أحمد شيخو يكتب: ماذا وراء الغزل التركي؟

  • 3/19/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كان من الملفت لكثير من المراقبين أن تغيّر السلطة التركية من نبرتها وخطابها باتجاه الدول العربية المحورية وحتى قال البعض أنه من الممكن أن يكون  هناك تغير في السياسة التركية تجاه المنطقة والعالم العربي وشعوب المنطقةِ.. لكن هل حقًا لدى السلطة التركية  فهم  وإدراك وإرادة حقيقة وقدرة  ومصلحة في التراجع عن سياساتها العدائية وغير المقبولة تجاه العالم والدول العربية وشعوب المنطقة؟. لمعرفة المسببات والظروف والتغيرات  والمحددات الداخلية  والإقليمية والعالمية للغزل التركي ولمعرفة حقيقة التصريحات القادمة من أعلى هرم السلطة في تركيا علينا التطرق وذكر عدة نقاط منها: 1_حالة التخبط والأزمة التي تعانيها السلطة التركية في سياساتها الداخلية والخارجية وفشل تلك السياسات العدائية والفاشية تجاه شعوب تركيا وقواها الديمقراطية و إتجاه شعوب ودول المنطقة مع حالة الإقتصاد التركي الضعيف والهش ونسب البطالة والتضخم المرتفع. 2_ ترافق خطاب الغزل مع هزيمة الجيش التركي وبأمر من أردوغان وفشله في إنقاذ الرهائن الـ 13 الذين كان أردوغان يوعد الأتراك ببشرى عنهم، وتحول تلك العملية ومقتل الضباط الـ13 إلى حالة نقد لاذع من قبل المعارضة وأطراف من الدولة التركية تجاه أردوغان ووزير الدفاع خلوصي أكار. 3_ محاولة أردوغان في الانحناء وامتصاص صدمة هزيمة صديقه الوفي  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي كان يعطي له "شيك" على البياض للتدخل في شؤون المنطقة وتصرفاته الأحادية. 4_ محاولة أردوغان لتجنب التركيز عليه وعلى تصرفات سلطته الإستفزازية في المحافل الأوروبية والأمريكية والدولية من قبل الدبلوماسية العربية المشتركة النشطة في السنوات الأخيرة بين بعض الدول العربية. بالإضافة إلى حالة العزلة التي تعانيها تركيا عربيًا و إقليميًا ودوليًا. 5_الانتخابات التركية القادمة وربما الانتخابات المبكرة حسب التطورات في تركيا وانخفاض شعبية حزب العدالة والتنمية وأردوغان والانشقاقات التي حصلت ضمن حزب العدالة والتنمية وبحث أردوغان عن أي نصر دبلوماسي بعد انعدام فرص النجاحات العسكرية مع التغيرات التي حصلت في الإدارة الأمريكية وقدوم الرئيس بايدن. 6_محاولة السلطة التركية اختراق الجبهات التي تشكلت نتيجة سلوك تركيا وتصرفاتها المزعزعة للاستقرار والمستفزة ورغبتها في احتلال مزيد من الأراضي من دول الجوار بعد احتلالها قسما من شمالي سوريا وشمالي العراق وليبيا وتدخلها في العديد من الدول والأماكن. 7_إحساس أردوغان وسلطته أن ما يسميه مكاسب ونفوذ واوراق وهو الاحتلالات والتواجد غير الشرعي في المنطقة  وجيوش المرتزقة اصبح مهددا ومفضوحا ومرفوضا ويمكن أن تسبب له قضايا ومحاكمات في المستقبل بسبب جرائم جيش ومرتزقته الممارسة بحق شعوب المنطقة ولذلك يريد اوراق إضافية ليستعملها عندما يطلب منه التراجع إلى حدوده الطبيعية وحجمه الاصلي. ولكن لو أردنا أن نعرف جوهر المشكلة ولماذا وصلنا لحالة الحذر والتنبه اليقظ ومطالبة تركيا بالافعال بدل الاقوال علينا معرفة التناول والمقاربات السلبية غير المبررة للسلطة التركية تجاه ثورة الشعب المصري  في 30 يونيو_حزيران، حيث إن رؤية ونظر السلطة التركية بعدسة الإخوان الإرهابية إلى الدول والشعوب العربية مع حالات الربيع والأحداث منذ 2011 هي المشكلة الاساسية حيث ان تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي مازالت لها نظرة خاصة وقاصرة حول نتائج وتداعيات ثورة الشعب المصري 30 يونيو. وخلال السنوات العشر بنت السلطة التركية لنفسها  وهم وخيال إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية والسيطرة على الدول العربية وشعوب المنطقة كما كان أيام العثمانيين عبر تنظيمات الإسلام السياسي وتفرعاته الإرهابية المختلفة كداعش والنصرة والقاعدة و الإخوان والذئاب الرمادية وما يسمى الجيش الوطني السوري الإرهابي الأداة التركية في احتلال مناطق الشمال السوري واستخدامهم كمرتزقة لدى تركيا.  