تعرف على تفسير قوله تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ

  • 4/28/2021
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

واصل الدكتور هنيدي هنيدي عبدالجواد، مدرس التفسير وعلوم القرآن وعضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تقديمه لبعض التفاسير المتعلقة بآيات القرآن الكريم. وبين أن قوله - تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد: 16، 17]، فهاتان الآيتان يحُضَّان المؤمنين على خُشُوع القلب وخُضُوعه لله - عزَّ وجل -، والأخذ بأسباب الطَّاعة والعبادة المؤدِّية إلى لِينه وترقيقه، ونهيهم وتحذيرهم عما يُؤدِّي إلى قسوته، من الوقوع في المعاصي والشَّهوات والملذَّات. وتابع: قوله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ }: يأْنِ: من الأَنَاة: الوقت. والذين آمنوا: هم طائفة من المؤمنين، غفلوا عن ذكر الله - عزَّ وجل -، فقست قلوبهم، فعاتبهم الله على قسوة قلوبهم، وغفلتهم عن ذكره. وبين أن خُشُوع القلب: هو خضوعه وانكساره لله ربِّ العالمين. والمؤمن الحقيقي هو الذي يحرص على الأخذ بأسباب خشوع قلبه ورِقَّته ولِينه، من ذكر الله - عزَّ وجل -، وتسبيحه، وتهليله، وتكبيره، وقراءة القرآن، وتدبُّره، وتأمُّله، والبُعْد عن أسباب قسوة القلب من الانغماس في شهوات الدنيا وملذَّاتها. وذكرُ الله: يشمل الذِّكر باللسان والقلب والجوارح، فيشمل كل العبادات القلبية والقولية والفعلية. وما نزل من الحق: وهو القرآن الكريم، وما اشتمل عليه من هداياتٍ وأحكامٍ وأخلاقٍ. وأشار إلى أن المعنى هو ألم يحِن الوقت لهؤلاء المؤمنين الغافلين عن طاعة الله أن تخشع قلوبهم لذكر الله وقرآنه، فيثُوبوا إلى ربهم، ويتمسَّكوا بمنهجه، ويحرصوا على ما يُرقِّق قلوبهم من طاعاتٍ وعباداتٍ، {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}: الأَمَد: الوقت الطَّويل. الفِسْق: الخُرُوج عن طاعة الله عزَّ وجل، بارتكاب محارمه، والوقوع في معصيته، والمعنى: فيه نهي المؤمنين عن التشبُّه بغير المسلمين الذين انغمسوا في الذُّنوب والمعاصي، مدةً طويلة، فكان من جرَّاء ذلك أن قست قلوبهم، وغلُظت طباعُهم، وخرجوا عن طاعة الله وعبادته. أما قوله: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}: أي اعلموا أيها المؤمنون أنه كما أن الله - عزَّ وجل - قادرٌ على إحياء الأرض الميتة الجدْباء التي لا زرْع فيها ولا ماء، بماء المطر الذي بمجرد نزوله تهتز الأرض وتنْبُت وتُثْمر، فكذلك قادر على إحياء القلوب الميتة القاسية بقدرته وفضله وكرمه، إذا امتثل المؤمن لطاعة الله وابتعد عن نواهيه، وفيه إشارة إلى بَثِّ الأمل في نُفُوس القاسية قلوبهم، وترك الإحباط واليأس، ليُقْبلوا على الله بصدقٍ وإخلاصٍ، ويأملوا ثوابه، ويرجوا رحمته، فتخشع قلوبهم وتلين. ولفت إلى أن قوله{قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}: أي: قد بيَّنا لكم الأدلة والبراهين والحُجج على وحدانية الله وقدرته، لعلكم تعقلونها وتتدبرونها، فتؤمنون بالله ورسوله، وتخشع قلوبكم.

مشاركة :