المسلسلات الحقبوية تتفوّق على الكوميديا في الدراما الكويتية

  • 5/4/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت المسلسلات الكويتية في رمضان الحالي تنوعا كبيرا على مستوى الأفكار والقوالب الدرامية، ولئنْ لم تصنع أغلب الأعمال الفارق إلاّ أن ثمة تفوقا واضحا للدراما الحقبوية على نظيرتها الكوميدية، لاسيما أنها اتسمت بإيقاع هادئ وأثارت في نفوس المشاهدين الحنين إلى فترات زمنية قلما وطئتها أقلام الكتاب. الكويت - رغم أن عدد الأعمال التلفزيونية الكويتية هذا العام كبير، حيث اقتربت من العشرين مسلسلا، خطفت الأعمال الحقبوية الأنظار، وتحديدا مسلسلات “الوصية الغائبة” و”سما عالية” و”الروح والرية”، وبالرغم من تباين الفترات الزمنية التي تقع خلالها أحداث الأعمال الثلاثة فإن ما جمع بينها الدقة في التنفيذ وجودة النص المكتوب والتوظيف الجيّد للممثلين. وبرز “سما عالية”، للمخرج محمد دحام الشمري والكاتبين صالح النبهان وشيخة بن عامر، بحوارات أبطاله الشيقة ومدى اشتغال الكاتبين عليها بشكل جيد وممنهج وتوظيفها بمهارة ضمن سياقها الدرامي، فانعكس ذلك على كل شخصية بما تحمله من موروث وثقافة وأفكار، بينما وفّق المخرج الشمري في اختيار أبطاله وتصوير جزء من الأحداث في مدينة الإنتاج الإعلامي بالعاصمة المصرية، حرصا على المصداقية وجودة الصورة. ويحكي العمل عن تمكين المرأة منذ حقبة الخمسينات من القرن الماضي مرورا بالستينات إلى الألفية، انطلاقا من أستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة، مرورا بالكويت وسلطنة عمان ولندن، في عملية رصد للتاريخ بين تلك الفترات. ويناقش المسلسل حرية المرأة في التعليم وفي الحياة والظروف والأفكار والموروث الاجتماعي الذي يؤثّر على المرأة في المجتمع ويجعلها حبيسة العادات الاجتماعية القديمة، ويتطرق أيضا إلى المعوقات التي تواجه المرأة وتحول دون ممارسة حياتها بشكل طبيعي. "الوصية الغائبة" و"سما عالية" و"الروح والرية" تميّزت بالدقة في التنفيذ وجودة النص المكتوب والتوظيف الجيّد للممثلين كما يتناول العمل الوضع الاجتماعي في المنطقة والكويت والتأثير المتبادل بين الثقافات العربية، وذلك من خلال شخصيات اجتماعية تبدو للوهلة الأولى نمطية، ولكنها تمرّ بظروف تجعلها تتطوّر وتتصاعد في الأحداث والأفكار وفق بناء نفسي وسيكولوجي مُمنهج. ويناقش المسلسل بشكل عميق معاناة المرأة في مسيرة صراعها لنيل بعض حقوقها الإنسانية، ابتداء بحقّ التعليم والعمل واختيار الشريك، وانتهاء بكسر سقف المُطالبة بهذه الحقوق بما قد يفوق خيال المُشاهد. و”سما عالية” من بطولة كل من حمد العماني وجاسم النبهان وعبدالله السيف وعبدالله التركماني وزهرة الخرجي وفوز الشطي وابتسام عبدالله وانتصار الشراح وسليمان الياسين، ومن مصر نهى رأفت وندى عادل وأحمد كشك وغيرهم. أما مسلسل “الروح والرية” للمخرج منير الزعبي والكاتبة أنفال الدويسان فدارت أحداثه خلال حقبة التسعينات، وهي فترة زمنية ثرية بتفاصيل ما زال يحن إليها قطاع كبير من الجمهور الذي عاصرها، بل إن ملامح تلك الفترة يجدها المُشاهد الكويتي ومن ثمة الخليجي حوله في مختلف تفاصيل حياته اليومية وداخل بيته، ليأتي العمل بشكله الكلاسيكي المحبّب للمُشاهد الخليجي ثريا في تفاصيله وخطوطه الدرامية، كما شهد تميّز الفنانة هبة الدري على صعيد الأداء وخوض