واشنطن – كشفت دراسة جديدة أن الأطفال الذين تلقوا رضاعة طبيعية، حتى لو كان ذلك على مدى أشهر قليلة بعد الولادة، يميلون إلى تحقيق درجات أعلى في اختبارات الإدراك العصبي في سن العاشرة. وقال الباحثون “كلما طالت فترة إرضاع الأطفال طبيعيا زادت لديهم درجات الذكاء”. وأجرى الباحثون في الولايات المتحدة اختبارات معرفية على أطفال تتراوح أعمارهم بين تسع وعشر سنوات أبلغت أمهاتهم عن إرضاعهم، وقارنوا نتائجهم بعشرات الأطفال الذين لم يخضعوا للرضاعة الطبيعية. وأشارت النتائج إلى أن أي قدر من الرضاعة الطبيعية له تأثير إدراكي إيجابي على الأطفال. وحلل باحثون من معهد ديل مونتي لعلم الأعصاب في المركز الطبي بجامعة “روشستر” آلاف الاختبارات المعرفية لتحديد ما إذا كانت هناك علاقة بين درجات ذكاء الأطفال والرضاعة الطبيعية أم لا. وقال الدكتور دانيال أدان لوبيز، المعد الأول للدراسة، إن النتائج تشير إلى أن أي قدر من الرضاعة الطبيعية له تأثير إدراكي إيجابي، حتى لو كان ذلك على مدى بضعة أشهر فقط، مشيرا إلى أن ذلك هو الشيء المثير الذي تم تبيّنه من هذه النتائج. وراجع الفريق نتائج الاختبارات لأكثر من 9000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات في الولايات المتحدة. وقال لوبيز “أقوى ارتباط كان لدى الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية لأكثر من 12 شهرا”. ورغم أن الباحثين لم ينظروا في سبب الارتباط فإنهم يشيرون إلى الأبحاث السابقة التي وجدت العناصر الغذائية الرئيسية في حليب الثدي التي تساهم في نمو الدماغ الصحي. وأفادت دراسة جديدة أجراها باحثون من البرازيل بأن الرضاعة الطبيعية تمنح الطفل ذكاء أكثر وتساعده على كسب المزيد من المال لاحقا. وذكرت الدراسة التي نُشرت في مجلة “لانسيت”، المختصة بشؤون الصحة، أن الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية سوف يتمتعون عند الكبر بذكاء أكبر ويكسبون مالا أكثر. وأكد برناردو ليسا هورتا، الباحث الذي قاد الدراسة، أن تأثير الرضاعة الطبيعية على تطور الدماغ وذكاء الأطفال كبير، لكن الدراسة لم تُشر إلى استمرار ذلك إلى سن متأخرة من العمر، وبينت فقط أن الرضاعة الطبيعية تزيد الذكاء حتى سن الثلاثين. ونصح الباحث هورتا وفريقه بالرضاعة الطبيعية للطفل حتى عمر 12 شهرا، على الأقل، وذلك لمزاياها الكثيرة. وبينت الدراسة، التي خضع لها ثلاثة آلاف وخمس مئة شخص منذ الولادة حتى سن الثلاثين، أن معدل الذكاء عند الشخص الذي رضع رضاعة طبيعية مرتفع بنسبة أربع نقاط في مقياس درجة الذكاء. كما أن الشخص الذي رضع رضاعة طبيعية متفوق في المدرسة ودخله الشهري يفوق دخل أولئك الذين رضعوا رضاعة طبيعية لمدة تقل عن ستة أشهر. كما أوضحت الدراسة أن الخلفية الاجتماعية والدخل والمستوى التعليمي للأمهات عوامل لا تؤثر على دور الرضاعة الطبيعية، وأن مكونات الحليب هي المسؤولة الوحيدة عن نمو الدماغ. وتعد الدهون المتراكمة في منطقة الفخذين والأرداف ضرورية لتكوين مخ الرُضع، وتساهم الخلايا في هذه المنطقة بصورة مباشرة في تطوير مخ الرُضع خلال فترة الرضاعة. كما أن مشاكل المعدة والعيون والجهاز التنفسي شائعة أكثر بين الأطفال الذين يتغذون على ألبان صناعية. وركزت أبحاث سابقة حول العناصر الغذائية في حليب الثدي والنمو المعرفي بعد الولادة على دور حمض الأراكيدونيك وحمض الدوكوساهيكسانويك، وهو أحد أحماض أوميغا 3 الدهنية طويلة السلسلة التي تنتجها الأم وتنتقل إلى الجنين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل. وبعد الولادة يعتبر حليب الأم المصدر الأساسي لـ DHA بالنسبة إلى الرضع وهو مسؤول بشكل مباشر على تكوّن النخاع في الفص الجبهي في الدماغ طوال فترة الطفولة والمراهقة. وبناء على النتائج، يشجع الباحثون العائلات على اعتبار الرضاعة الطبيعية خيارا هاما جدا. وأكد الأطباء أن هناك بحثا مثبتا بالفعل يُظهر الفوائد العديدة للرضاعة الطبيعية بالنسبة إلى الأم والطفل. وتعتبر نتائج هذا البحث مهمة للعائلات خاصة قبل الولادة وبعدها بفترة وجيزة عند اتخاذ قرارات الرضاعة الطبيعية.
مشاركة :