فرصة بايدن المناخية في أميركا اللاتينية

  • 4/21/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من غير دعم الحلفاء الرئيسيين كالولايات المتحدة ستكافح أميركا اللاتينية لدفع عملية انتقال الطاقة النظيفة، خصوصا إذا ركزت على دعم صناعات النفط والغاز في محاولة للتعافي من الوباء، وبدلاً من ذلك يمكن للحوافز الأميركية والمشاركة الدبلوماسية أن تسرع التحول الأخضر الذي يوفر لكل من أميركا اللاتينية والولايات المتحدة فرصا اجتماعية واقتصادية هائلة. بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة وجزء كبير من أميركا اللاتينية تتعافى بعد أن وصلت إلى الحضيض في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وفي حين تركز إدارة الرئيس، جو بايدن، على أزمة الهجرة في أميركا الوسطى، ينبغي ألا تفوت الفرصة لدفع ما تشتد إليه الحاجة من إجراءات مناخية في اتجاه مساعدة المنطقة على إعادة البناء بعد الوباء. ونظرا إلى حجم الانهيار الاقتصادي الذي عرفته أميركا اللاتينية في عام 2020- كان انكماش ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 7.4 في المئة الأسوأ في أي منطقة أخرى- لم يركز معظم قادتها الوطنيين كثيرا على تغير المناخ، ووفقا لمشروع الانتعاش الاقتصادي بجامعة أكسفورد، لم توجه الأرجنتين، والمكسيك، وبيرو بعد أي دولار من نفقات التعافي نحو الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتلوث الهواء؛ بل خُصصت مبالغ ضخمة لصناعة الوقود الأحفوري في المنطقة. واليوم، وفي حين تقترب أميركا اللاتينية من الانتعاش، من الضروري أن تجعل حكومات المنطقة استراتيجيات إعادة البناء الخاصة بها تتماشى مع التزاماتها بموجب اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد في تحقيق ذلك. وللحد من الاحترار العالمي في هذا القرن في حدود لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية قياسا بمستويات ما قبل العصر الصناعي، يجب على دول أميركا اللاتينية، إلى جانب بقية العالم، خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى النصف بحلول عام 2030، وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، ورغم أن هذه المهمة شاقة، لدينا معظم التكنولوجيا اللازمة للقيام بها، إذ يمكن لمصادر الطاقة المتجددة الوفيرة في المنطقة، مقترنة بكهربة النقل، أن تحل إلى حد كبير محل الوقود الأحفوري، الذي كان مصدر معظم انبعاثات غازات الدفيئة في أميركا اللاتينية في عام 2018، ومن شأن هذا التحول أن يقلل من تلوث الهواء، ويجذب الاستثمار اللازم للمساعدة في عكس الارتفاع في البطالة والفقر الذي شهدته المنطقة العام الماضي. ويشهد قطاع الطاقة المتجددة في أميركا اللاتينية نمواً سريعاً بالفعل؛ ومن شأن تسريع وتيرة التحول الأخضر أن يدفع عجلة التعافي الاقتصادي، إذ يقول خبراء الاقتصاد أنه بحلول عام 2030، يمكن أن تجتذب المنطقة ما قيمته 432 مليار دولار في استثمارات الطاقة المتجددة، باستثناء الطاقة الكهرومائية، ومن ثم توفير المليارات مما ينفق على واردات النفط، والغاز، والرعاية الصحية للمصابين بأمراض تتعلق بالهواء الملوث. ولكن مواءمة قطاع الطاقة في أميركا اللاتينية مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ سيكون صعباً بدون دعم الولايات المتحدة، إذ لا تزال شركات الطاقة الخاصة والمملوكة للدولة الملتزمة بإنتاج النفط والغاز تحتفظ بتأثيرها، كما يتضح من خلال الحصة الكبيرة من الإنفاق التحفيزي المخصص لها في الأرجنتين، وكولومبيا، والمكسيك، وفي المقابل، بالكاد تخصص الميزانيات الوطنية الصغيرة القليل من الدعم المالي للحافلات أو محطات الشحن الكهربائية لتشجيع اعتماد السيارات الكهربائية على نطاق واسع. ومن خلال التركيز على الطاقة المتجددة في أميركا اللاتينية، يمكن للولايات المتحدة أن تغير إلى حد كبير وضع الطاقة في المنطقة، ويدرك القادة الإقليميون أن التعاون بشأن تغير المناخ وسيلة جيدة لتعزيز العلاقات مع إدارة بايدن، فقد تحدث الرئيسان، ألبرتو فرنانديز من الأرجنتين، وإيفان دوكي رئيس كولومبيا، ووزيرة البيئة في تشيلي، كارولينا شميدت، بالفعل مع المبعوث الرئاسي الخاص لبايدن المعني بالمناخ، جون كيري. وعلى عكس الولايات