محضر تحرياته عن اتصالات الجماعة بمخابرات أجنبية انتهى باغتياله المحادثات الهاتفية بين مرسى وعبدالعاطى تثبت عليهما جريمة التخابر الباكوتشى يستخدم الضباط الملتحين فى اغتيال أحمد منسى محمد كمال يؤسس تنظيمات العمليات النوعية التى اغتالت هشام بركات ومحمد مبروك هو واحد من أبرع «رجال الظل».. سيف من سيوف النار.. أوقف زحف التتار.. أنصار الدمار.. أعداء الاستقرار.. رفض أن نعيش فى وطن للإيجار.. وبعد طول ظلام ولد النهار.. لكن.. الخيانة اغتالته فى عاصفة من الرصاص والغبار. هو ضابط الأمن السياسى المقدم محمد مبروك السيد خطاب أحد نجوم الحقيقة فى مسلسل «الاختيار» الجديد. كان وحيد والديه.. ضغط عليهما حتى وافقا على دخوله كلية الشرطة.. تخرج فيها عام 1995.. بعد عامين رشح للعمل فى «مباحث أمن الدولة».. لكنه أجبر على تركها فى التصفيات التى لحقت بالجهاز فى سنة حكم الإخوان.. عقابوه على كشفهم فكريا وواقعيا.. عاد إلى مكانه ومهامه بعد ثورة 30 يونيو 2013 ليواصل ما بدأ. لكن لم تكن الظروف سهلة.. تظاهرات إخوانية مضادة مسلحة.. تقتل وتحرق وتنشر الفوضى.. اعتصام «رابعة» الذى تحول إلى مستوطنة سرطانية.. تكوين كتائب العمليات النوعية التى نفذت فيما بعد عملية اغتيال النائب العام هشام بركات وحاولت اغتيال الدكتور على جمعة وأدارها محمد كمال الذى قتل فى مواجهة مع قوات الأمن فى 2016. وتحت السطح فى الخفاء تحرك طابور تكفيرى خامس فى الداخلية يقوده الرائد (فى الأمن المركزى) محمد السيد كمال الباكوتشى ويضم ستة من زملائه كانوا فى تنظيم «الضباط الملتحين».. منهم كريم محمد حمدى وحنفى كمال وخيرت السبكى.. شاركوا فى قتل أحمد منسى.. وخططوا لاغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسى.. وكشفوا عن ساعة صفر فض اعتصام رابعة العدوية. فى الوقت نفسه لم تكف عمليات التحريض والتمويل الخارجية التى التقط خيوطها وتسمع مكالمتها محمد مبروك وبدا واضحا أنها قضية تخابر متهم فيها محمد مرسى الذى سيصبح رئيسا وأحمد عبدالعاطى الذى سيصبح الشخصية الأكثر قوة فى قصر الاتحادية. حسب شهادة مبروك فى قضية اقتحام السجون (القضية رقم 56460 لسنة 2013 جنايات قسم أول مدينة نصر) فإن وصول نواب من الإخوان إلى مجلس الشعب (عام 2005) أتاح لهم لقاء ممثلى المنظمات والتنظيمات والمخابرات الأجنبية تحت غطاء الحصانة البرلمانية. فى ذلك العام أطلقت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مصطلح «الفوضى الخلاقة»، حيث يجب أن تسقط الدول وتتفكك وتنهار ومن تحت الأنقاض ستخرج نظما ديمقراطية ولكن عندما جربت تلك النظرية فيما بعد وجدنا انقسامات عقائدية وتنظيمات إرهابية وحروبا أهلية وهجرات جماعية (حالات سوريا وليبيا واليمن مثلا). وعبرت إدارة الرئيس جورج بوش عن عدم تخوفها من وصول تيارات إسلامية إلى السلطة على غير ما كانت تعتقد. بالطبع كانت مصر الجائزة الكبرى التى لو سقطت لن تنجو دول عربية أخرى ومارس بوش ضغوطا هائلة على مبارك خلال لقائهما فى مزرعة بوش فى كراوفورد (تكساس) وعاد مبارك إلى القاهرة بعد أن قرر عدم زيارة الولايات المتحدة مرة أخرى إلا بعد أن يترك بوش البيت الأبيض. وهنا تضاعفت تحريات «رجال الظل» فى الأجهزة الأمنية المختصة ولم يكن صعبا كشف مخطط إشاعة الفوضى فى مصر بهدف إسقاط مؤسساتها وإخضاعها إلى دول وتنظيمات خارجية تمكن الإخوان من الوصول إلى الحكم وتقسيم البلاد إلى فصيلين: إسلامى وليبرالى بعد فشل التقسيم على أساس طائفى: مسلم ومسيحى فلم يقبل به الغرب. وحسب شهادة مبروك: قادت المخطط واشنطن بالتعاون مع أنقرة والتنظيم الدولى للإخوان الذين قبلوا باستقطاع جزء من شمال سيناء لتوطنين الفلسطينيين المقيمين فى غزة التى تسيطر عليها منظمة حماس (الإخوانية) تطبيقا للمثل الشائع: «زيتنا فى دقيقنا» والجماعة فوق الوطنية. فى مقر نواب الإخوان (شارع الإخشيد فى المنيل) التقى سعد الكتاتنى بمسئولة القسم السياسى فى السفارة الأمريكية إيمى كيشانو يوم 14 إبريل 2010. بدا واضحا أن المخطط نضج وعلى وشك قطف ثماره ولكن الخوف من فضح ما يجرى نقل اللقاءات إلى الخارج