قبل نحو ثلاث سنوات ذهبت للموسيقار الكبير خالد الأمير فى منزله بوسط المدينة، على باب الشقة كتب بكل اعتزاز على اليافطة التى تسبق اسمه اللواء . ولكن لم أعرف أنه ترقى لرتبة لواء، مثل زميله فى الجيش الشاعر الراحل صلاح فايز، وعندما تشاركا معا فى العديد من الأغنيات، أطلق عليهما الشاعر الكبير مأمون الشناوى (الأخوين ظبطانى) على طريقة الأخوين (رحبانى). كان هدفى من تلك الزيارة توثيق تاريخنا الموسيقى من خلال فنان موهوب، لحق بزمن العمالقة أم كلثوم وفريد وعبدالحليم وشادية ووردة والطويل ومحرم والموجى وبليغ وغيرهم، وله معهم ذكريات، الرجل لم يطلب أى مقابل للتسجيل، فقط أن أنتظره قليلا حتى يسترد صحته، تواصلت مع عدد من الفضائيات لتوفير كاميرات ومخرج، كنت أعتقد واهما أنهم سوف يرحبون، مع الأسف أكثر من مسؤول تحدثت إليه، اكتشفت أنهم لا يعرفون أصلا من هو خالد الأمير، وبعضهم يعيد ترتيب الاسم قائلا تقصد (الأمير خالد)، وتوقف المشروع، لأننا كما هو واضح لا يعنينا التاريخ، ولا توثيقه. كنت ألتقى فى الإذاعة بخالد الأمير بداية زواجه من ليلى طاهر، كان يحلو له أن يدندن فى مكتب صديقه الشاعر والإعلامى الكبير عمر بطيشة، برقم التليفون الأرضى أتذكره جيدا كما كان يغنيه ابتهاجا من اليمين (80 - 10- 18)، تلك كانت أرقام سكان حى الزمالك فى الثمانينيات، انتهى الزواج بالطلاق، وفى زيارتى الأخيرة له أعدت إلى ذاكرته رقم التليفون منغما، فوجدت الحزن يسكن ملامحه. قدمه الشاعر الغنائى الكبير مأمون الشناوى للحياة الفنية بأغنية (وحشنى كلامك) كان من المفترض أن ترددها نجاة، ولكنها طلبت بعض التعديلات على اللحن، وعلى الفور أخذ مأمون الشناوى معه خالد الأمير من شقة نجاة، ومنحا الأغنية لمها صبرى. كانت أمنيته أن تغنى له أم كلثوم، خاصة أنه كان صديقا مقربا لشادية، والتى كانت أيضا هى الأقرب لأم كلثوم، وقال لى خالد الأمير إن أم كلثوم طلبت منه أن يلحن لهانى شاكر فمنحه أول أغنية قدمته للجمهور (كده برضه يا قمر). روى لى كيف التقى بأم كلثوم فى عوامة، وكان حاضرا اللقاء الشاعر أحمد رامى وبدأ على العود يردد لحن أغنية (انتهينا م العتاب/ لا سؤال ولا جواب) من تأليف صلاح فايز، انبرى رامى غاضبا وقال: (بعد انتهاء العتاب وبقاء الحال على ما هو عليه ينتهى الحب)، وتوقف المشروع، وبعد رحيل أم كلثوم غنتها أصالة. من أشهر ألحانه (اتعودت عليك) و(الحب الحقيقى) شادية و(من فوق ظهر الحصان) فهد بلان، (صدقينى) و(بقولك إيه ما انتاش غريب) هانى شاكر، (صحى الأشواق) محرم فؤاد، (وحشتنى) سعاد محمد وغيرها. تاريخه حافل بالعديد من المواقف، مثل أيضا لقائه الفنى الذى لم يكتمل مع عبدالحليم، روى لى أنه أثناء الخدمة العسكرية كان يلتقى شمس بدران وزير الحربية (الدفاع) الأسبق، حيث كان يعلمه مبادئ العزف على العود. كم تمنيت أن نوثق تاريخ خالد الأمير، أتمنى أن نسارع الآن قبل الغد بتسجيل حياة من لايزال بيننا من هؤلاء، فهم شهود على الزمن الذى أوشك أيضا على الرحيل!. نقلًا عن "المصري اليوم".
مشاركة :