خرج بحث جديد «من فُرن» مجلة «نيتشر» العريقة ليكشف لنا انحيازاً عقلياً جديداً نمارسه بصورة عمياء، وهو شعورنا بالحاجة إلى «إضافة شيء ما» لمشكلة قائمة، وننسى خيار أن «نزيل» شيئاً منها. فقد كشفت دراسة «Nature»، الصادرة قبل بضعة أيام، أن المشاركين حينما منحوا لعبة تركيب المكعبات الملونة (ليغوا)، وكانت عبارة عن جسر من المكعبات الملونة مرتبط بعامودين يسندانه من جهة علوية. غير أحد العامودين كان ينقصه مكعب واحد. بمعنى إذا ما وضعت هذا الجسر على الطاولة فسيميل جهة العامود الناقص لاختلاف طوله عن الآخر. كان هذا إحدى المشكلات والألغاز الثمانية التي تعرض لها المشاركون، ووصل معظمها إلى النتيجة نفسها. وهي بروز مفهوم «الانحياز الإضافي»، إذ تبين أن الإنسان عادة ما يضيف شيئاً للمشكلة، أي مكعباً جديداً لكي يستقيم الجسر مثلاً (رغم أن قيمة كل مكعب 10 سنتيمترات)، في حين كان أمام المشاركين خيار «إزالة» قطعة زائدة من العامود الآخر ومن دون أي مقابل مادي لمكعبات عاموده. والمفارقة أن المرء يلازمه أحياناً شعور بأن المشكلات تحل بإضافة شيء ما لها وينسى أن أمامه خيارات كثيرة للتفكير بالتخلص من مكمن المشكلة. على سبيل المثال، حينما تنهار معنويات فريق العمل، ليس الحل الأمثل بتعيين قيادي جديد بالضرورة، فقد يكون الحل باستبعاد الموظف الذي يختلق المشكلات، وهو حل لا يكلف شيئاً يذكر. وهذا يتماشى مع ما نشاهده في يومياتنا عندما يجتمع المسؤولون لحل معضلة ثم تتمخض لجانهم عن قرارات بتعيين أو شراء أو رفع الميزانية لحل مشكلة، في حين كان أمامهم استئصال ما يسبب الخلل، بدلاً من معاناة البحث عن بديل. ويلجأ الناس عادة إلى خيارات أو حلول محدودة كنوع من التعامل مع عبء التفكير الذهني الذي يلح عليهم بالبحث عن كل الأفكار الممكنة، كما يقول العلماء. فيلوذون بالفرار من هذا التفكير الواسع إلى خيارات إضافة سريعة قد تحل المشكلة. انحيازنا نحو إضافة شيء كحل لمشكلة، قبل التفكير في «إزالة» ما يلزم هو أمر يعترض ملايين القرارات اليومية حول العالم. وعدم الانتباه إلى ذلك قد يكلفنا جهوداً ومبالغ طائلة تذهب سدى، لأن متخذي القرارات لم يفكروا في تغيير طريقة تفكيرهم.
مشاركة :