على أن الأمن كان يطاردهم فى كل مكان على خريطة الدنيا كلها. حسب محضر تحريات سلمه مبروك فى 9 يناير 2011 فإن محمد مرسى كلف سعد الكتاتنى وصلاح عبدالمقصود بالسفر إلى تركيا ليلتقيا بإخوانى ثالث هارب هو أحمد عبدالعاطى لاطلاعه على تطورات الأحداث فى مصر وإمكانية استثمارها والوقوف على مستجدات الموقف الأمريكى. عرض المحضر على نيابة أمن الدولة فأصدرت إذنا فى اليوم نفسه ولكن فى الساعة الرابعة والنصف مساء بتسجيل اللقاءات والمحادثات الهاتفية لكل من محمد بديع ومحمد مرسى وسعد الكتاتنى. بتاريخ 21 يناير 2011 رصد أول اتصال بين مرسى وعبدالعاطى ورصدت اتصالات أخرى خلال الخمسة أيام التالية وقبل اليوم الأخير اشتعلت مصر بالتظاهرات. استمع مبروك إلى المحادثات وفرغها بنفسه ووضعها على الشرائط المخصصة لتقديمها إلى النيابة إلا أنها فقدت أثناء اقتحام مبنى أمن الدولة فى مدينة نصر بمعرفة عناصر مخربة وإخوانية غير أنه أمكنه أخذ محضر التحريات. كانت المحادثة الهاتفية الأولى بين مرسى وعبدالعاطى فى الساعة الحادية عشرة وثلاثة وأربعين دقيقة مساء يوم 21 يناير. قال عبدالعاطى: ــ التقيت أمس بالشخص رقم واحد. ــ هل هو نفس الشخص الذى التقيت به (من قبل). ــ لا إنه رئيسه ومسئول معه. ــ هل وصلت رسالتك؟. ــ قلت إن مخططنا سبق مخطط تونس (لكنها سبقتنا فى التنفيذ). ــ ما الذى يزعجك؟. ــ أنزعج من بعض الأشخاص فى الخارج ومن السيناريو الذى حدث وأن استيعابهم غير مكتمل وحساباتهم مرتبكة (دون أن يذكر الأسماء). ــ ألم يسألك (رقم واحد عما سنفعل)؟. ــ حددت عشرة مطالب إذا لم تستجيبوا لها سيحدث السيناريو الكبير (والمؤكد) أن الناس ستستجيب لكم لأنكم تمثلون القوى الأكبر (يقصد الولايات المتحدة) وأنه سيكون هناك ثلاث دول ستحرك الأحداث من بينها ألمانيا (حسب سير الأحداث فإن أغلب الظن أن الدولتين الأخريين هما الولايات المتحدة وتركيا). ــ أكمل. ــ أبلغته (أيضا) بأن ما سبق أن قلناه منذ سنة مضت يتحقق الآن وبخطوات أسرع ومن الضرورى أن يكون الأشخاص المتفق معهم سلفا فى صدارة المشهد عند حدوثه. ــ إننا مازلنا ندرس الأمر وفى غضون يوم عشرة (من الشهر الجارى) سنصل إلى قرار ولكنى أخشى أن تنتقل الجماعة إلى مراحل غير مخطط لها جيدا، الجماعة الآن فى مرحلة أسلمة المجتمع (والتى تسبق مرحلة التمكين ثم الوثوب على السلطة) أخشى من انتقال الجماعة إلى مرحلة غير محسوبة. ــ التغيير قادم لا محالة. ــ هل كانت المخابرات التى تتعاملون معها لديها معلومات عن حادثة كنيسة القديسين (فى الإسكندرية عشية أول يناير 2011 احتفالا برأس السنة حيث اقتحمتها سيارة مفخخة قتلت وأصابت 120 ضحية) والجهات القائمة على تنفيذه. ــ استبعد ذلك الأمر. ــ لكنى أخشى أن تكون المخابرات التى تتعاملون معها على علاقة بجماعات أخرى فى مصر. ــ حتى الآن وإن وجدت تلك العلاقة فلن تكون بنفس الثقل الذى يجمع علاقتنا بها. ــ أريد أن أسأل عن القوة التى تستطيع فتح قنوات اتصال مباشر مع قوة عبر الأطلنطلى (يقصد الولايات المتحدة غالبا). ــ دولة تركيا القادرة على ذلك لكون مثل هذا الأمر سوف يعزز من موقفها فى المنطقة وسبق أن التقيت برجب (رجب طيب أردوجان وكان وقتها رئيسا للوزراء). ــ حدد لى موعدا للقائه. ــ كذلك فإن قطر ترغب فى أن يكون لها دور مرسوم وأنها تملك المال والسياسة والإعلام وسوف تساهم فيما سيحدث فى مصر كما ساهمت فيما حدث فى تونس. سجل محمد مبروك ما سمع فى تلك المحادثات الهاتفية بدقة فى محضر تحريات يدين قيادى فى الجماعة أصبح رئيسا للجمهورية بتهمة التخابر مع أجهزة أجنبية هو محمد مرسى ويدين قيادات أخرى سيطرت على مؤسسات الدولة ومفاصلها بالتهمة ذاتها. ولم تحتمل الجماعة ما توصل إليه محمد مبروك خاصة أنها فقدت السلطة ووضعت قياداتها فى السجون تحت محاكمات جنائية متعددة الاتهامات فكان لابد من التخلص منه انتقاما من ناحية وغيابه عن منصات الشهادة فى القضايا المختلفة. كان لابد من اغتياله مهما كان الثمن وجاء الأمر بالتنفيذ من كبار الجماعة فى السجون ولم يكن أمام مجموعة التنفيذ سوى السمع والطاعة.
مشاركة :