الفرح لا موعد له، فكل الأيام مناسبة لتذوق السعادة، لكن بعضهم يعتقد أن تأجيل مناسباته السعيدة لترتبط بمناسبات أخرى يجعل منها أكثر تميزاً وبريقاً، ولهذا تزدحم أيام الأعياد بحفلات الزفاف، فترتفع الأسعار ليدفع العروساين ضريبة عرسهما المبارك بأيام العيد، بينما يصر آخرون على تحديد موعد الزفاف ليصادف عيد ميلاد أحدهما، فتبقى الذكرى مميزة إلى الأبد، تبعاً لاعتقادات شخصية تقدس هذا اليوم، أو حسب الموضة التي ابتدعتها الفتيات، وفي أحيان أخرى نجد أن الأقدار نفسها هي التي تشارك في جمع هذه المناسبات لتمنحها طعماً مختلفاً وبريقاً لا يزول. تعتبر سلمى النايف، الموظفة الحكومية، الزفاف كالولادة الثانية، فهي مناسبة نادرة التكرر، لذا أحبّت أن تخلدها بربطها بعيد ميلادها حتى لا تبهت ذكراها أبداً، وحتى تعطيها القدسية التي تستحقها. تقول: الزواج بالنسبة لي هو الولادة الثانية التي ترتبط بالانتقال إلى حياة أخرى، والخروج من كنف الأهل، لهذا أحببت أن أربط ولادتي الثانية بالأولى ليجمعهما التاريخ نفسه، ولم أكن أفكر بالأمر على أنه موضة، أو تقليعة شبابية كما يظن بعضهم، بل كان بالنسبة إلي يحمل معنى عميقاً واحتراماً للمناسبتين. وجرت العادة لدى الكثير من الفتيات أن يجمعن بين مناسبة عيد ميلادهن، وحفل الزفاف، بحسب أفراح أمين أسد، ربة منزل. تقول: قبل سنوات عدة حضرت زفاف إحدى بنات العائلة، التي اختارت أن يكون العرس يوم عيد ميلادها، وقلدتها أختها أيضاً بتنفيذ الفكرة نفسها، وبعدها صارت موضة دارجة، باختيار يوم مميز للعروسين أو لأحدهما ليحددا فيه موعد زواجهما. كما أن أختي الكبيرة اختارت أن تقيم حفل زفافها في العيد ليكون الفرح فرحين، ولأن الجميع يكون في إجازة ضمن هذه الفترة. وعن زيادة الإقبال على حفلات الزفاف مدة الأعياد، توضح أن الأمر يرتبط بالإجازات والعطل المدرسية والرسمية بالدرجة الأولى، وأنه خلال السنوات الطويلة كان يصادف أن يتوافق قدوم العيدين خلال العطلة الصيفية، لهذا كانت تقام الأفراح والمناسبات بكثرة خلال هذه الأيام. في بعض القصص تلعب الصدف دوراً بطولياً أيضاً، فالجميع يستغرب أن يصادف عيد ميلاده مع زوجته بنفس اليوم، ولهذا قرر حسام أشرفي، موظف المبيعات، أن يكون عيد زواجهما في اليوم نفسه. يقول: جمعنا 3 مناسبات في يوم واحد، وهذا ما يجعل لهذا اليوم طعماً مختلفاً ومميزاً، والأهم أن كل من يعرف بالأمر تعلو وجهه الدهشة، ويضيف مازحاً بأن الجزء الأفضل في الموضوع هو التوفير. وعن أعياد الميلاد المشتركة في العائلة الواحدة، تتشارك أيضاً فاديا دلة، إعلامية، وابنها الأكبر اليوم نفسه، واعتادت منذ ولادته أن تحتفل به في هذا اليوم وتنسى عيدها، وتقول: لا شيء يفرح قلب الأم مثل فرحتها بابنها وهو يكبر، ومراقبة سعادته بيوم ميلاده، كما أن هناك مشاعر لا يمكن وصفها تجاه هذا الابن الشريك، الذي يجمعني به تاريخ ميلاد واحد، والكثير من المواصفات والطباع المشتركة، والمشاعر القريبة. وتضيف بأنها لم تتعمد جمع المناسبتين لأنها ولدته بشكل طبيعي، ولم تكن هناك حينها إمكانية لتحديد موعد الولادة، كما تفعل الكثير من الأمهات، ولهذا تعتبر هذه الصدفة ذات طعم مختلف بالنسبة لها، لأن الله أراد أن يجمع مولدهما في يوم واحد. وعلى الرغم من استغراب الجميع من اختيارها أول أيام العيد لولادة ابنتها، إلا أن روز عبد الحميد، ربة منزل، أصرت على الأمر، وتقول: كانت ابنتي الأولى وكنت أنتظرها