أثار فيلم الخيال العلمي «ذي مارشان» اهتمام العلماء العاكفين منذ سنوات على دراسة المخاطر التي قد تسببها الرحلات الطويلة في الفضاء على صحة البشر، على رغم ما فيه من أخطاء علمية. ويروي الفيلم قصة متخيلة لهبوط طلائع المستكشفين من البشر على كوكب المريخ، وهو مشروع تعتزم وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تنفيذه فعلاً في السنوات أو العقود المقبلة. ومع هبوط الرواد في المشاهد الأولى من الفيلم على سطح الكوكب الأحمر، يواجهون عاصفة عاتية، لكن هذه واحدة من الأخطاء العلمية التي وقع فيها معدو الفيلم. ويقول سكوت هوبارد المتخصص في علوم كوكب المريخ والأستاذ في جامعة ستانفورد: «هذا الأمر غير صحيح بتاتاً»، فالغلاف الجوي ذو الكثافة الضعيفة للكوكب الأحمر يجعل رياحه عليلة بحيث لا يمكن للرواد أن يلاحظوها على الأرجح. لكن هوبارد وعدداً من زملائه الخبراء في مجال الفضاء ينظرون بعين التقدير إلى الفيلم الذي كتبت قصته أندي وير، وحوله إلى فيلم ريدلي سكوت، إذ إنه يستعرض التحديات التي تواجه وكالة الفضاء الأميركية في سبيل إرسال رحلات مأهولة إلى المريخ. ويصور الفيلم فريقاً من الوكالة الأميركية ينفذون مهمة هناك، ومن ثم تجبرهم الظروف على المغادرة في شكل عاجل تاركين وراءهم عالماً يدعى مارك واتني يؤدي دوره مات ديمون، مع مؤن تكفي لشهر واحد، من دون أي وسيلة اتصال. ويقول ريكس والهيم رائد الفضاء في وكالة «ناسا»: «الأمر الذي أحببناه في هذا الفيلم أنه يتحدث عن الطريقة التي علينا أن نفكر بها». ومع أن العلماء يتوقعون فعلاً أن يتمكن البشر من الزراعة في المريخ في المستقبل، إلا أن الفيلم تحرر قليلاً من الضوابط العلمية في تصوير هذه العملية. ففي الحقيقة، «لا يمكن وضع المخلفات كما هي فوق المزروعات» بل ينبغي أولاً تحويلها إلى سماد والتخلص من البكتيريات الضارة فيها، بحسب بروس بوغبي أستاذ علوم التربة والمناخ في جامعة يوتا. وتوصل العلماء إلى طريقة للزراعة في البيئات غير المواتية للحياة، عن طريق عزل المزروعات في أماكن مغلقة وتوليد الأوكسجين من ثاني أكسيد الكربون. لكن يبقى أمام العلماء اختبار هذه التقنيات في تجارب تحاكي رحلة إلى المريخ يجري فيها وضع المشاركين في بيئة منعزلة لا أوكسجين فيها ولا ماء. وتدأب وكالة «ناسا» على إجراء تجارب تحاكي الرحلات الفضائية الطويلة، منها تجربة ما زالت قائمة وتمتد على سنة كاملة، تنفذ في هاواي... لكن هذه التجربة تركز تحديداً على دراسة الأثر النفسي للرحلات الطويلة على الرواد. ويقول رائد الفضاء المتقاعد ليروي شياو إنه حاول النظر إلى الفيلم بعين المشاهد العادي لا بعين العارف في شؤون الفضاء، «لكن بعض المشاهد لم تكن مقنعة».
مشاركة :