من المستحيل في مجتمعنا المسلم أن يتزوج أحد منا أخته من الرضاعة، لأن الجميع يعلم بأن من المتفق عليه أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب كما ورد في الحديث الشريف. - فالإسلام حرم نكاح المحارم، ولا فرق بين المحارم بسبب النسب أو بسبب الرضاع متى ثبت الرضاع من حيث عدد الرضعات التي اشترطها الفقهاء، ومن حيث كيفية الرضاع، بحيث يكون الرضيع في سن الرضاع. قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ .. إلى آخر الآية 23 من سوره النساء. - لكن يحصل أن يتزوج الرجل إحدى بنات الفريج بحكم أنها من معارف الوالدة أو من اللاتي وقع عليه الإختيار من قبل الخطابة أو أعجب الرجل نفسه بها. - ثم يتضح أنها أخته من الرضاعة، لماذا؟ لأن أمه أرضعتها، أو أمها أرضعته، المهم أنهما اجتمعا على الرضاع من ثدي واحد، ولا فرق بين أمها وأمه فالأخوة ثابتة بينهما، وإنما الفرق بين إخوانهما وأخواتهما. فكل أخ من قبل الأم التي أرضعتهما يعتبر محرماً على أولاد تلك الأم المرضعة، ولا علاقة لإخوان الطفل الذي رضع من تلك المرضعة بالمرضعة أو بأولادها، لأنهم لم يرضعوا منها. - على كل حال فإذا حصل التباس من هذا النوع، بأن ثبت أن التي تزوجها هي أخته من الرضاعة، فإن ذلك النكاح يعد باطلاً. فالفقهاء من حيث الآثار التي تترتب على عقد النكاح، قسموا النكاح إلى ثلاثة أنواع: نكاح باطل، ونكاح فاسد، ونكاح صحيح: 1- النكاح الباطل: هو الذي اختل فيه أمر أساسي أو فقد شرطاً من شروط الإنعقاد، كأن يتزوج بإحدى محارمه وهو يعلم، فرأي جمهور الفقهاء أن مثل هذا يحدّ حدّ الزنا إذا كان عالماً بالتحريم، لأنه غير صحيح من البداية. ويرى أبو حنيفة أنه يعزر ولا يحدّ، لأن صورة العقد شبهة، وبالشبهات تدرأ الحدود. وعند الجعفرية أن الدخول في النكاح الباطل إذا كانت من غير محارمه، يحدّ حدّ الزنا، وإذا تزوج محرماً له يستحق القتل (انظر مسائل الخلاف ج 2 ص 175). والاستمرار في النكاح الباطل يعد باطلاً عند الفقهاء، فمتى ثبت أنه تزوج أخته من الرضاعة على سبيل المثال، وجب التفريق بينهما بحكم القاضي. ومن المعروف شرعاً أن النكاح الباطل لا يترتب عليه أي أثر من آثار الزواج، فلا يجب المهر ولا النفقة ولا الطاعة ولا الطلاق بل يفسخ مباشرة. ولا يثبت به نسب ولا توارث ولا حركة المصاهرة ( انظر أحكام الأسرة في الإسلام دراسة مقارنة بين المذاهب السنية والمذهب الجعفري للأستاذ محمد مصطفى شلبي ص 319-321). 2- النكاح الفاسد: وهو الذي تخلف فيه شرط من شروط الصحة بعد استيفائه لأركانه، كالزواج من غير شهود، والزواج المؤقت، والزواج من إحدى المحارم بسبب الرضاع وهو لا يعلم. وحكم النكاح الفاسد أنه لا يحل الدخول بها، وإذا دخل بها فلا يترتب عليه في ذاته أي أثر، فإذا تزوج امرأة وأخبر فيما بعد أنها أخته من الرضاع، وثبت ذلك وجب التفريق لكن لا يحد الرجل ولا المرأة لوجود الشبهة، ويجب لها مهر المثل، وتثبت حرمة المصاهرة، وتجب العدة، ويثبت نسب الولد، ومع ذلك لا توارث بينهما، ولا نفقة ولا يقع التفريق طلاقاً بل فسخاً. 3- النكاح الصحيح: هو ما استوفى أركان النكاح والشروط ولم يحصل فيه إخلال، وبه تثبت الحقوق.
مشاركة :