خبراء يدعون إلى فرض ضريبة على الثروات الكبرى لدعم خزائن الدول بتريليون دولار سنويا

  • 4/18/2021
  • 23:19
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يقترح خبراء اقتصاديون بارزون ومؤسسات مثل صندوق النقد الدولي فرض ضريبة على الثروات الكبرى، لدعم خزائن الدول والتقليص قليلا في التفاوتات الواسعة. يبدو أن هذا التوجه سيكون بطيئا بعد أربعة عقود من تضاؤل معدلات الضريبة على المداخيل العالية في كل القارات، فقد تراجعت في كوريا الجنوبية مثلا بنسبة قياسية بلغت 53 في المائة بين 1979 و2002. دعا توما بيكيتي الاقتصادي المتخصص في دراسة التفاوتات الاقتصادية عبر صحيفة "لوموند" منتصف نيسان (أبريل) إلى وضع "ضريبة عالمية بقيمة 2 في المائة على الثروات التي تتجاوز عشرة مليارات يورو". وأوضح بيكيتي لـ"الفرنسية"، أن هذه الضريبة ستجمع ألف مليار يورو سنويا "تريليون دولار". ويعدها وسيلة لتخفيف التفاوتات بين دول شمال العالم وجنوبه، لأنه "يمكن توزيع المبالغ على كل الدول بما يتناسب مع عدد سكانها". تقدم إيمانويل سايز وجابرييل زوكمان الأستاذان في جامعة بيركلي في كاليفورنيا بمقترح آخر. وكتبا في مقالة موجهة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" أنه "يجب عدم انتظار أن يبيع المليارديرات أسهمهم، لفرض ضرائب عليهم". وقال الاقتصاديان "إن أثرى 400 مواطن أمريكي يملكون ثروة تساوي 18 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة، وقد تضاعفت ثرواتهم منذ 2010، إلا أن أمثال جيف بيزوس صاحب شركة "أمازون" وإيلون ماسك صاحب "تسلا" ولاري بايج صاحب "جوجل" ومارك زاكربيرج مدير "فيسبوك" يقدمون مساهمة ضعيفة في ملء خزائن الدولة". ما سبب ذلك؟ يشرح الخبيران أنهم "ينظمون مشاريعهم بطريقة تجعل دخلهم الخاضع للضريبة منخفضا". هؤلاء مثلا لا يحصلون على مرتبات كبيرة ولا يبيعون أسهمهم حتى لا يضطروا إلى دفع ضرائب. لمكافحة التهرب الضريبي، يقترح الاقتصاديان إخضاع "القيمة المضافة غير المحققة" لهؤلاء المليارديرات، وهم "أقل من ألف شخص"، على شكل ضريبة استثنائية، من شأنها أن تجمع ألف مليار دولار. من جهته، يقدر كوينتين بارينيلو المتحدث باسم "أوكسفام فرنسا" أن "فرض ضريبة استثنائية على من كونوا ثروات خلال الأزمة يبدو أمرا بديهيا الآن. بعيدا عن الانقسامات السياسية، هذا إجراء شعبي بصدد اكتساب زخم حول العالم". يعتمد تقدير هذه المنظمة غير الحكومية على استطلاع رأي أجرته شركة "جلوكاليتيز" يظهر أن 63 في المائة من الفرنسيين يدعمون فرض ضريبة بقيمة 1 في المائة على المداخيل التي تتجاوز ثمانية مليارات يورو، من أجل تمويل الانتعاش الاقتصادي. باستثناء الأرجنتين وبوليفيا اللتين فرضتا "ضريبة كوفيد" استثنائية على الثروات الكبرى، وهي رمزية في حالة لاباز، لم يتخذ سوى عدد قليل من الدول إجراء مماثلا حتى بصيغة ضريبة لمرة واحدة. الموضوع ليس مطروحا للنقاش في أستراليا وألمانيا وبريطانيا، وإن كان 54 في المائة من البريطانيين يدعمون الفكرة وفق ما أظهر استطلاع حديث للرأي. أما فرنسا التي ألغت عام 2018 الضريبة على الثروة بعد إقرارها عام 1989، فهي تستبعد أي زيادة في الضرائب. رفض برونو لومير وزير الاقتصاد الفرنسي فرض أي ضريبة استثنائية، وعلل ذلك بأنه يوجد بالفعل تشديد ضريبي على المداخيل المرتفعة سار منذ عام 2012. وعلق لومير على الفكرة ساخرا "نحن نحب المؤقت الذي يدوم". في تصريح لوكالة "بلومبيرج"، قال أنجوس ديتون الخبير الحائز جائزة نوبل للاقتصاد الذي يرأس لجنة خبراء حول التفاوتات في بريطانيا "إن ضريبة كهذه سيكون من الصعب اعتمادها، وستقود إلى تعزيز التهرب الضريبي". رغم ذلك، يرغب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن في زيادة الضريبة على الشركات إلى 28 في المائة لتمويل خطة إنعاش تبلغ قيمتها ألفي مليار دولار، ما يعكس وعيا بأن السباق نحو خفض الضرائب لم يعد قابلا للاستدامة لا على مستوى الموازنة ولا على الصعيد السياسي. صندوق النقد الدولي نفسه الذي طالما دافع عن توجه ليبرالي، صار يرى السياق الحالي "فرصة لعكس النزعة إلى تقلص الإيرادات الضريبية"، وهو يوصي بفرض ضريبة مؤقتة على المداخيل المرتفعة. لا تفضل إدارة بايدن هذا الخيار حاليا، لكن الارتفاع المتوقع في نسبة الفائدة في الولايات المتحدة سيعقد حسابات الموازنة، ويمكن أن يدفعها إلى إعادة النظر في المسألة.

مشاركة :