الفنان عبدالله التركماني مغامرة التعايش مع مرحلة عمرية أكبر من عمره الحقيقي. ونجح مسلسل “الوصية الغائبة” للمخرج حسين أبل والكاتب مشاري حمود العميري في إلقاء الضوء على ملامح الحياة الاجتماعية في الكويت في فترة تعود إلى خمسينات القرن الماضي وصولا إلى السبعينات. وتطرق إلى علاقات أهل الفريج بقالب درامي ثري بالأحداث، مصوّرا العلاقات الطيبة والقلوب النقية التي سادت قديما دون أن تحمل أي حقد أو حسد أو غيرة أو ما شابهها من الأمور المستجدة في الحياة العصرية الراهنة المتسمة بالسرعة أولا والتكالب على المال أساسا. وقامت فكرة المسلسل على توعية الناس وإعادتهم لأخلاقهم القديمة التي كان يمارسها الآباء والأجداد؛ حتى يتمسّكوا بتلك الوصية المفقودة التي تجاهلوها لفترات طويلة ما أدى إلى حدوث النزاعات والخلافات بين الشعوب وبين الناس وبين العائلات، والتي وصلت إلى البيوت أيضا حيث يتصارع أبناء العائلة الواحدة. والعمل من بطولة كل من جاسم النبهان وعبدالرحمن العقل وزهرة عرفات وعبدالإمام عبدالله ومحمد الصيرفي وعبدالله الفريح وعبدالله هيثم وفاطمة الدمخي وزينب كرم وعبير أحمد ومحمد العلوي وإسماعيل الراشد والراحل مشاري البلام في آخر ظهور درامي له. “سما عالية” يرصد كفاح المرأة الكويتية في ستينات القرن الماضي “سما عالية” يرصد كفاح المرأة الكويتية في ستينات القرن الماضي أما مسلسل “شليوي ناش” للمخرج عيسى ذياب والكاتب عبدالله السعد فيقدّم حكاية إنسانية في المقام الأول، حيث اشتغل الكاتب على فكرة العلاقة بين صديقين رغم فارق العمر ومسار كل منهما في الحياة. والمسلسل الحقبوي الكوميدي محدود في خطوطه الدرامية وأحداثه مكثفة بين مجموعة من الشخصيات ما سهل مهمة المخرج في إحكام قبضته على العمل. فمن صميم المعاناة والآلام التي يعيشها حارس المدرسة الفقير “شليويح” وسائق الشاحنة البسيط “ناشي” تُولَد الضحكات القلبية والمواقف الطريفة في الكوميديا الاجتماعية المُستمدّة من حقبة السبعينات، والعمل من بطولة النجم السعودي عبدالله السدحان ويعقوب عبدالله وعبدالإمام عبدالله ومرام البلوشي ومحمد العجيمي ولطيفة المقرن وآخرين. وعلى عكس الدراما الحقبوية مرت المسلسلات الكوميدية الكويتية هذا العام مرور الكرام دون عميق أثر في نفس المُشاهد، كما هو الحال مع مسلسل “أمينة حاف” للمؤلف علي الدوحان وإخراج سائد الهواري وبطولة إلهام الفضالة، والذي أتى ضمن قالب اجتماعي يمزج بين التراجيديا والكوميديا في ميل أكثر إلى التراجيديا، ممّا أسقط العمل في البكائيات عوض رسم بعض البسمات على وجه المُشاهد الخليجي المرهق من كورونا وتداعياته، وهو الذي يناقش ثيمة تعدّد الزوجات بشكل مكرّر لا يضيف جديدا. والأمر ذاته انسحب على مسلسل “وأنا أحبك بعد” الذي يسلِّط الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية بطريقة “لايت كوميدي”، حيث تدور أحداثه بشكل مكثف حول الصراعات بين الأزواج خاصة في بداية العلاقة. ويتناول العمل، الذي أتى عن سيناريو لمريم الهاجري ومن إخراج خالد جمال وبطولة حسين المهدي وبثينة الرئيسي، الحياة العائلية اليومية داخل أحد المنازل، والمشكلات التي تواجه الزوج والزوجة، وما يمران به من مواقف تم تجسيدها في إطار رومانسي، ورغم التوجّه الكوميدي للأحداث فإن في المسلسل أيضا مواقف تراجيدية كحال “أمينة حاف”.

مشاركة :