التشريعات والقوانين والأمور الأمنية أكبر تحديات تواجهه البنوك الافتراضية وقال حاجي: «أكبر تحدٍّ تواجهه البنوك الافتراضية العالمية، وليست المحلية فقط، هو وجود التشريعات والقوانين والأمور الأمنية، فالبنوك الافتراضية والأفراد لديهم عدة مخاوف، إذ إن أكبر عمليات غسيل الأموال تكون عن طريق البنوك الافتراضية، وهنا التحدي الأكبر. البحرين لديها تشريعات وقوانين للبنوك الاعتيادية، التحدي يكمن في تطويرها لتتناسب مع البنوك الافتراضية، إذ إنك لن تستحدث تشريعات جديدة، بل تحتاج إلى فنيين يستطيعون تطبيق نفس القوانين والتشريعات للأمور الافتراضية»، مؤكدا أننا نحتاج إلى مزيج من الخبراء الماليين والتقنيين لحماية تلك القوانين والتشريعات، وأن من الضروري الاستفادة من الدول الأكثر تطورا في هذا المجال، وهي الدول الأوروبية وأستراليا والصين. كما أكد ضرورة التنسيق والتخطيط بشكل عام مع مصارف مركزية أخرى وهيئات مالية عالمية، لتبادل البيانات وتأمينها في هذا المجال.
مشاركة :