كشف مصدر عسكري سوداني عن إحالة 128 ضابطاً، برتب مختلفة بجهاز المخابرات إلى التقاعد. وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه: إن هذه الإحالات تمت في إطار هيكلة جهاز المخابرات، التي تقودها الدولة السودانية، لتطهير الجهاز من عناصر تنظيم الإخوان. وشدد المصدر على أن كشف الإحالات شمل رتباً رفيعة بينها: فريق، ولواء وعميد، وقد تم إخطارهم بقرار تقاعدهم. وقال مصدر أمني آخر، إن القرار يأتي في إطار عملية إعادة هيكلة غير معلنة، لكن مصدراً آخر أكد أن العملية مرتبطة بتجاوزات وعوامل سياسية، على رأسها فضيحة ظهور 190 جثة بعد تحللها وانبعاث روائحها في أحد مستشفيات الخرطوم. ويضاف إلى ذلك، وفق المصدر، الانتشار الواسع للشائعات التي تتحدث عن علاقة بعض ضباط الجهاز بخلايا تتبع للنظام البائد، وتنشط بقوة هذه الأيام لزعزعة الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد. مراجعة سريعة ورأى الخبير الأمني الاستراتيجي، أمين إسماعيل، أن الأرجح هو أن عملية الإطاحة بهذا العدد الكبير من الضباط لا تنفصل عن الجدل، الذي ظل مستمراً في الشارع السوداني طوال العامين الأخيرين، والمتعلق بضرورة إجراء مراجعات سريعة لتركيبة الجهاز والأدوار التي يقوم بها. ويشير إسماعيل إلى أنه لم تعد هناك حاجة لهذا العدد الكبير من الضباط في الجهاز، الذي تراجع دوره بشكل كبير في أعقاب الإطاحة بنظام عمر البشير في أبريل 2019، بعد أن كان يتمتع بصلاحيات واسعة. ويصعب جداً تحديد العدد الفعلي لمنسوبي جهاز الأمن، وذلك بسبب التشابك الكبير بين جهاز الأمن الوطني، والأمن الطلابي، والشعبي، وكتائب الظل وغيرها من الميليشيات الاستخباراتية. ومنذ تأسيسه في عام 2004 ظل الجهاز يحاط بسياج كبير من السرية، اتساقاً مع سرية عمل التنظيم الإخواني، الذي كان يشكل المصدر الرئيسي لتغذية الجهاز بالأفراد. وتزايدت خلال الفترة الأخيرة الحملة الشعبية الرافضة لاستمرار الجهاز بوضعه السابق. وربطت تلك الحملات بين الجهاز والعديد من الأحداث الأمنية، وهو ما أشار إليه بيان صدر الأسبوع الجاري عن لجنة إزالة تمكين النظام البائد عقب القبض على عدد من الضباط شاركوا في تجمع، نظمته الجمعة مجموعة من عناصر الإخوان في ساحة الحرية بوسط الخرطوم. وقالت اللجنة في بيان: إن التجمع لم يكن ذا طابع اجتماعي، وإنما واجهة لنشاط سياسي لعناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول، ما يعد نشاطاً مخالفاً للقانون. وأشارت أصابع الاتهام إلى تورط عدد من ضباط جهاز الأمن الموالين لجماعة الإخوان في تأجيج الصراعات الإثنية والأهلية في منطقة دارفور، التي راح ضحيتها أكثر من 300 شخص، خلال الشهرين الماضيين. كما ربط البعض بين قرار الإطاحة، وبين ظهور مئات الجثامين في مشارح بمستشفيات في العاصمة الخرطوم، ومدينة ودمدني الواقعة على بعد نحو 180 كيلو متراً جنوب الخرطوم. ولم يغب البعد الاقتصادي عن التفسيرات المتعلقة بكشف الإحالة الأخيرة، حيث يشير البعض إلى أن جهات داخل جهاز الأمن تدعم شبكات إخوانية تنشط لإضعاف الاقتصاد السوداني، من خلال خلق الأزمات والتربح منها، وبالفعل تشهد الأسواق السودانية ندرة حادة في العديد من السلع الأساسية، خصوصاً غاز الطبخ والمشتقات البترولية. وكان العديد من كبار ضباط جهاز الأمن يدينون بولاء شديد لنظام الإخوان، الذي حكم السودان 30 عاماً، ويملكون العديد من الملفات الاقتصادية الحساسة. وتطال بعض الضباط اتهامات باستغلال النفوذ والثراء الحرام، وتكديس ثروات بملايين الدولارات. وفي مطلع الأسبوع الجاري قضت محكمة سودانية بسجن ضابط الأمن السابق عبد الباسط حمزة 10 سنوات تحت مادتي الثراء الحرام، وغسيل الأموال وقانون النقد الأجنبي. وقدرت تقارير أن الأموال التي استولى عليها عبد الباسط حمزة بلغت نحو 1.2 مليار دولار، وهي عبارة عن أسهم في شركة اتصالات، وأراض سكنية وزراعية. وأوضح مصدر أمنى اشترط عدم ذكر اسمه أن قضية عبد الباسط حمزة سلطت الضوء على دوائر الفساد الكبيرة داخل الجهاز، ما يتطلب ضرورة مراجعة السلوك الاقتصادي لبعض الضباط الكبار. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :