من يخون وطنه يخون أباه وأمه

  • 5/1/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كثيرا ما نصبح في حاجة ماسة إلى وجود الأصدقاء الأوفياء، الذين يزينون حياتنا بإخلاصهم وتفانيهم في العطاء دون مقابل، حيث إن الحياة لا يمكن أن تمضي بنا من دونهم. ولذلك فإن العمل على زيادة عددهم من حولنا يعد السمة الأساسية التي تعيننا على المضي في حياتنا بسعادة وطمأنينة، والرصيد الحقيقي ليس في ما يمتلكه الفرد من أموال وإنما في الأوفياء من حوله. وتؤكد أطراف هذه المعادلة أنه ما لم تكن أنت وفيا للآخرين، يصعب أن تجدهم حولك، لأن الوفاء والذي هو صدق اللسان والفعل معا، مرتبط بالعطاء والتضحية والمبادرة والنأي بالنفس عن الصغائر والهفوات، بمعنى أنك تجد في الشخص الوفي، كل الصفات الحميدة التي يتميز بها الإنسان. ولأن للوفاء معاني وأشكالا كثيرة، كان لزاما علي البحث في أصل هذا المعنى، الذي جعله الشاعر الإنجليزي الشهير وليام شكسبير، شرطا للوعد حين قال «إذا لم تكن قادرا على الوفاء، لا تنطق كلمة وعد» ففي معاجم اللغة، فإن الوفاء لغة «ضد الغدر، وأوفى: إذا تمم العهد ولم ينقض حفظه» والعلاقة بين الوفاء والصدق وطيدة وأساسية، فكل وفاء صدق، وليس كل صدق وفاء، فالوفاء قد يكون بالفعل دون القول، ولا يكون الصدق إلا في القول. هكذا تقول اللغة، لكن ماذا يقول علم الحياة؟ بالنظرة المجتمعية نجد أن للوفاء، أشكالا عدة فهو ليس بين الأصدقاء فقط وإنما يكون داخل الأسرة بكل أفرادها، فوفاء الزوجة لزوجها أن تصونه في غيابه وتلتزم بواجباتها تجاهه وتجاه أبنائهما ووفاء الزوج لزوجته أن يصونها ويحافظ عليها ولا يهينها أبدا ويعاملها بالحسنى.. وهناك الوفاء للأب والأم والأخوة والأخوات، وكلها معان نبيلة، تضمن البر والمعيشة الحسنة والتقيد بآداب الأخلاق والسلوك القويم.. ثم هناك الوفاء بين زملاء العمل وبين الرئيس ومرؤوسيه، وصولا إلى الوفاء بمعناه العام داخل المجتمع. وإذا كان الوفاء يبدأ من الأسرة الصغيرة، فإنه في المعنى الأخير أعم وأشمل. وإذا جاز لنا التعبير فإن الوفاء للوطن هو الأسمى وأنبل القيم التي يجب أن تسود لأنه خط الحماية وحائط الصد من عبث العابثين، وكما يقول الأديب مصطفى السباعي فإن «الذي لا وفاء عنده لإخوانه عند نزول المحن بهم، لا وفاء عنده لأمته عندما تحتاج إليه». باختصار فإن من يخون وطنه، إنما يخون أخاه وأمه وأباه... دمتم في رعاية الله.

مشاركة :