لم تتبع الدول العربية أية سياسات عدائية تجاه تركيا  سلطة وشعبًا بل كانت دائمًا تسعى إلى حل الأمور العالقة إن وجدت بالحوار والسياسة ولكن المشكلة تكمن في سياسات وتدخلات تركيا وتهديدها للامن القومي العربي  وتدخلاتها في شؤون الدول العربية وشعوب المنطقة، ولذلك على تركيا تغيير سياساتها وسلوكها وفكرها ونهجها تجاه المنطقة ، لكن لو نظرنا لتاريخ وجود حزب العدالة والتنمية وأردوغان في الحكم الذي مضي عليه حوالي 18 سنة سنجد اننا  يجب أن نأخذ بالحذر واليقظة والحيطة لما يصدر عن السلطة التركية واردوغان والتنبه إلى الغدر والخيانة الذي يمكن ان نصادفه، فمثلا بين عام 2009 و2011 كان هناك وقف إطلاق نار ومفاوضات في أوسلو بين الدولة والسلطة التركية من جهة  والشعب الكردي بريادة حزب العمال الكردستاني من جهة أخرى، وأثناء المفاوضات  التي جرت كانت الدولة التركية الفاشية تحضر  في نفس توقيت المفاوضات كيفية تنفيذ سياسات الإبادة والقتل بحق الشعب الكردي حسب تصريح لمسؤول تركيا كان مشاركا في وفد المفاوضات من قبل تركيا. وأيضًا بين أعوام 2013 و2014 وعند المفاوضات أيضًا مع الجانب الكردي أصدر وفد السلطة والدولة التركية مع الوفد التي كان يتفاوض بإسم القائد أوجلان والكرد مطابقة لحل القضية الكردية لكن أردوغان وبعد أيام قام بالإنقلاب ورفض هذه المطابقة التي صدرت باسمه . كما أن تركيا اتفقت في 2019 مع القوات الأمريكية لتنفيذ آلية الحدود بين مدينة رأس العين وتل أبيض  مع الجيش الامريكي والخارجية والأمن القومي الأمريكي وتم تنفيذ خطوات فعلية  وعملية لكن فجأة تراجعت تركيا عن تعهداتها التزماتها وشنت هجوم واحتلت مدينتي رأس العين وتل أبيض بعد التوافق مع ترامب وروسيا وإيران . ما ذكرناه عن تهرب وعدم تنفيذ تركيا لتعهداتها والتزماتها غيض من فيض ونقطة من بحر نفاق وكذب وإحتيال السلطة التركية ودولتها الفاشية القائمة على إبادة الشعوب الأصلية لكردستان وميزوبوتاميا والأناضول من الأرمن  والسريان الأشوريين واليونانيين والروم وغيرهم ومحاولاتهم المستمرة للقضاء على وجود الشعب الكردي وثقافته ومجتمعيته وتتركيه وإلحاقة بالقومية التركية الحاكمة، وكذلك تدخلها المستمرة في شؤون الدول العربية. ليس مستبعدًا أن تغير السلطة التركية من بوصلتها بمقدار 180 درجة إذا كان هذا يبقيها في السلطة، لكن لو تصالحت السلطة التركية الحالية مع الدول والمجتمعات العربية ومع حقيقة المنطقة عندها لن تحصل على أصوات الإسلاميين السياسيين في الإنتخابات التركية القادمة أو المبكرة وهم الكتلة الانتخابية الغالبة التي تعتمد عليها حزب العدالة والتنمية وهذه إشكالية مهمة ومصيرية لأردوغان وحزبه. وعليه ستكون فرصة العلاقات بين شعوب المنطقة الاساسية من العرب والترك والكرد وغيرهم  في حالة أفضل و ستكون العلاقات معززة للإستقرار ومحققة للأمن والسلام في حالة التخلي عن نهج العثمانية الجديدة وسياسة الباب العالي المتبع وفي حال احترام سيادة وسلامة ووحدة أراضي شعوب و دول  الجوار والمنطقة، وهذا ممكن بقيام الشعب التركي بتغيير السلطة التركية الحالية الاردوغانية السلطانية الأداتية بيد مشاريع التقسيم والهيمنة على شعوب ودول المنطقة.

مشاركة :