المحلل الكردي ريبوار قاضي العبدالحق: مشروع أردوغان السياسي انتهى وتجاهله قوة حزب العمال يضع البلاد في مأزق الصحفي التركي أحمد شويش: العدالة والتنمية سيتلقى ضربة تاريخية ولن يسمح الأتراك لأردوغان بالتلاعب في الدستور الكاتب السياسي عبد الإله العبودي: كل النتائج كارثية وتدفع لمواجهة مسلحة بين الدولة وحزب العمال الكردستاني في الوقت الذي تعاني فيه تركيا أزمات عدة خلال الأشهر الأخيرة التي سبقت الانتخابات البرلمانية وتلك التي تلتها، سعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمغامرة يعدها الكثير من المحللين غير محسوبة العواقب، يلعب فيها أردوغان وحزبه العدالة والتنمية على المعادلة الصفرية إما الفوز فيها بكل شيء أو الخسارة الكاملة. بدعوته إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة، تتوقع الكثير من الدوائر ذات الثقة بتركيا ألا تتجاوز نسبة العدالة والتنمية ما بين الـ 30 و 36 % فيها، وهو ما يعني أن المعطيات جميعها تدفع باتجاه الحكومة الائتلافية التي فشلت كل الأحزاب في تشكيلها حاليا ما يعني أن الأزمة مستمرة بلا حل. المدائن حاورت عدداً من المحللين الأتراك حول السيناريوهات التي تحملها الانتخابات المقبلة وهل ستحل الأزمة الحالية اقتصادياً وأمنياً، أم ستدفع بها للمزيد من السقوط في الهاوية في ظل التحديات الإقليمية الحالية؟، خصوصاً بعد إعلان تركيا دخولها الحرب فعلياً في الحرب على تنظيم داعش المتطرف وأزمتها مع حزب العمال الكردستاني. رهان خاسر في البداية، يرى المحلل السياسي التركي، ريبوار قاضي العبدالحق، أن أردوغان يراهن على الانتخابات المبكرة في العودة إلى الأغلبية المطلقة في البرلمان التركي، ويحاول استغلال الملف الكردي في إيصال إحساس الخوف إلى الناخب التركي، وكسب أصوات القوميين على وجه الخصوص، وامتصاص جزء من الأصوات التي حصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، في الانتخابات الماضية، وعلى الأقل للعودة للأغلبية المطلقة، وليس الوصول إلى نسبة تسمح له بتعديل الدستور؛ من أجل تحويل النظام التركي إلى نظام رئاسي. ويضيف العبدالحق أن أردوغان ارتكب مجموعة من الأخطاء، وهو أمر في جانب منه مسؤولية حزبه الذي كان من المفترض أن يراجعه متى وصلت الأمور إلى المرحلة الراهنة من الأزمة؛ أهم هذه الأخطاء هو سوء تقديره لمستوى قوة حزب العمال الكردستاني؛ حيث إنه كان يتصور أن الحزب في مرحلة من الضعف، وأن الدولة استطاعت السيطرة على واردات السلاح له، وهو ما ثبت خطؤه، وفتح جبهة حرب معه لم تكن منطقية؛ حيث إن البداية الفعلية للأزمة الحالية في تركيا، كانت بعد تفجيرات سوروك، التي استهدفت تجمُّعًا مؤيدًا للأكراد، وتم اتهام داعش به؛ وهو ما يثير تساؤلات حول سبب الحملة - إذن - على حزب العمال الكردستاني، برغم عملية السلام التي تم الاتفاق عليها منذ 2012م، في الوقت الذي ينظر الكثيرون باستغراب إلى موقف تركيا الرسمي غير المفهوم إزاء داعش؛ حيث لم تشارك تركيا بالفاعلية الكافية في الحملة الدولية على داعش في سورية والعراق. لذلك فإن تطورات الوضع، قادت إلى التردي الأمني والاقتصادي الحالي، مع بدء الأكراد في الجنوب فعلاً في تنظيم أنفسهم، وأُخليت قرى كاملة في الجنوب الشرقي لتركيا من الوجود التركي؛ الشعبي أو الرسمي، وهو بطبيعة الحال ما سوف يقود إلى تراجع كبير في مركز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، وحتى لو عاد للأغلبية المطلقة، وهو أمر مستبعد؛ فهو لن يجد من يتحالف معه في البرلمان المقبل؛ لتعديل الدستور؛ لتحويل النظام التركي إلى النظام الرئاسي، وهو ما يعني أن مشروع أردوغان السياسي قد انتهى. ضربة تاريخية من جانبه، قال الكاتب الصحفي، أحمد شويش، إن حزب أردوغان توجه للأتراك بتساؤل مباشر خلال