أبوظبي في 2 مايو/ وام/ أصدر مشروع "كلمة"، في مركز أبوظبي للغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي.. الترجمة العربية لكتاب "الثقة" للباحثة كاثرين هاولي، أستاذة الفلسفة في جامعة سانت أندروز، والحاصلة على الدكتوراه في الفلسفة وتاريخ العلم من جامعة كامبردج، وقد نقلته إلى العربية الباحثة والمترجمة السورية مدى شريقي. وتحكي المؤلِّفة في كتابها حكايةً عن الثقة، وانعدامها، والجدارة بها. الثقة "وانعدامها" ليست مسألةً غريبةً عن كل واحد منّا، إذ تتخلل كل تفصيلٍ في حياتنا على المستويين الشخصي والجماعي، كما تحضر على مستوى المنظمات والمؤسسات والدول. لكننا نتعرّف إليها في هذا الكتاب بتعمّق يتجاوز النظرة العامة، فتقودنا المؤلفة خطوة وراء خطوة نحو آفاق معرفية غايةٍ في الثراء والمتعة في آن. ويستكشف هذا الكتاب، الصادر في أصله الإنجليزي عن مطبعة جامعة أكسفورد ضمن سلسلة "مقدمات موجزة" الواسعة النجاح والانتشار عالميّاً، الثقة مفاهيميّاً وعمليّاً. تقدم فيه المؤلِّفة رؤية عابرة للاختصاصات لمفاهيم الثقة وانعدامها والجدارة بها، فنلتقي القراءة الفلسفية إلى جانب رؤية علم الأحياء التطوري وعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاقتصاد التجريبي. ونجحت مؤلِّفة الكتاب في تحقيق المعادلة الصعبة بتقديمها موضوعًا متشعّباً ومعقّداً بلغة يسيرة ممتعة. نتعرّف بين صفحات الكتاب إلى طبيعةَ الثقة وأهميتها، ولماذا تحمل قيمة في حدّ ذاتها. ونجد فيه إجابات عن دورها في حياتنا الخاصة والعامة، كما عن تأثيرات انعدامها. لماذا نرغب في أن نكون موضع ثقة الغير، ولماذا تحتل الجدارة بالثقة موضعًا ذا قيمة أخلاقية ومعنوية؟ كيف نثق، وكيف ومتى نكون أهلًا للثقة؟ وما النتائج العمليّة المتحصّلة من الثقة لدى كلٍّ من المؤتمِن والمؤتمَن. يمتاز الكتاب بغناه بالعديد من الأمثلة الحيّة والمبسّطة، والتي تسهم إلى حدٍ كبير في إيضاح الأفكار العلمية المعقّدة ببساطة ويسر. يترافق عرض القضايا مفاهيميًّا وعمليًّا من منظور علميٍّ إذًا بأمثلة مستقاة من تجارب الحياة اليومية التي تمسّنا جميعًا، فتصير الفكرة النظرية ملموسةً وواضحةً لا لبس فيها. ولعلّ هذه القدرة على التزام الصرامة العلمية مع ربط المفاهيم المعقدة بأمثلة واقعية بسيطة هو واحد من أهم نقاط قوة هذا الكتاب الغنيّ نظرياً وعملياً.
مشاركة :