ظلت المملكة على الدوام متمسكة بخدمة الحجاج والمعتمرين، معتبرة هذه الخدمة جزءا لا يتجزأ من رسالة المملكة نحو الإسلام والمسلمين، هذه الخدمة الجليلة ينفر إليها كل مسؤول، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله -، ويرعاها مباشرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا. الخدمات المقدمة كبيرة وتليق بالمكان الإسلامي والبيت العتيق، وتليق بالمؤمنين الذين صبروا ونالوا شرف الزيارة وأداء شعيرة الحج، وقلوبهم تخفق بالمحبة والإيمان والتسامح، قدموا من كل بقاع الأرض لأجل أن يؤدوا هذه الفريضة، رغم اختلاف لغاتهم ولهجاتهم وعاداتهم، إلا إنهم في هذا المكان توحدت قلوبهم ولغتهم وسلوكهم وطريقهم نحو هدف واحد، هو مرضاة الله – سبحانه وتعالى – تناسوا خلافاتهم واختلافاتهم، ملبين النداء الرباني العظيم «وأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ». ملايين البشر، في توقيت موحد ومساحة تزداد اتساعا بعناية ولاة الأمر كل يوم، بأمن واستقرار، يحفظه لهم الله في علاه، وقوات الأجهزة الأمنية التي تعتبر هذه المهمة مهمة إسلامية ووطنية وواجبا مقدسا يؤدى نحو الحجيج جميعهم، بعد تدريبات نوعية وقاسية أحيانا، مهمتهم الأمن وتفويج الحشود وحفظ وسلامة أرواحهم، غير أن بعضا من الحجاج وبعثات الحج لا تعير اهتماما بالسلامة العامة والخاصة، وبخاصة لكبار السن، وممن لديهم مشكلات صحية تمنعهم من الصمود أكثر وسط هذه الجموع. ان ما يلفت الانتباه ويثلج الصدور، تلك الكوكبة من المتطوعين من مختلف مناطق المملكة، ممن نفروا لخدمة الحجاج وتسهيل مهمتهم في إطار وتنظيم واضح، يكشف حجم التضحية ومعناها الكبير لدى شبابنا ممن رافقوا الحجاج وتعاملوا معهم بخلق عربي إسلامي قويم، ولعل ما يلفت الانتباه هو تطوع العديد من المقيمين تحت مظلة الندوة العالمية للشباب الإسلامي وفِرَقها الشبابية التطوعية للعام الخامس على التوالي، حيث شاهدنا تطوع 2000 شاب هندي من المقيمين في مكة وجدة للمساهمة والمشاركة في هذا الواجب الاسلامي المقدس. إن هذا المؤتمر الإسلامي الكبير -حيث تحضره العديد من الوفود والشخصيات والرمزيات ورجال الدين الاسلامي من مختلف اقطار الارض، برعاية المملكة، وهناك العديد من المثقفين والاعلاميين والاكاديميين ورجال الاعمال، ممن حضروا لأداء هذا الواجب، اضافة إلى اجتماع الكلمة والوحدة الاسلامية- فإن هذا المؤتمر الضخم لم يخل من نقاش أوضاع الأمة والتفكير في أمورها وشؤونها وتعقيداتها، بعدما أصبحنا نرى ظواهر غريبة على الإسلام والمسلمين، اختطفت الدين ومارست كل ما يخالف الشرع، وقدمت المصالح السياسية على المقاصد الإسلامية والشرعية، وتلاعبت بالعقول، وقدمت صورا سلبية عن الإسلام والمسلمين. إن الحج مؤتمر للقوة الناعمة الإسلامية، مؤتمر للحوار واجتماع الكلمة، ومؤتمر للوحدة على أسس واضحة، وليس على مصالح متقاطعة ومتعاكسة ليس لها صلة بما يعيشه المسلمون في حجهم اليوم، ومؤتمر للتضحية والتطوع لنيْل الأجر والثواب في هذا الموسم العظيم، بتفعيل دور الشباب في خدمة الاسلام والمسلمين بأساليب حضارية راقية تتناسب وعظمة الإسلام وروحه، بديلا عن الصور الدامية وقطع الرؤوس وتفجير الآمنين.
مشاركة :