تباينت المواقف النقابية، حيال توجه الحكومة لرفع سن التقاعد، بين من رآه إيجابيّاً، وآخر حذر من تداعياته الوخيمة، يتصدرها ارتفاع نسبة البطالة التي تراها وزارة العمل ثابتة عند مستويات آمنة. وكان رئيس مجلس إدارة جمعية الحكمة للمتقاعدين رئيس المجلس الأعلى للصحة الفريق الطبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، بين في (13 سبتمبر/ أيلول الجاري) أن البحرين تتجه إلى رفع سن التقاعد في الدولة. وأضاف أن «الرفع قد يصل إلى 65 سنة أو حتى يتجاوز الـ 70 سنة لدى بعض الفئات»، قبل أن يستدرك ليقول «الموضوع لايزال قيد البحث والدراسة». توجه الحكومة هذا، الذي جاء بعد تصريحات لمسئولين خليجيين أكدوا وجود توجه خليجي عام لرفع سن التقاعد، لم يرُق لأعداد كبيرة من المواطنين، ممن طالبوا بالتأني قبل اتخاذ قراراً بهذا الشأن، والتشديد على ضرورة الانتباه إلى مستوى انتاجية من يتجاوز 60 عاماً، إلى جانب منح الفرصة للشباب للحصول على فرص وظيفية. يقول الأمين العام المساعد لشئون القطاع الخاص بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين كريم رضي، محذراً «هذا التوجه، فيما لو تحوّل إلى قرار، فإنه وبالضرورة سيرفع من نسبة البطالة». وأوضح «أهم التأثيرات هي تأخير استيعاب القادمين الجدد من الباحثين عن عمل، وأيضاً تعطيل الإبداع والتجديد في عقيدة المؤسسة؛ بسبب استمرار المسئولين في مناصبهم، ولا ننسى أمراً مهمّاً وهو أن نسبة المتقاعدين تزيد كلما هبطنا نزولاً نحو الرواتب الأدنى، وتقل كلما صعدنا نحو الرواتب الأعلى مع ان العكس هو الذي يجب أن يحدث». وأضاف «ما ذاك الا لأن العاملين في الوظائف الأقل حظا يصابون بالتعب والارهاق والاحباط وسرعان ما يجد الواحد منهم أن البقاء في العمل ما يسوى تعبه بالمقارنة بين راتب التقاعد وراتب الوظيفة». وتابع «إجمالا للحركة النقابية العالمية بشكل عام موقف مضاد لتمديد سن التقاعد، وينظر له عادة على انه انخفاض وانتقاص في المكاسب العمالية، وأعتقد أن موقف الحركة النقابية البحرينية لن يختلف كثيراً، ومازلنا نتذكر الاحتجاجات التي ضربت المدن الفرنسية إبان حكم ساركوزي على قانون رفع سن التقاعد». وعقَّب «بالنسبة لنا كاتحاد عام لنقابات عمال البحرين، فان أي قرار يصدر بشأن التقاعد والتأمين الاجتماعي في ظل غياب ممثلي العمال في مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي هو قرار منقوص الشرعية، ومخالف للقانون مخالفة صريحة وواضحة». على النقيض من تحذيرات رضي، قال المستشار النقابي محمد المرباطي: «في ظل غياب الضمان الاجتماعي كما هو مطبق في الغرب والذي يشمل بمظلته الجميع، فإني أرى أن التوجه لرفع سن التقاعد إيجابي على الموظف وعلى جهة التوظيف نفسها، فالموظف سيتحصل على وضع وظيفي ومعيشي أفضل بسبب زيادة الراتب من جهة وزيادة امتيازات التقاعد، وهذا بدوره سينعكس إيجاباً على أسرته التي يعولها». وأضاف «أما فائدة الوزارة أو المؤسسة فتتمثل في زيادة مقدار استفادتها من خبرة موظفيها، والتي ترتفع بصورة عامة مع تقدم العمر، ما يؤهل بعضهم لتقلد مناصب استشارية». وتابع «على العكس من ذلك، بالنسبة إلى العمالة الشابة الجديدة، والتي تفتقر إلى تراكم الخبرات التي تشكل ضرورة للحياة العملية». ولا يعير المرباطي، اهتماماً كبيراً للحديث عن زيادة نسب البطالة، على رغم إقراره بوجود ضرر من ناحية الضعف الذي سيلحق بإتاحة المجال للعمالة الجديدة، إذ يقول «مقارنةً بمئات الآلاف من العمالة الأجنبية، فإن أعداد من سيمتد بهم التقاعد من البحرينيين لن تحدث فارقاً كبيراً عما هو موجود حاليّاً». وترجع دول الخليج، قبل أن تشذ عنها دولة الكويت، توجهها ناحية رفع سن التقاعد إلى جملة أسباب، بينها تزايد أعداد المتقاعدين مبكراً عند سن 40 و45 عامًا، مقارنة بالمتقاعدين عند سن 60 و65 عاماً، وارتفاع سن متوسط الحياة بسبب تطور معايير الرعاية الصحية.
مشاركة :