المملكة تحرك العالم لمعترك تغير المناخ والغوص في أعماق المحيطات

  • 4/27/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حركت المملكة العربية السعودية العالم للالتفاتة الحقيقية إلى معترك تغير المناخ والغوص في أعماق المحيطات والتحليق بالأجواء على حد سواء لوقف كل ما من شانه الخلل بنظام كوكب الأرض، من حيث الارتفاعات المفاجئة والكبيرة في درجات الحرارة، وتداخل الطقوس، واضطرابات الأجواء، وفشل معظم الأرصاد للتكهن بالظواهر الطبيعية وعدم انتظام فتراتها الزمنية المعروفة، وغير ذلك من مشكلات بيئية كمشكلة الأزمة المناخية التي تسود كوكب الأرض منذ اندلاع الثورة الصناعية العالمية أواسط القرن الماضي، في إشارة لارتباط النهضة الصناعية والتقدم الحضاري باكتشافات الطاقة من نفط وغاز ومعادن، وسيؤدي تغير المناخ، إذا تُرك دون علاج، إلى خسائر بشرية واقتصادية قد تصل إلى حد الكارثة، ولكن الوقت لم يفت بعد لتغيير المسار، وقد ارتفعت درجات الحرارة العالمية بنحو درجة مئوية واحدة منذ حقبة ما قبل الثورة الصناعية، من جراء غازات الدفيئة التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، وما لم تُتخذ إجراءات قوية لكبح انبعاثات هذه الغازات، فقد ترتفع درجات الحرارة العالمية بما يتراوح بين درجتين وخمس درجات مئوية إضافية مع نهاية هذا القرن، ولإبقاء درجات الحرارة في مستويات آمنة حسب رأي العلماء، يتعين الوصول بصافي انبعاثات الكربون إلى الصفر على مستوى العالم مع حلول منتصف القرن. وفي آخر عدد من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، يقدم البنك الدولي الأدلة على أن أدوات السياسة الاقتصادية يمكن أن تمهد الطريق للوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر على أساس صاف مع حلول عام 2050 بينما يواصل العالم سعيه للتعافي من أزمة كوفيد- 19، ويوضح البنك في تقريره إمكانية اتباع هذه السياسات بصورة تدعم النمو الاقتصادي، والتوظيف، والمساواة في توزيع الدخل. ومن حيث التكاليف المعقولة لسياسات التخفيف، يمكن للسياسات الاقتصادية أن تعالج تغير المناخ من خلال قناتين أساسيتين هما التأثير على تكوين الطاقة (المصادر عالية الانبعاثات مقابل المصادر منخفضة الانبعاثات)، والتأثير على الاستخدام الكلي للطاقة. وتتحدد تكاليف ومزايا السياسات المختلفة حسب كيفية استخدام هاتين القناتين المنفصلتين. ضريبة على الكربون ومثلا، يؤدي فرض ضريبة على الكربون إلى جعل أنواع الوقود القذرة أعلى تكلفة، مما يحفز مستهلكي الطاقة على التحول إلى أنواع الوقود الأكثر مراعاة للبيئة، وفي هذه الحالة، يهبط الاستهلاك الكلي للطاقة أيضا لأن الطاقة، في مجملها، تتسم بارتفاع التكلفة، وفي المقابل، تؤدي السياسات التي تهدف إلى جعل الطاقة الخضراء أرخص ثمنا وأكثر وفرة (الدعم أو الاستثمار العام المباشر في الطاقة الخضراء) إلى زيادة نسبة الطاقة ذات الانبعاث المنخفضة. ولكن، من خلال ما يحققه دعم الطاقة الخضراء من خفض لتكلفة الطاقة ككل، فإنه يعمل أيضا على تحفيز الطلب الكلي على الطاقة أو أنه، على الأقل، لا يتسبب في انخفاضه. وفي هذا المنحى، تشير آخر تحليلات صندوق النقد الدولي إلى أن الجمع بين ضرائب الكربون والسياسات التي تخفف الأثر على تكاليف الطاقة التي يتحملها المستهلكون من شأنه تحقيق انخفاضات سريعة في الانبعاثات دون آثار سلبية كبيرة على الناتج والتوظيف، وينبغي أن تبدأ البلدان باختيار حزمة إجراءات لتنشيط الاستثمار الأخضر، أي الاستثمار في النقل العام النظيف، وشبكات الكهرباء الذكية لإدخال مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، والتعديل التحديثي للمباني حتى تصبح أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، وذكر البنك بأن هذه البنية التحتية الخضراء ستحقق هدفين، أولها ستعزز إجمالي الناتج المحلي العالمي والتوظيف في سنوات التعافي الأولى من أزمة كوفيد- 19. أما ثانيها، ستؤدي البنية التحتية الخضراء إلى زيادة الإنتاجية في القطاعات منخفضة الكربون، ومن ثم تخلق حافزا للقطاع الخاص كي يستثمر فيها ويزيد من سهولة تكيفها مع ارتفاع أسعار الكربون. ويفيد هذا التحليل للسيناريوهات القائمة على نماذج بأن اتباع استراتيجية سياسات شاملة لتخفيف آثار تغير المناخ من شأنه إعطاء دفعة لإجمالي الناتج المحلي العالمي في أول 15 سنة من التعافي بنسبة تبلغ نحو 0,7 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي في المتوسط، ودَفعة للتوظيف في نصف هذه الفترة تقريبا بما يتيح وظائف إضافية لنحو 12 مليون شخص على مستوى العالم، ومع ترسُّخ التعافي، ستصبح أسعار الكربون المعلنة والمتزايدة بالتدريج أداة قوية لتحقيق الخفض المطلوب في انبعاثات الكربون. فمن الطبيعي أن يؤدي مزيج السياسات المناخية الصحيح إلى إعطاء دفعة لإجمالي الناتج المحلي العالمي في الخمسة عشر سنة الأولى من التعافي الاقتصادي بعد أزمة كوفيد- 19. وإذا نُفِّذت برنامج للسياسات من هذا القبيل، فمن شأنها أن تضع الاقتصاد العالمي على مسار مستدام عن طريق تخفيض الانبعاثات والحد من تغير المناخ. وسيؤدي التأثير الصافي إلى خفض خسارة الناتج المتوقعة الناجمة عن تغير المناخ إلى النصف تقريبا، كما سيحقق تحسنا في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي على المدى الطويل يزيد بكثير على التحسن الذي يحققه المسار الحالي اعتبارا من سنة 2050 فما بعدها. ورغم المنافع الممكنة على المدى الطويل، والدفعة المبدئية للنشاط الاقتصادي، فإن مثل هذه السياسات تفرض تكاليف بالفعل طوال الفترة الانتقالية. فبين العامين 2037 و2050، من المتوقع أن تؤدي استراتيجية التخفيف إلى إبقاء إجمالي الناتج المحلي العالمي دون المستوى المتوقع في حالة عدم تغيير السياسات، وذلك بنحو 0,7 % في المتوسط كل عام، و1,1 % في عام 2050. غير أن هذه التكاليف تبدو معقولة، نظرا لأن الناتج العالمي من المتوقع أن يرتفع بنسبة 120 % بين العام الحالي وعام 2050. ويمكن تحقيق مزيد من الخفض للعبء الذي يتحمله الناتج إذا تضمنت السياسات المناخية حوافز للتطور التكنولوجي في مجال التكنولوجيات النظيفة، ويمكن أن تكون حزمة السياسات محايدة التأثير على الناتج في تلك الفترة إذا أُخِذت في الاعتبار منافع مهمة كتحسن النتائج الصحية (بسبب انخفاض التلوث) أو انخفاض الازدحام المروري. ومن الأرجح أن تكون الأسر منخفضة الدخل هي الأكثر تضررا من تسعير الكربون، لأن إنفاقها على الطاقة يستنفد نسبة كبيرة نسبيا من دخلها، ولأنها الأرجح أن يعمل أفرادها في قطاعي النقل والتصنيع اللذين يتسمان بكثافة استخدام الكربون، وهناك سياسات متنوعة تستطيع الحكومات استخدامها للحد من الآثار السلبية لارتفاع أسعار الكربون على الأسر، ومنها أولا، يمكنها منح تخفيض كلي أو جزئي على ضرائب الكربون من خلال التحويلات النقدية. فعلى سبيل المثال، يخلص البحث إلى أن توفير حماية كاملة لاستهلاك الأسر التي يصَنَّف دخلها ضمن أقل 40 % في توزيع الدخل، ستحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى تحويل 55 % من كل إيرادات تسعير الكربون، بينما ستحتاج الحكومة الصينية إلى تحويل 40 % منها.

مشاركة :