استمرار الغموض الاقتصادي وانتشار نظرية «الركود الأعظم»

  • 9/28/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تنفس العالم شيئاً من الصعداء بخصوص قرار البنك المركزي الأمريكي الحفاظ على معدل الفائدة المعيارية عند نسبة قريبة من الصفر دون أي تغيير. وأتى القرار رغم إقرار البنك أن النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة يشهد نمواً بوتيرة معتدلة، إلا أنه أشار إلى أنه من المحتمل أن تؤثر التطورات الأخيرة التي شهدها القطاعان الاقتصادي والمالي على الصعيد العالمي سلباً في النشاط الاقتصادي ومن المرجح أن تزيد من ضغوط التباطؤ على التضخم على المدى القريب. ورغم ذلك فحالة عدم اليقين في الأسواق المالية مستمرة نظراً لاحتمال قيام الولايات المتحدة برفع سعر الفائدة الأساسي في غضون هذا العام. ومن ثم ستظل الشكوك في الأسواق المالية قائمة على المدى القصير. وكان المستثمرون والخبراء الاقتصاديون والمحللون قد انقسموا على نطاق واسع بشأن ما إن كان مجلس الاحتياطي سيقرر الرهان على استمرار النمو الأمريكي والمضي قدماً في رفع أسعار الفائدة أم سيستسلم للمخاوف بشأن متانة الاقتصاد العالمي ويؤجل رفع الفائدة حتى أكتوبر/ تشرين الأول أو ديسمبر/كانون الأول. وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد قد عبرت عن الآراء الحذرة بتصريحها أنه ينبغي لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي ألا يتسرع في اتخاذ قرار رفع أسعار الفائدة وألّا يتحرك في هذا الاتجاه إلّا عندما يكون متأكداً من أن القرار من غير المرجح الرجوع عنه فيما بعد. وجاء ذلك في ظل حقيقة أن آفاق النمو الاقتصادي العالمي قد ساءت بشكل عام، خاصة فيما يتعلق باقتصادات الأسواق الناشئة، كما أن المخاطر تتواصل صوب الاتجاه الهبوطي، مع تواصل المناخ العالمي الذي يشوبه عدم اليقين. ونذكر أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مازال الوحيد بين البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة الذي يتجه لزيادة معدل الفائدة على المدى القريب، في الوقت الذي تطلق فيه مصارف أخرى برامج تيسيرية لدعم النمو. كما لايزال هناك جيل كامل من المتداولين الذين لم يروا رفعاً لأسعار الفائدة، فقد كان آخر رفع لأسعار الفائدة ذلك الذي تم في 29 يونيو/ حزيران 2006 عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي الأسعار ب25 نقطة أساس أو 0.25٪. لكن بدا جلياً أن تراجع معدلات التضخم وضعف الاقتصاد العالمي يشكل مخاطر كبيرة يصعب معها رفع الفائدة حالياً. بل هناك نظرية الركود الأعظم التي ترى أن الأمر قد يكون مختلفاً هذه المرة. و إنه لمن العسير تجنّب الشعور بأن مشاكل الولايات المتحدة الاقتصادية الراهنة باتت تمثل أكثر من مجرّد جزء من دورات الانكماش المتكررة. وذلك لأن التغيرات المفاجئة والقوية التي تشهدها الأزمة الحالية يمكن أن تنطوي على مؤشرات استهلالية لحالة من الهشاشة والعجز الدائم عن الأداء. والقلق العالمي من التسرع في رفع سعر الفائدة له ما يبرره ؛ فرفع سعر الفائدة الرئيسي يعني أن كل الأموال التي ضختها الولايات المتحدة في العالم من خلال سياسة التخفيف الكمي ستصبح في طريقها للعودة للبنوك الأمريكية مرة أخرى للاستفادة من رفع سعر الفائدة. وسيؤدي ذلك إلى إحداث هجرة سريعة ومفاجئة نحو البنوك الأمريكية من بنوك الاقتصادات الناشئة، مما سيؤثر سلبا في الأسواق المالية في تلك الاقتصادات الناشئة. لأنها ما زالت أسواقا هشة قابلة للتأثر بأي إجراء قد يسبب لها أزمات مالية واضطرابات في أسواقها النقدية وأضرارا اقتصادية كبيرة، و من ثم ستحدث هزة جديدة في الأسواق العالمية. القرار الأمريكي برفع سعر الفائدة متوقع بشكل شبه مؤكد وبالتالي، ينصح المراقبون بأن تتحسب السلطات المالية في الأسواق الناشئة من ثلاثة نواحٍ، هي: السرعة والحجم والتوقيت. إذا تقرر رفع سعر الفائدة الأمريكية بنسبة تزيد على 0.5% أو 1% فإن كل العالم سيشعر بتأثيرات قوية.. بقى أن نشير الى أن حالة عدم اليقين لا تقتصر على موعد بدء دورة الرفع بل إن أعضاء الاحتياطي الفيدرالي يناقشون بعمق حد الرفع ما يعني أن سقف تحرك المجلس لا يزال موضع جدل قد لا ينتهي في المدى المنظور. وهناك خلف الستار يجري بعض أعضاء الاحتياطي الفيدرالي تقييما لأدوات تطبيع أسعار الفائدة في ظل المطبات القائمة، بما في ذلك الرسوم التي ستفرض على ودائع البنوك. وعلى وجه العموم لايزال الاحتياطي الفيدرالي حذراً وعينه على البيانات الاقتصادية. *كاتب وباحث أكاديمي مصري

مشاركة :