الانتخابات الماضية، وجاءهم الرد المزلزل بعدم الرغبة في منحهم الأغلبية المطلة التي تخولهم التحكم بمفردهم في مقدرات البلاد، لكن أردوغان وحزبه يبدو أنهم لا يستمعون للشعب، أو يتجاهلونه، فسعوا لتلك الانتخابات الجديدة في نوفمبر المقبل، والتي في اعتقادي لن تفرز نتائج مغايرة إلى حد كبير عن تلك التي أفرزتها انتخابات السابع من يونيو الماضي، هذا إن لم نقل أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا سيتلقى ضربة أكثر قسوة من الانتخابات الأولى مقابل صعود حزب الشعوب الديمقراطي HDP، وذلك لسببين اثنين. ويرى شويش، أن السبب الأول هو أن الشعب التركي بكل أطيافه وتياراته بات يدرك تماما طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي يحاول إعادة تفصيل الدستور التركي على مقاسه، وهذا ما جعل حزبه يفشل في كسب أصوات تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده في الانتخابات الأولى، فيما يتعلق السبب الثاني بكون الشريحة الأوسع من المجتمع التركي متيقن من أن أردوغان هو من بدأ الحرب ضد حزب العمال الكردستاني ليضع الشعب أمام خيارين اثنين، إما التصويت للعدالة والتنمية أو عدم الاستقرار في البلاد، وهذا ما كشف عنه أردوغان بوضوح أكثر عندما قال في إحدى لقاءاته التلفزيونية لو استطاع حزب العدالة والتنمية الحصول على 400 مقعد لما حصل ما حصل. كما هاجم ذوي القتلى من الجيش والشرطة التركيين في معظم الجنازات التي أقيمت، الرئيس التركي باعتبار أنه أفشل محادثات السلام التي استمرت لأكثر من سنتين فور فشله في تشكيل الحكومة، خصوصاً وأن حزبي الوسط الحرية والعدالة والشعب الجمهوري، كانا يملكان ما يقرب من 65% من مقاعد البرلمان، لكن طموحه في الإنفراد بالسلطة المطلقة وتحويل النظام من جمهورية برلمانية جميع صلاحياتها في أيدي رئيس الوزراء، إلى نظام الجمهورية الرئاسية التي ينفرد فيها هو بالصلاحيات المطلقة فيه، دفعه لأن يضرب بالدستور عرض الحائط، ويمتنع عن تكليف حزب الشعب الجمهوري ثاني أكبر الأحزاب الحائزة أصوات برلمانية بتشكيل الحكومة، والذهاب مباشرة إلى الدعوة للانتخابات البرلمانية المبكرة. رهان على العنف في المقابل يعتقد الكاتب السياسي التركي، عبد الإله العبودي، أن الرئيس التركي يراهن على أعمال العنف الأخيرة من حزب العمال الكردستاني ضد الجيش والشرطة في دفع الناخبين غير الأكراد ممن صوتوا لهم للتراجع عن تأييد حزب الشعوب، وبالتالي إخراجه من العملية السياسية وتمثيل البرلمان في حال قلت نسبته الحالية 13 % عن 10 % وفقاً للدستور والتي تعني تحويل نسبة المصوتين له لصالح كتلة أكبر الأحزاب، وتحقيق النسبة المرجوة من الانتخابات. ويرى العبودي أن حزب العدالة والتنمية لن يحقق الأغلبية المطلقة وأردوغان يعلم ذلك تماماً، لكنه على الأقل سيتاح له تشكيل حكومة موالية يستطيع من خلالها الرئيس التركي السيطرة على رئيس الوزراء التابع لحزبه ثم يبحث مسألة تعديل الدستور فيما بعد لتحويل نظام الحكم بالبلاد. ويخشى الكاتب التركي من تداعيات الحرب على حزب العمال وتأثيراتها الداخلية والتي بدأت جلية حينما أعلن الجيش التركي عن مناطق أمنية داخل الكيان الكردي، فيما ردت أكثر من 10 مدن كردية، ومن ضمنها مدينة سيرناك التي يقطنها ستون ألف مواطن، بالإعلان عن لجوئها للحكم الذاتي، الأمر الذي يهدد تماسك ووحدة الداخل التركي. ولفت العبوي إلى أن حزب العدالة والتنمية يعول على تجاوز أزمته في الانتخابات الأخيرة المتعلقة بالدفع بقيادات شابة غير مؤهلة لخوض الانتخابات واختيار شخصيات من غير النطاق المكاني في أماكن ريفية وقبلية وهو ما أثر قطعاً على التصويت للحزب لذلك فإن تغيير أو تصحيح تلك الأخطاء ربما يعطيه نسبة أكثر أريحية من تلك التي حازها في انتخابات يونيو الماضي.
مشاركة :