يطلق على ارتفاع نسبة الجلوكوز في دم الحامل مصطلح سكري الحمل، وذلك تمييزاً له عن نوعي السكري المعروفين لدى العامة، حيث تتسبب التغيرات الهرمونية الخاصة بالحمل في ارتفاع نسبة السكري، إلا أنه يعود طبيعياً بعد الولادة. أهم التغيرات الهرمونية المسببة لارتفاع نسبة السكر ازدياد إفراز الجسم لهرموني الأستروجين، والبروجسترون وهي تعمل على مقاومة الأنسولين وبالتالي يرتفع السكري. ومن الطبيعي ألا تظهر أعراض لسكري الحمل ولكن يفضل إجراء اختبار دم في الفترة 8 - 12 أسبوعاً من الحمل، لتحديد النسبة، كما تستطيع الحامل تحديد إذا كانت مصابة بارتفاع أم لا من خلال بعض العلامات مثل جفاف الفم وزيادة الشعور بالعطش والحاجة إلى التبول بشكل متكرر والالتهابات المتكررة، بالإضافة إلى عدم وضوح الرؤية. يحدث سكر الحمل بسبب ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم، ويتم التحكم في نسبة الجلوكوز في الدم عن طريق هرمون الأنسولين والذي يفرزه البنكرياس، ويحدث السكري بسبب عدم كفاية الأنسولين التي يتم إنتاجها وربما لا يعمل الأنسولين بشكل غير صحيح. ومن المعروف أن النساء المصابات بسكري الحمل يضعن مواليد أوزانهم تفوق المعدل الطبيعي، أي أكثر من 4 كيلوغرامات، وخلال مدة ولادة هؤلاء الأولاد، تصاب الكثير من النساء بمشاكل صحية مرتبطة بحجم ووزن هؤلاء الرضع مثل تمزق قناة الولادة، ولادة مع استعمال الأجهزة ومن خلال العمليات القيصرية، إحدى هذه المشاكل النادرة هو وضع يكون فيه كتفا الرضيع عالقتين بعد خروج الرأس. ولهذا السبب وبعد أن يتم تقدير وزن الجنين كوزن كبير نسبياً ينصح الأطباء بإجراء جراحة قيصرية بدلاً من الولادة الطبيعية. ويمكن تطور سكري الحمل ولكن بعض النساء أكثر عرضة لتطوره، فمن تجاوزت من العمر 25 سنة عرضة لتطور مرض السكري، وكذلك من لديها تاريخ عائلي لمرضى السكري مثل إصابة الأب أو الأم أو الأخوة أو الجدة، ومن العوامل وجود سابقة ولادة جنين ميت من دون سبب واضح، أو ارتفاع ضغط الدم. يتم الكشف عن سكري الحمل من خلال مرحلتين، تناول 50 غراماً من السكر- في الفحص الأول ومن خلال فحص الاستطلاع (من دون صوم) يتم منح المرأة جرعة من 50 غرام جلوكوز مخلوطاً بماء (يوصى بعصير الليمون لتحسين الطعم)، وبعد مرور ساعة من الوقت يتم فحص مستوى الجلوكوز في الدم. وفي هذه المرحلة يجب أن يكون مستوى الجلوكوز 140 ميليغراماً وما فوق، ومن ثم يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية. تناول 100 غرام سكر- يتم إجراء هذا الفحص بعد صوم ليل كامل، وهذا الفحص يفحص مستوى الجلوكوز خلال الصوم. ومن خلاله تتناول المرأة 100 ملغم من الجلوكوز المخلوط وبعدها يتم أخذ ثلاثة فحوص إضافية لفحص مستوى الجلوكوز كل ساعة، والمستويات الطبيعية هي: خلال الصوم حتى 105 ملغم بعد ساعة 190 ملغم، بعد ساعتين 190 ملغم، بعد ثلاث ساعات 140 ملغم، وإذا وصلت كمية الجلوكوز في أكثر من فحصين لمعدل أكبر من المعدل الطبيعي فهذا يعني أن المرأة مصابة بسكري الحمل. ربما يؤدي ارتفاع السكر في الدم إلى الولادة المبكرة لأن الطبيب في هذه الحالة ينصح بالولادة قبل ازدياد حجم الطفل، في الحالة ربما يصاب الطفل بمشاكل صحية مختلفة وخصوصاً مشاكل التنفس. وعند انخفاض نسبة السكر في الدم يؤثر ذلك في الطفل ويؤدي إلى إصابته بنوبات شديدة نتيجة نقص السكر في الدم لديه، وربما ينصح الطبيب في هذه الحالة باللجوء إلى محلول الجلوكوز في الوريد حتى يعود مستوى السكر إلى المعدل الطبيعي، ربما تكون الأم عرضة للإصابة بمرض السكري 2 بعد الولادة إذا لم يتم علاج سكري الحمل، يمكن أن يؤدي سكري الحمل إلى وفاة الطفل سواء قبل أو بعد الولادة بفترة بسيطة. للاستشارة أهمية قصوى على نتائج الحمل. ولدى النساء اللواتي يعانين مستوى غير متوازن من الجلوكوز في الدم ببداية الحمل، فإن الفترة التي تتطور فيها الأجهزة المختلفة لدى الجنين، يكون فيها الكثير من عمليات الإسقاط. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النساء اللواتي يعانين مستوى غير متوازن للجلوكوز في الدم من المحتمل أن تتطور لديهن مشاكل وتعقيدات مرتبطة بتوازن مستوى السكر في جسم المرأة مثل هيبوغليكيميا (مستوى سكر منخفض جداً في الدم) وهيبرغليكيميا (زيادة في مستوى الجلوكوز) وحوامض. تتعرض الأم أيضاً لمخاطر ومضاعفات إذا لم يتم التحكم فيه، عندما يزيد سكري الحمل من خطر ارتفاع ضغط الدم وكذلك حدوث تسمم الحمل ويعد ذلك من المضاعفات الخطرة التي تهدد حياة الأم والطفل. ويقتضي العلاج مراقبة نسبة السكر في الدم بانتظام حيث يفضل فحصه كل يوم خصوصاً بعد وجبات الطعام، وإذا اكتشفت الحامل إصابتها بسكري الحمل عليها في المرحلة الأولى القيام بحمية قليلة السكر، والتقليل من المأكولات والمشروبات الغنية به وبشكل عام على المرأة أن تتوجه إلى خبيرة حميات، وبعد أسبوع أو أسبوعين من الحمية قليلة السكر يجب على المرأة أن تفحص مستوى الجلوكوز مرتين حتى ثلاثة أسبوعياً خلال الصوم وساعتين بعد تناول الوجبات، وإذا تجاوز مستوى السكر أكثر من 100 ملغم خلال فحص الصوم وأكثر من 120 ملغم بعد ساعتين من تناول الوجبات فعليها أن تبدأ على الفور تلقي علاج الأنسولين. ويفضل اتباع نظام غذائي يشمل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة ومنخفض الدهون و السعرات الحرارية، ربما تحتاج المرأة الحامل والمريضة بالسكري إلى استشارة الطبيب حول أفضل نظام غذائي لها لتحقيق نتائج جيدة وصحية. الحل المقبول من أجل إعادة توازن الجلوكوز لدى مرضى السكري هو الحقن بمادة الأنسولين، وحتى النساء اللواتي عولجن بأقراص الدواء قبل الحمل، فإنهن وبشكل عام يبدأن بتلقي علاج من خلال حقن الأنسولين، وبسبب التغييرات في مدة الحمل، هناك حاجة لمتابعة مستوى السكري، لأن كمية الأنسولين المستهلكة تزيد بشكل عام في هذه المرحلة. يجب التمييز بين نساء مصابات بسكري الشباب ونساء أصبن بسكري الحمل أو أن المرض أصابهن بجيل متأخر، ولدى النساء المصابات بسكري الحمل لا توجد هناك إصابات كثيرة بالسكري لدى أولادهن، ومقابل ذلك فإن الميول للسكري تكون عائلية (أي تصيب أفراد العائلة). ولذلك فإن النساء اللواتي يوجد أفراد في عائلتهن مصابون بالسكري، فإن احتمال تطور السكري لديهن في مدة الحمل هو أكبر مقارنة من نساء أخريات. والهدف من العلاج إبقاء سكري الدم ضمن الحد الطبيعي طوال مدة الحمل لضمان سلامة الجنين، كما يجب وضع الأم والجنين تحت المراقبة، باستخدام جهاز التصوير التلفزيون للاطمئنان على صحة الجنين ووزنه والسوائل حوله، ثم إجراء تخطيط لنبضات الجنين حيث إنه يزيد من 15-20 نبضة فوق النبض الطبيعي للجنين مع حركته، مع مراقبة مستوى السكر في الدم واتباع نظام غذائي متزن بتناول ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين إلى ثلاث وجبات خفيفة يوميا من دون إهمال أي وجبة رئيسية أو خفيفة، ويجب أن تشكل الكربوهيدرات ما نسبته من 40-45% من مجموع السعرات الحرارية يومياً بحيث تحتوي وجبة الإفطار الأساسية والوجبة الخفيفة ما قبل النوم على 15-30 غم من الكربوهيدرات. الدهون يجب أن تكون أقل من 40% من السعرات الحرارية اليومية وبالأخص الدهون المشبعة أقل من 10%، مع ضرورة احتواء الغذاء على الفيتامينات والمعادن الكاملة وتناول 8 أكواب من الماء يومياً.
مشاركة :