قال الشاعر : ومامن كاتب اﻻ سيفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بخطك غير شئ يسرك في القيامة أن تراه الكاتب المؤرخ اﻻنجليزي ارنولد توينبي له عبارة تقول ( ليس العبرة في كثرة القراءه بل في القراءة المجدية ) ونعتقد أن كتاب ماء ودم للكاتب د. محمد جمال كتاب مجدي يستحق القراءة لأنه ثري بنصوص أدبية بعضها قد يدرج في خانه المقاﻻت أو الخواطر وبعضها قصص من هنا وهناك وتتركز فكرة الكتاب حول الخيط الرفيع الذي نجده في كل جميل في هذه الحياة فقد نجده في فنجان قهوة ونفتقده في قصر منيف ونجده في ضحكات اللأطفال البريئة لكن نفتقده في ضحكات المجاملين وهذا الخيط الرفيع هو الحقيقة والجمال الذي نشتاق له والشوق هو أصدق مشاعر الإنسان وهو ليس شعورا واحدا بل مجموعة من المشاعر الجميلة والنبيلة وهي مشاعر يجلبها الزمن الذي يمضي والغياب واﻻنتظار وهذا الشوق ألم جميل يرتبط ارتباطا وثيقا بالحياة وهي التي تمثل الماء كما جاء في الآية الكريمة ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ( واما الدم فهو يرمز الي لقاء من نحب وهذا اللقاء يجعل القلب ينبض مطمئنا كما كان ومن هنا جاءت فكرة الكتاب . مؤلف الكتاب هو طبيب كويتي واستاذ جراحه كلية الطب في جامعة الكويت ولهذا نجد في الكتاب لمسات لمقص الجراح الذي يشرح المشاعر والمواقف اﻻنسانيه فهو مثلا يقول في مقدمة الكتاب ان جسم اﻻنسان يتكون في الغالب من الماء فكمية الماء به 40 لترا تقريبا واما كمية الدم فهي ﻻتزيد عن 5 لترات لكن الدم هو عصب الحياه فحين ينزف ﻻيمكن استبداله اﻻ بالدم وان كان الطبيب يعطي الماء للنازف فهو بشكل مؤقت حتي يصل الدم وهو يروي لنا عمليه جراحيه لمصابه في حادث فيقول انه عندما فتح البطن واذا بكميه كبيره من الدماء تفور فقام باستئصال الكليه اليسري والطحال حيث كان نزيف الدم منهما ولم تستغرق العمليه اكثر من 20 دقيقه لكن لم يحصل علي الدم اللازم حتي يستبدل الدم المفقود وهنا تبرز اهميه الوقت وكانت النتيجه ان كل شئ فيها بدا ينزف وبغزاره حتي توفت فقد تحولت الدماء فيها الي ماء ونزفت بغزاره ورغم ان الماء هو اصل الحياه فهي في هذه الحاله اصل الموت وهذه العلاقه بين الماء والدم تشبه العﻻقه بين الروح والجسد والحياه والموت فهناك خيط رفيع بينهما هي فكرة الكتاب الذي ﻻيمكن للقارئ ان يستمتع في محتواه اﻻ عندما يقراه ويغوص في محتواه . مسك الختام في الكتاب هو اخر قصه فيه واسمها ( صلوا عليه وسلموا تسليما ) فهو يحكي فيها عن زيارته للمدينه المنوره ويقول انه صحا من النوم وكان يشعر بالجوع فنزل من الفندق ﻻقرب مطعم واختار شطيره من الجبن علي الطريقه التركيه ويكون الجبن متركز في منتصف الشطيره فهو اكل الجزء الذي به الجبن وكان ينوي ان يرمي الباقي وكان الجزء اﻻكبر من الشطيره فتذكر انه في مدينه رسول الله وفيها تم حفر الخندق في رمضان وكان الصحابه وقتها يصومون ويفطرون علي تمره يتقاسمها اثنين منهم احيانا فيقول حملت ماتبقي من الشطيره معي وهو في العاده ﻻيفعل ذلك . يقول تذكرت سورة اﻻنسان التي نزلت في اﻻنسان الكامل وهو الرسول صلي الله عليه وسلم الذي كان صائما يوما فحين اراد ان يفطر علي رغيف طرق بابه مسكين فتبرع بفطوره الوحيد لذلك المسكين واعاد الكره ثلاثة ايام متصله يصوم فيتبرع بطعامه ليتيم مرة اخري ثم ﻻسير ﻻنه ضمن نعيمه اﻻزلي فثروته ليست في الدنيا بل باﻻخره وﻻننا لم نطع رسول الرحمه واﻻنسانيه اصبحنا يقتل بعضنا بعضا باسم اﻻسلام وباسم محمد اﻻنسان الكامل وهو مايجري في عالمنا اليوم من حروب ودمار وقتل باسم اﻻسلام . يقول كانوا يتقاسون التمره ويربطون بطونهم من شدة الجوع ونحن ناتي فنترك في ديارهم من فضﻻت طعامنا مالم يكونوا يحلمون به من طعام وهو مايحدث حتي في موسم الحج .اننا اليوم في هذا العالم الملئ بالتناقضات والفوضي والحروب بحاجه الي قدوه لو اتبعناها وتمسكنا بتعاليمها ومبادئها واخلاقها سوف تتغير حياتنا ﻻن الرسول محمد صلي الله عليه وسلم بعث ليتمم مكارم اﻻخلاق.ان كتاب ماء ودم يزيدنا تفاؤل وامل في الحياه فهو يفتح نوافذ يدخل منها نسيم الشوق والمحبه لكل ماهو جميل في حياتنا وهو رحله جميله ﻻماكن مجهوله في حياتنا نكتشفها من خلال الكتاب الذي ابدع فيه الكاتب ووضع فيه عصارة خبرته وتجاربه ولهذا ننصح بقراءته فالمثل اﻻنجليزي يقول الكتاب الجيد صديق حميم. احمد بودستور
مشاركة :