وسط توقعات بأن يصل عدد طالبي اللجوء إلى أوروبا هذا العام إلى مليون شخص، وفي ظل الجدل بين الحكومات بشأن كيفية التعامل مع هذه الأعداد، يتجه آلاف المتطوعين إلى الإنترنت لعرض الإيواء المجاني للاجئين. في فرنسا وهولندا ودول أوروبية أخرى، يعرض أفراد مستقلون مساكن مجانية عن طريق مواقع إلكترونية لتأجير المساكن، على غرار موقع «إير بي.إن.بي». الذي ازدهر مع انتشار الهواتف الذكية على نطاق واسع. ويخشى البعض من أن المساعي الخاصة قد تعقد الجهود الحكومية لتوجيه تدفق اللاجئين أو أن يكون عمرها قصيرا جدا حين تظهر عواقب الضغوط التي تنجم عن مشاركة السكن. يقول مسؤول في وزارة الداخلية في فرنسا، حيث يرسل الوافدون الجدد إلى مراكز إيواء أو غرف بفنادق تسدد الحكومة تكلفة الإقامة بها، إن: «هذا أمر جدير بالثناء من الناحية الرمزية، لكنه ليس النموذج الذي تحبذه الدولة». لكن اللاجئين، الذين اعتمد كثير منهم بشدة على الهواتف المحمولة والخرائط والاتصالات خلال رحلتهم من سوريا أو العراق أو أفريقيا إلى أوروبا، سيجدون الكثير من العروض الطوعية على الإنترنت. على موقع إلكتروني آيرلندي، يتعهد أكثر من ألف شخص بتقديم «سرير» للاجئين خلال ثلاث ساعات. أما في ألمانيا، فيوفر موقع «ريفيوجيز ويلكم» خدمة لتسهيل الاتصال بين من يملكون أماكن الإيواء واللاجئين. وسجل موقع «سينجا» الفرنسي عشرة آلاف عرض للسكن المجاني منذ بدأ في يونيو (حزيران)، وبه الآن عشرة متطوعين يعملون بدوام كامل لمساعدة اللاجئين على الاتصال بمضيفيهم. وقال نتانائيل موليه، مؤسس الموقع: «نحن منبهرون. لم نتخيل أن نتلقى رد فعل حماسيا بهذا الشكل». وحتى الآن نجح موقع «سينجا» في توفير السكن لسبعة وأربعين لاجئا بمناطق مختلفة من باريس. كانت كلارا دو بورت، الموظفة الحكومية البالغة من العمر 40 عاما، تؤجر حجرة إضافية بمنزلها للسائحين، وهي الآن تشارك منزلها مجانا مع عائشة، امرأة فرت من الصراع العرقي والزواج القسري في تشاد ومكثت في 14 مركزا وفندقا مختلفا سددت الحكومة تكلفة إقامتها فيها منذ وصلت قبل عامين. وحصلت عائشة، 25 عاما، مؤخرا على كتاب لمساعدتها على تعلم اللغة الفرنسية، وهي تأمل أن تتوفر لها ظروف حياة طيبة وأن تنعم بالاستقرار في نهاية المطاف. وقالت عائشة التي تتحدث العربية، لوكالة «رويترز» للأخبار: «ما أحتاجه الآن هو أن أجيد الفرنسية وأن أحصل على عمل وعلى مسكن لأجل طويل». ويقول موقع «هيرو» للاجئين، والذي يصفه مؤسسوه في هولندا بأنه سهل الاستخدام عن طريق الهاتف المحمول ويقدم خدمات بنفس الجودة التي يوفرها موقع «إير بي.إن.بي»، بأن 50 لاجئا أجروا اتصالات منذ بدأ قبل بضعة أيام. ويوضح أيوب أوراغ، وهو واحد من ثلاثة شبان اشتركوا في تأسيسه: «تلقينا أكثر من 100 عرض من جميع أنحاء العالم.. من البرتغال إلى البرازيل والنمسا وهولندا». وسجل أكثر من 24 ألف شخص أسماءهم لتقديم المساعدة للاجئين، ويعرض ستة آلاف منهم استضافة لاجئين حين تعترف السلطات بأنها أصبحت مثقلة. من جانبه، يقول يمان، 24 عاما، وهو سوري جاء بصحبة أخيه عن طريق تركيا التي أصبحت واحدة من طرق الخروج الرئيسية من بلده الذي يمزقه الحرب: «قالوا لنا بأنهم يحبوننا ويريدوننا أن نمكث في مدينة ابلدورن الهولندية. لم يعاملونا بطريقة مختلفة عن الطريقة التي يعاملون بها من يعيشون هنا». واعتمدت حكومات الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع خطة لتوزيع 120 ألفا من طالبي اللجوء على مختلف الدول الأعضاء، وعددها 28. خلال سنتين وبهذا يرتفع عدد من يحتاجون للمساكن والمساعدات بالإضافة إلى حصة سابقة إلى 160 ألفا. وتقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن مليون شخص سيطلبون اللجوء هذا العام وأنه سيحق لما يصل إلى 450 ألفا منهم الإقامة في الاتحاد الأوروبي. وقال بيير هنري، رئيس منظمة «تير داسيل» الفرنسية، وهي واحدة من المؤسسات الخيرية التي تتعامل مع المهاجرين: «لا يمكن أن تستقبل لاجئا في منزل بنفس الطريقة التي تستضيف بها شخصا ما لمدة 48 ساعة حين يكون ضحية للسيول.. إنه استقبال لأجل طويل». متظاهرون يحملون لافتات ترحيب باللاجئين والمهاجرين خلال مسيرة تضامن نظمت في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
مشاركة :