سبحان الله العلي القدير، القديم بعلمه، الذي لا حدود لعلمه، ولا محدودية لقدرته، ألزم المسلم بأركان الإسلام الأربعة الأولى بلا شرطٍ ولا قيدٍ بالمكان، وخاصة شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فليس هناك عذر لأحد لعدم النطق والتقيّد بها.. وقد سهل الله تعالى إقامة الصلاة حسب وضع المسلم وحالته الصحية، ومحل إقامته، وفي ترحاله وسفره.. وربط جل في علاه إيتاء الزكاة بنصاب في المال والحلال، وجعل عز وجل صوم رمضان حسب الحالة الصحية، وزمنه محدود، ومُمكن تأجيله للمريض المرجو بُرؤه، وللمسافر حين يعود. وربط سبحانه وتعالى الحج بزمنٍ معين، لا يُمكن تقديمه أو تأخيره، وربطه أيضًا بمناسك معينة بناء على شروط، وقيّده بمكانٍ مُعين محدود المساحة ولمدة مُعيّنة، محدودة الوقت، ولهذا ربط الله -عز في علاه- الحج بالاستطاعة، ولم يُحدِّد نوع الاستطاعة، ويدخل فيها الاستطاعة الجسدية، وتحمُّل عناء التنقل والقدرة المالية، لذلك جعل فيه منافع للناس مادية، بالإضافة للعبادة، والآن استجدّ علينا الاستطاعة الاستيعابية للمكان، لذلك حدّدت الدولة عدد الحجيج، ووزّعته بين بلاد العالم الإسلامي، ولا ضير لقياس العدد الأقصى للمكان في زمن الحج، وعدم تجاوزه، إلا إذا استطعنا التوسعة، ولا أقول للمكان، بل ما أقصده هنا «التوسعة للقدرة الاستيعابية»، ويُمكن ذلك بطريقة واحدة فقط، وهي الامتداد الرأسي، بأن نُضاعف مساحة منى ومزدلفة وعرفات بعلوّ الطوابق ومحال غيرها، وهذا يحتاج إلى جهدٍ ومال وتخطيط هندسي دقيق، وإلا يكون هدرًا للمال والجهد بلا مردود. وطالما ظهرت بعض المشكلات في الحج، وغالباً ما يكون سببها كثرة الازدحام وصعوبة التحكم في حركة الحجيج لمحدودية المكان والزمان، فمن الممكن إعادة النظر في عدد الحجيج، والمسلم الذي لا يحصل على تصريح من الداخل، ومَن لا يُحالفه التوفيق من الخارج، فإن الله غفور رحيم، وبهذا لم يستطع الحج، وإن مات ولم يحج فإن الله يُعوّضه خيرًا، طالما أنه نوى الحج وسعى له بكل جهده، ولم يستطع إليه سبيلاً. ونسال الله الرحمة للشهداء والمغفرة لهم، ولأهلهم الصبر والسلوان. وما اتكالي إلا على الله، ولا أطلب أجرًا من أحدٍ سواه. oalhazmi@Gmail.com
مشاركة :