التغير في الموقف التركي تطور ايجابي وهي موضع ترحيب اذا تخلت عن التنمر على الدول العربية وتعاونت معهم. فبعد أن تنمرت على مصر وهددت دول الخليج واستضافت الإخوان المسلمين، ها هي تتخلى عن السياسات المعادية. واذا ربطنا الأمور ببعضها البعض، نجد أنها أدينت بجريمة الإبادة الجماعية للأرمن من قبل الولايات المتحدة، وهو أمر خطير قد يترتب عليه عقوبات مالية باهظة وربما أمور أخرى كالتي فرضت على ألمانيا بعد ادانتها بالإبادة الجماعية فحكم عليها بدفع تعويضات للمتضررين ومنعها من تطوير قوة عسكرية. تواجه تركيا الكثير من المخاطر جراء هذه الإدانة ولديها الكثير مما يمكن أن تخسره، فأي إضرار بقوتها العسكرية يعني نهايتها كقوة اقليمية. وقبل هذه الإدانة، لم يكن ممكنا محاكمتها لأنه لم يصدر إدانة رسمية بحقها، وغير مفهوم سبب تغير الموقف الأميركي، فتركيا لطالما كانت حليفا للولايات المتحدة وملتزمة بسياساتها، شأنها شأن بقية الدول الاسلامية، ولم تعادِ إسرائيل، وكل ما انتقدت به إسرائيل كان على سبيل الخطاب الترويجي. وربما يعزا ذلك الى تنكيل تركيا بالأكراد بشكل يشبه حربها ضد الأرمن، وهناك خوف من تكرار تلك المأساة. إن الفرصة سانحة للعرب لاسترداد ما سلبته تركيا منهم وما تحاول أن تسلبه، من خلال الحوار والتفاوض والتعاطف، لكي تنسحب من الأراضي السورية والتوقف عن دعم الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق وسحب ميليشياتها من ليبيا، وقد سبقت مصر الدول العربية في مد جسور التفاهم مع تركيا وربما يخدمها هذا في أزمة سد النهضة. في مقال للإلداد بن أهارون نشر في صحيفة هآرتز بتاريخ 22 أبريل 2021 أوضح الكاتب سبب رفض إسرائيل الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وهو الحرص على العلاقات الوثيقة بين إسرائيل وتركيا. ورغم البرود الذي تبديه أنقرة اتجاه اسرائيل في أعقاب كل عملية إسرائيلية ضد الفلسطينيين، إلا أن العلاقة لا تزال قوية. كما أن اعتراف اسرائيل بالإبادة الجماعية للأرمن سيلغي فرادة الهولوكوست ضد اليهود، فإسرائيل اليوم نجمة الساحة الدولية وتحرص على إحياء ذكراها كل عام في موعدها وهو موعد مطابق للإبادة الجماعية الأرمنية في آخر أبريل من كل عام، وهذا ما لا ترغب به إسرائيل. هناك احتمال أن تقوم تركيا بالتحالف مع إسرائيل لإنقاذ نفسها، نظرا لأنها تمتلك وسائل التأثير على الرأي العالمي، فتعمق العلاقات معها والتي هي وطيدة منذ زمن بعيد، كما أن إنشاء دولة إسرائيل تم بفضل تسامح الإمبراطورية العثمانية مع اليهود وإدخالهم الى فلسطين معززين مكرمين وعوملوا كبقية شعوب الامبراطورية من حيث حرية التنقل والتملك وهذا أمر موثق في كتب التاريخ الأجنبية مع الصور والوثائق، فلا بد أن ترد إسرائيل الجميل لتركيا.
مشاركة :