بفارغ الصبر، ولأني كنت على عجلة من أمري اخترت أول أيام العيد لأنه كان الموعد الأقرب المتاح لدي، وكانت بالفعل مفاجأة رائعة، لأني لم أخبر ما نويت فعله لأحد، فجمعت العائلة لتعيّد في المستشفى، وارتبطت ذكرى ولادة ابنتي بعيد الأضحى، فصرنا نحتفل به لمرتين في السنة حسب التقويم الهجري والميلادي. ولعل لمفهوم التبرّك الدور في هذه المناسبات المجتمعة، إذ تشرح زينب السيد (أم سعيد)، ربة منزل، أن الناس يفضلون تزويج أبنائهم في هذه الأيام المباركة، خصوصاً عيد الأضحى، لينالوا بركة الحجاج ودعاءهم، ولتكون بداية طيبة لحياة سعيدة ومباركة. تقول: تزوجت ابنتي قبل العيد بأيام قليلة، أي قبل أن يذهب الحجاج، واتفقت مع زوجها على هذا الموعد ليتفاءلوا بالعيد، وليأخذوا بركة هذه الأيام، وتؤكد أن الكثير من الناس يفضلون إقامة حفلات الزفاف بعد عيد الفطر، أو قبل عيد الأضحى وهذا تبعاً للواجبات الدينية، وارتباط حياة الناس بها، وارتياحهم لهذه الأيام. وعن اعتبار أيام الأعياد موسماً للأفراح، وارتباط هذه العادات بمعتقدات معينة، تؤكد موزة عبد الله، الخبيرة والباحثة في التراث الإماراتي، عدم وجود أية علاقة للأمر بالموروث الشعبي الإماراتي من عادات وتقاليد. وتقول: كل الأيام بالنسبة لنا خير، وكلها أيام الله ويجوز فيها الفرح، ربما اعتاد الكثيرون ألّا يقيموا حفلات الزفاف في شهر رمضان المبارك لارتباطه بالعبادة، إذ يفضل الجميع التفرغ لطاعة الله في هذا الشهر، لتؤجل حفلات الزفاف حتى نهايته، لكن كل الأيام مباركة، ولا مبرر لحصر حفلات الزفاف في مدة معينة. وكانت حفلات الزفاف والمناسبات تقام في الماضي تبعاً لحالة الطقس، ولهذا ارتبطت بمواعيد الأعياد سواء قبل أو بعد حسب تغيرات الطقس، وفق سالم هلال، الباحث في التراث الإماراتي، لكن مع وجود الاعتقاد بأن أيام الأعياد مباركة جرت العادة أن تقام بها حفلات الزفاف، مؤكداً أنه لا صحة لهذا المعتقد، مستشهداً بالحديث الشريف: لا عدوى ولا مهمة ولا طير ولا صفر، مؤكداً أن كل الأيام أيام خير. تكاليف مرهقة للشباب يعتمد ربط المناسبات وحفلات الزفاف بموعد معين على مستوى تفكير أهل العروسين ووعيهم، حسب عائشة الحويدي، رئيسة اللجنة النسائية في جمعية الشارقة الخيرية، التي تشير إلى أن البعض يفضل تأجيل حفل الزفاف إلى العيد، أو حسب تاريخ ميلاد أحد العروسين لتكون الفرحة مزدوجة. وتوضح بأن تكاليف الأفراح في تلك المواسم باتت باهظة جداً ومضاعفة ومرهقة للشباب، وتأجيل موعد الزفاف ليأتي في الأعياد، يؤثر في ارتفاع التكاليف بنسبة كبيرة، نظراً لاستغلال أصحاب الفنادق ومجهزي الأعراس، لتلك المناسبات وزيادة الطلب في مدة معينة. وتقول الحويدي: من كانت لديه القدرة على تحمل هذا الغلاء فليحدد الموعد الذي يريده، لكن من كان غير قادر على تلك المصاريف، عليه أن يتعقل ويحسب الأمور بطريقة منطقية، ونتمنى أن ينتشر الوعي لدى الشباب والفتيات بضرورة الاقتصاد بتكاليف الزواج، حتى لا يحملوا أنفسهم أعباء مادية وديوناً ترافقهم على مدى سنوات. وتشير إلى أن مؤسسة صندوق الزواج لا تقصر على توعية الشبان بهذا الخصوص، لكن للأسف الناس لا يستجيبون لأنهم اعتادوا على هذا النمط من التفكير، وأخيراً تؤكد، على الآباء ممن يريد تزويج ابنته، ألا يضغطوا على العريس في متطلباتهم، وأن يساعدوه على تحمل بعض التكاليف المتعلقة بطلبات غير ضرورية، تصر عليها عائلة العروس لأجل المباهاة.
مشاركة :