تعنت تركي يفشل جولة جديدة من المحادثات القبرصية جنيف - فشلت الجولة الجديدة من المحادثات بوساطة الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم للنزاع المستمر منذ عقود حول جزيرة قبرص المقسمة في البحر المتوسط مثل العديد من المحادثات الأخرى قبلها، وذلك بسبب تعنت الجانب التركي وتمسكه بصيغة مسبقة لتسوية الأزمة كان الجانب اليوناني رفضها مرارا في وقت سابق. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الاجتماعات غير الرسمية التي بدأت الثلاثاء انتهت الخميس بعد أن تعذر على الجانبين القبرصي اليوناني والقبرصي التركي إيجاد أرضية مشتركة كافية لبدء مفاوضات رسمية. وقبرص منقسمة منذ غزو الجيش التركي ثلثها الشمالي عام 1974، رداً على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى ضمّ الجزيرة إلى اليونان. وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الخميس أن بلاده ستواصل بشكل قوي، دعم مقترح شمال قبرص التركية بشأن حل الدولتين المبني على المساواة في السيادة، إلا أنّ القبارصة اليونانيين يطالبون بدولة فيدرالية. وأوضح جاويش أوغلو أن زعيم إدارة قبرص الرومية لم يجلب رؤية جديدة لاجتماع جنيف غير الرسمي حول قبرص بل كرر خطابه القديم. وأكد أن بلاده لن تقدم أي تنازلات حول استقلالية وسيادة ومساواة جمهورية شمال قبرص التركية. ولا يروق وضع الجزيرة الحالي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دعا إلى التفاوض من أجل حل الأزمة القبرصية على أساس دولتين، فيما يتمسك القبارصة اليونانيون بالحل على أساس نظام الفيدرالية. ويرى أردوغان في اعتماد النظام الفيدرالي إضعافا لنفوذ أنقرة في الجزيرة، حيث أكد في وقت سابق على أن التفاوض على الأسس القديمة أثبت فشله. وقال إن الاعتراف بالقبارصة اليونانيين وحدهم سد الطريق أمام المحاولات السابقة لإيجاد حلّ. لا يمكن الوصول إلى نتيجة في ظل المعايير الحالية بعد عملية مفاوضات استمرت أكثر من نصف قرن. وانضمّت قبرص عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبي الذي تنحصر مكتسباته بالشطر الجنوبي من الجزيرة الذي يقطنه قبارصة يونانيون وتحكمه سلطة هي الوحيدة المعترف بها في الأمم المتحدة. وفي الشمال لا تعترف سوى أنقرة بجمهورية شمال قبرص التركية. وقبل ثلاثة أيام من محادثات جنيف، تظاهر المئات من القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك في نيقوسيا، من جانبي الحدود في آخر عاصمة منقسمة في العالم، مطالبين بالسلام وإعادة التوحيد. وباءت بالفشل كافة المحاولات السابقة لإعادة توحيد الجزيرة، في ظلّ خصومة إقليمية بين اليونان وتركيا. والأمم المتحدة حاضرة في قبرص منذ العام 1964 بسبب أعمال العنف بين الجانبين آنذاك، وتولت بعد عشر سنوات مهمة مراقبة المنطقة العازلة بعد التقسيم. وتحت رعايتها، أُجريت المفاوضات الأخيرة في سويسرا في يوليو 2017، حول مبدأ إعادة توحيد الجزيرة على شكل دولة فيدرالية. وتعثّرت خصوصاً بسبب مسألتين هما سحب عشرات الآلاف من الجنود الأتراك من شمال الجزيرة وإبقاء حق التدخل لتركيا. ودُعيت هذه الأخيرة إلى مفاوضات جنيف التي بدأت الثلاثاء على غرار اليونان وبريطانيا، وهما الدولتان الضامنتان الأخريان للجزيرة منذ استقلالها عام 1960. وبعد فشل المفاوضات عام 2017، جاءت عوامل عدة لتُضاف إلى النقاط الخلافية التقليدية وهي الضمانات الأمنية والعدالة السياسية والتعديلات المتعلقة بالأراضي وحقوق الملكية للنازحين. والتقى الرئيس القبرصي اليوناني نيكوس أناستاسياديس والرئيس القبرصي التركي أرسين تاتار وجها لوجه، في محاولة جديدة لبدء المفاوضات حول الوضع السياسي لقبرص منذ تقسيمها قبل نحو 50 عاما. وقال غوتيريش إن الجانب القبرصي التركي لا زال يصر على حل الدولتين، بينما يؤيد الجانب القبرصي اليوناني اتحادا فيدراليا يضم الجانبين مع حكومة مركزية قوية، وهو هدف مشترك في قرارات الأمم المتحدة السابقة. ويعتبر المحلل القبرصي التركي كمال بيكالي وهو ناشط في منظمة “لنوحد قبرص الآن” غير الحكومية أن قبرص التي تندرج في السياق الجيوسياسي للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، سفينة صغيرة في لعبة القوى الكبيرة. ويرى أن أنقرة تستخدم المحادثات كأداة لخدمة عقيدتها المسماة “الوطن الأزرق” التي تهدف إلى بسط سيادتها على مساحات متنازع عليها في شرق البحر المتوسط. وفي قبرص حيث لا تزال غالبية نقاط العبور بين الشمال والجنوب مغلقة بسبب تفشي وباء كوفيد التفاؤل ليس سائداً.
مشاركة :