في سوق الأسهم، من المهم تحديد نوعية الاستثمارات المستهدفة لانتقاء ما يتماشى مع الاستراتيجية المتبعة سواء كانت قيمة أو نموًا، وفقًا لرغبة وأهداف المستثمر على جانب، وبناءً على الوضع الراهن للسوق والاقتصاد الكلي على جانب آخر. على سبيل المثال، السوق الأمريكي حاليًا في ظل تلاشي المخاوف وعدم اليقين المصاحبين لبداية الوباء والتوقعات بنمو سريع لاقتصاد البلاد، يشهد زخمًا قويًا في جانب أسهم القيمة والتي تتفوق على نظيرتها للنمو من حيث الأداء. ويرجع محللون ذلك إلى عوامل منها ارتفاع عائدات السندات في شهر مارس، ولكن هناك أسبابًا أكثر تأثيرًا، مثل دورة الربح والتي ترتبط بشكل قوي مع التحسن الاقتصادي، حيث تتعاظم نتائج أعمال هذه الشركات. في المقابل، كان أداء أسهم النمو قويًا خلال العام الماضي، لأن المستثمرين تدافعوا إلى هذه الفئة لتعويض انخفاض معدلات الفائدة إلى مستويات قياسية. واحد من أهم الأسهم التي يتأملها المستثمرون لقوتها وسمعة داعميها، هو سهم شركة "آبل" ذات التقييم السوقي الذي يتجاوز تريليوني دولار، والتي سجلت إيرادات تقترب من 90 مليار دولار في الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، مع ربح لكل سهم بلغ 1.40 دولار. هذا السهم يحظى بثقة واهتمام بالغين من الملياردير "وارن بافيت"، حيث تمتلك شركته "بيركشاير هاثاواي" ما قيمته 120 مليار دولار من أسهم "آبل" (حتى فبراير الماضي)، وسبق أن أبدى إعجابه الشديد مرارًا بأداء صانعة "أيفون" وقدرة سهمها على تحقيق عائد معقول. لكن تُرى هل يندرج سهم "آبل" ضمن فئة استثمارات القيمة التي تدر أرباحًا جيدة في أوقات الصعاب الاقتصادية، أم أنه ضمن فئة النمو التي تضمن للمستثمر عائدًا جيدًا بغض النظر عن الصورة الأوسع للاقتصاد. (تعرف أكثر على مفهوم استثمار القيمة والنمو من هنا) ما نوع آبل؟ - يعتقد معظم الناس أن سهم "آبل" إلى جانب العديد من الأسماء التقنية الأخرى أسهم نمو، وهذا التصنيف ساهم في مشاكل التركيز داخل المؤشرات المستخدمة من قبل المديرين النشطين، والتي تتبعها صناديق المؤشرات، وفي الحقيقة يتحلى سهم صانعة "أيفون" بمزيج من خصائص القيمة والنمو. - السعر إلى القيمة الدفترية هو أحد المقاييس التي تجعل "آبل" تبدو كسهم نمو قوي، لكن المقياس تعرض للنقد بسبب إهماله للأصول غير الملموسة، مثل الملكية الفكرية، في حين تستمد الشركة قيمتها من هذه الأصول غير الملموسة، بما في ذلك علامتها التجارية ونظام "آي أو إس". - نظرًا لأن القيمة الدفترية للشركة منخفضة، فإن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية مرتفعة، ووفقًا لنموذج تحديد النمط لمقدم الخدمات المالية "مورنينج ستار" فإن سهم "آبل" يقع في منطقة ما بين أسهم النمو والقيمة، لكن لم تكن الأمور كذلك دائمًا بالنسبة للشركة. - قد يكون العديد من المستثمرين اليوم قد نسوا (وربما لا يعرف المستثمرون الأصغر سنًا) أنه خلال فترة الهوس بعالم الإنترنت في أواخر التسعينيات، مع عودة "ستيف جوبز" كرئيس تنفيذي، فإن شركة "آبل كومبيوتر" كما كانت تُعرف آنذاك، أصبحت تعتبر من الماضي في صناعة التكنولوجيا. - في عام 2000، جعلها معدل النمو ومضاعفات التقييم أقرب إلى جانب القيمة، ثم جاءت سلسلة مذهلة من الابتكارات التي جلبت للعالم أجهزة "أيبود" و"أيفون" وخدمات "أي تيونز" و"آبل ووتش" فأمضت الشركة الفترة من 2004 إلى 2016 كسهم سريع النمو. - رغم النجاح الكبير الذي حققته الشركة، إلا أنه لا يمكن الحفاظ على مسار النمو السابق للشركة، وفي عام 2012، بدأت "آبل" في توزيع الأرباح، كعلامة على النضج، وفي السنوات الأخيرة تحرك سهم الشركة إلى القسم الأوسط من نموذج "مورنينغ ستار". ما أهمية النوع؟ - القول بأن السهم يشكل مزيجًا بين النمو والقيمة، قد يبدو وكأنه تناقض، حيث تميل أسهم النمو إلى التداول عند تقييمات أعلى، فيما تميل أسهم القيمة للنشاط عند تقييمات منخفضة، لكن يجب على مستثمري الصناديق أن يدركوا أن الخطوط غير واضحة بين النمو والقيمة. - مع ذلك، فإن تحليل نماذج مثل تلك الخاصة بـ"مورنينغ ستار" والتي يطلق عليها مربعات النمط والتي تحدد نوع السهم، تشير إلى أن النمو والقيمة ليسا متعارضين على الإطلاق، ويمكن لشركة ما أن تزيد أرباحها في نفس الوقت الذي تكون فيه رخيصة نسبيًا، بحسب "Newfound Research" للأبحاث. - تمتلك الصناديق المتداولة في البورصة التي تتبع مؤشرات النمو أكثر من 300 مليار دولار من أصول المستثمرين، وحتى المزيد من رؤوس أموال المستثمرين في استثمارات النمو السلبي الأخرى مثل صناديق المؤشرات التقليدية. - قد يفاجأ المستثمرون في بعض صناديق مؤشرات النمو عندما يعلمون أن أكثر من 11% من أصول المحفظة مخصصة لشركة "آبل" وحدها، بالطبع أصبح سوق الأسهم الأمريكي أكثر تركيزًا بشكل عام في السنوات الأخيرة، مع مجموعة محدودة من الأسماء ذات الصلة بالتكنولوجيا التي تستأثر بجزء كبير من القيمة السوقية. - إن شهرة "آبل" تجعلها محركًا رئيسيًا للعائدات ذات الصلة،وبالنسبة للصناديق التي تتبع المؤشرات وصناديق الاستثمار المتداولة، كلما زاد التعرض لهذا السهم كان الأداء أفضل في السنوات الأخيرة، ولكن في أوائل عام 2021، انخفض سعر السهم، مما قلل من العوائد الإجمالية للعديد من صناديق تتبع المؤشرات. - في الوقت نفسه، يتعين على مديري صناديق النمو النشطة التي تزيد قيمتها على تريليوني دولار اتخاذ قرار صعب، وإذا كانوا معجبين بـ"آبل"، فإنهم بحاجة إلى تخصيص محفظة ضخمة للغاية من أجل الحفاظ على وزنها الثقيل للغاية في استثماراتهم، لأنه لو كان أداء "آبل" جيدًا، فإن وضع "الوزن المنخفض" سيضر بعائداتهم. سهم النمو التالي - وفقًا لنموذج مربعات "مورنينغ ستار" فإن سهم "آبل" يبدو أقرب إلى نطاق النمو، لكن هناك أسبابًا أخرى لدى السوق للاعتقاد بأنه دخل أو سيدخل هذا النطاق قريبًا، والأكثر أنه سيكون الرهان الرابح خلال سباق أسهم النمو القادم. - من بين هذه الأسباب، هو نجاح الأجهزة الداعمة لشبكات الجيل الخامس والتي دفعت التوقعات بشأن نتائج الأعمال للارتفاع، ثم جاءت النتائج الفعلية لتتفوق على هذه التوقعات المتفائلة بالفعل، بتحقيق نحو 111 مليار دولار من الإيرادات في الربع الأخير من العام الماضي. - ترى الأسواق استمرارًا في تجاوز الطلب للعرض فيما يتعلق بأجهزة "أيفون"، وفي حين تشير التقديرات إلى بلوغ شحنات الشركة من الجوال 36.7 مليون في الربع الأول من عام 2020، ترجح التقديرات أن يقفز هذا الرقم إلى 60 مليون جهاز في الربع الأول من 2021. - من المتوقع أيضًا أن تستحوذ شركة "آبل" على 35% من سوق الهواتف الذكية من الجيل الخامس العالمي في عام 2021 وفقًا لتقديرات مستقلة، وذلك بفضل قاعدة ضخمة من المستخدمين الذين ينتظرون ترقية هواتفهم، وقد يدعم هذا الاتجاه احتمال إنتاج أجهزة رخيصة أكثر تطورًا.
مشاركة :