المتحدة، فإن تغير المناخ ليس قضية حزبية في أميركا اللاتينية، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن 90 في المئة من المواطنين يعتبرونه تهديدا خطيرا، فقد انعقد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2019، كوب 25، تحت رعاية الحكومة التشيلية، وقد التزمت العديد من دول المنطقة بالموعد النهائي المحدد في ديسمبر 2020، لتحديث تعهداتها بخفض الانبعاثات بموجب اتفاقية باريس. وستكون قمة القادة بشأن المناخ بقيادة بايدن، والمقررة في الفترة الممتدة من 22 إلى 23 أبريل، فرصة لتسليط الضوء على سياسات المناخ في باربادوس، وتشيلي، وكولومبيا، وكوستاريكا، وجامايكا، وفي الوقت نفسه، يمكن لبايدن حث أكبر الدول المسببة لانبعاثات غازات الدفيئة في المنطقة، وهي البرازيل، والمكسيك، والأرجنتين، لبذل المزيد من الجهود من أجل مواءمة خطط التعافي مع أهداف باريس، وتجنب المزيد من عمليات إنقاذ الوقود الأحفوري. ويمكن كذلك أن يتخذ بايدن من القمة فرصة لتوضيح الطريقة التي ستتخلص بها الولايات المتحدة تدريجيا من دعم الوقود الأحفوري المحلي وتمويلها لإنتاج الوقود الأحفوري في الخارج، وإدراكا منه للتكاليف الاجتماعية والاقتصادية لهذا التحول، يمكنه تقديم مجموعة من الحوافز للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك زيادة تمويل مصادر الطاقة المتجددة المقدم من بنك التصدير والاستيراد الأميركي، ومؤسسة تمويل التنمية الدولية بنسبة كبيرة، وستكمل هذه الاستثمارات إقراضا مماثلاً يقدمه بنك التنمية للبلدان الأميركية. ومن خلال تعزيز الطاقة المتجددة في أميركا اللاتينية، يمكن للولايات المتحدة أن توسع نطاق مشاركتها في أحد أكثر القطاعات ديناميكية في العالم، وتحتل مؤسسة تمويل التنمية الدولية حاليا المرتبة الخامسة في تمويل الطاقة المتجددة في أميركا اللاتينية، خلف بنك (بانكو سانتندر) الإسباني، وبنك التنمية الألماني، وأكبر مشغلي طاقة الرياح والطاقة الشمسية في المنطقة هي شركة (إنيل) الإيطالية، و(أكتيس) البريطانية، وشركة (أوميغا) البرازيلية، وتحتل شركة (AES) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها المركز السابع، والصين هي المورد المهيمن لتكنولوجيا الطاقة الشمسية في المنطقة، وأكبر موردين لتوربينات الرياح هما بلدان من أوروبا يتقدمان بفارق كبير عن شركة جنرال إلكتريك التي تحتل المركز الثالث. وتُسلم إدارة بايدن بهذه الفرصة، ففي أوامر تنفيذية، حدد بايدن مكافحة تغير المناخ على أنه عنصر أساسي في السياسة الخارجية الأميركية والأمن القومي، وتعهد بالتعاون الدولي لدفع رأس المال نحو الطاقة النظيفة، والابتعاد عن الوقود الأحفوري، لا سيما في البلدان النامية. وبالنسبة لأميركا اللاتينية، ليس هناك وقت نضيعه، فحتى الآن، مازالت سياسة بايدن الإقليمية تحت سيطرة الفوضى على الحدود الأميركية مع المكسيك، وهي أزمة نشأت في السلفادور، وغواتيمالا، وهندوراس، ويجب على الولايات المتحدة الآن توسيع نطاق نهجها في هذه المنطقة الحرجة، والاستفادة من النوايا الحسنة التي اكتسبها بايدن هناك خلال حياته المهنية، ومن الأمور المشجعة أن اثنين من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية زارا أميركا الجنوبية مؤخرا، وقيل إن قضايا المناخ والبيئة من بين المواضيع الرئيسة التي ناقشاها. وبدون دعم الحلفاء الرئيسيين مثل الولايات المتحدة، ستكافح أميركا اللاتينية لدفع عملية انتقال الطاقة النظيفة، خاصة إذا ركزت على دعم صناعات النفط والغاز في محاولة للتعافي من الوباء، وبدلاً من ذلك، يمكن للحوافز الأميركية والمشاركة الدبلوماسية أن تسرع التحول الأخضر الذي يوفر لكل من أميركا اللاتينية والولايات المتحدة فرصا اجتماعية واقتصادية هائلة. * غاي إدواردز مستشار أول سابق في بنك التنمية للبلدان الأميركية ومدير مشارك لمختبر المناخ والتنمية في جامعة براون، ومؤلف مشارك لكتاب: A Fragmented Continent: Latin America and the Global Politics of Climate Change. وبنجامين ن. جيدان مدير سابق لشؤون أميركا الجنوبية في مجلس الأمن القومي الأميركي، وحاليا نائب مدير برنامج أميركا اللاتينية التابع لمركز ويلسون، وأستاذ مساعد في جامعة جونز هوبكنز.

مشاركة :