أما آن الأوان أن تستيقظ القيادات الفلسطينية؟

  • 5/9/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في المؤتمر الصحفي المشترك لوزيري الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والفلسطيني، رياض المالكي، أعرب لافروف عن اقتناع موسكو بالرباعية الدولية أساساً لتسوية القضية الفلسطينية. وفي اللقاء الذي جمع الجانبين، شرح المالكي "الأسباب التي أدت لاتخاذ القيادة الفلسطينية قرارها بتأجيل عقد الانتخابات الفلسطينية، وحملة التنكيل والقمع الشرسة التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في بلدات وقرى جنوب وجنوب غرب نابلس". كذلك حمل المالكي رسائل من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تتعلق بالقضايا المذكورة وتطورات الأوضاع الراهنة على الساحة الفلسطينية، ومستجدات عملية السلام". وكان الرئيس عباس قد أعلن قراره بتأجيل الانتخابات، لرفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراء الانتخابات في القدس، وبعد انتهاء مهلة، طلبها الاتحاد الأوروبي من أجل ممارسة ضغوط على إسرائيل، بهدف السماح بإجراء الانتخابات في القدس. وفي الوقت الذي أبدى فيه مؤيدو الرئيس الفلسطيني تفهمهم لإعلانه تأجيل الانتخابات، استناداً لأن مشاركة القدس أمر ضروري يحمل ثقلاً رمزياً علاوة على ثقله السياسي، وعدم إمكانية المضي قدماً، دون مشاركة فلسطينيي القدس، رأت أطراف أخرى أن عباس يخشى من إجراء الانتخابات، لنشوب خلافات داخل حركة فتح، حالت دون تشكيل قائمة انتخابية فتحاوية موحدة. كان الملفت في تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني في موسكو أنه لم يتطرق إلى قضية الانقسام الفلسطيني، سواء ما اشتعل منه عقب مسألة تأجيل الانتخابات، أو بشكل عام. على صعيد آخر، كانت تقارير إعلامية قد أفادت قبيل إعلان التأجيل بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لاضطرابات محتملة على الحدود مع قطاع غزة، حال إعلان تأجيل الانتخابات. لم تأت الاضطرابات على الحدود مع غزة، وإنما جاءت مع استفزازات جديدة للسلطات الإسرائيلية تمثلت في محاولتها إخلاء حي الشيخ جراح من عائلات فلسطينية تقطنه منذ أجيال، وتضييق الخناق على المصلين في المسجد الأقصى منذ بدء شهر رمضان المبارك، وهو ما أدى إلى تصعيد خطير في القدس الشرقية وقطاع غزة. بهذا الصدد أعربت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها يوم السبت، 8 مايو، عن قلقها العميق لتدهور الأوضاع، إثر إخلاء السكان العرب من منازلهم الأصلية في حي الشيخ جراح، والترويج لخطط بناء 540 وحدة سكنية للمستوطنين في هار حوما، ومقتل فلسطينيين في إحدى نقاط التفتيش في منطقة جنين. وأكّد بيان الخارجية الروسية تأكيد روسيا على "موقفها المبدئي والثابت، الذي ينعكس في قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والذي ينزع أي صفة قانونية عن مصادرة الأراضي والممتلكات الموجودة عليها، بما في ذلك في القدس الشرقية". حيث ترى موسكو أن مثل هذه الأعمال بمثابة انتهاك للقانون الدولي، وتعيق عملية التوصل إلى تسوية تفاوضية على أساس حل الدولتين. كذلك فقد عقد ممثلو الرباعية الدولية، التي تضم روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة، اجتماعاً تشاورياً، جرى خلاله الاتفاق على بيان مشترك، عبروا خلاله عن قلقهم العميق إزاء أعمال العنف اليومية في القدس الشرقية، ولا سيما الاشتباكات التي وقعت في الحرم القدسي بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية. كذلك فقد أعرب ممثلو اللجنة عن قلقهم إزاء التصريحات الاستفزازية لبعض القوى السياسية، وإطلاق الصواريخ وزجاجات المولوتوف من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، فضلاً عن الهجمات على المزارع الفلسطينية في الضفة الغربية لنهر الأردن. وأشار ممثلو اللجنة إلى قلقهم العميق بشأن إخلاء عائلات فلسطينية من أماكن إقامتهم الأصلية في حي الشيخ جراح وسلوان بالقدس الشرقية، وعارضوا اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب، لن تؤدي سوى إلى تفاقم الوضع المتوتر بالفعل. ودعت الرباعية الدولية السلطات الإسرائيلية إلى التحلّي بضبط النفس والامتناع عن الأعمال التي تهدد بمزيد من تفاقم الأوضاع، وناشدت اللجنة جميع الأطراف بمراعاة واحترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة. وأكّدت الرباعية الدولية من جديد على التزامها بتحقيق تسوية القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين بطريق المفاوضات.  في اجتماع لافروف والمالكي، أبدى الوزير الروسي استعداد روسيا للإسهام قدر الإمكان في إقامة حوار مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتسوية جميع المسائل الأساسية المتعلّقة بالوضع النهائي، سواء كان ذلك عبر اتصالات ثنائية مع طرفي النزاع، أو بصفة موسكو عضواً في الرباعية الدولية الخاصة بالتسوية في الشرق الأوسط. وأصر لافروف على ضرورة تفعيل منصة الرباعية الدولية، وبحث إمكانية عقد اجتماع لها على مستوى وزراء الخارجية، حيث أن عقد مثل هذا اللقاء يحظى بأهمية مبدئية في ظل حجم المشكلات المتراكمة في السنوات الأخيرة، من أجل إعادة إطلاق جهود تطبيق حل الدولتين، لا سينما مع عودة إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، لدعم هذا المفهوم. كذلك لفت لافروف إلى أن روسيا تؤكّد على تعزيز الاتصالات بين أطراف الرباعية وممثلي جامعة الدول العربية، وأعرب عن قناعته بأن الرباعية بالتعاون مع جامعة الدول العربية قادرة على تنظيم ما سبق وأن طرحته روسيا في الماضي من عقد مؤتمر دولي في موسكو بشأن التسوية الإسرائيلية الفلسطينية، والتي كان مجلس الأمن الدولي قد وافق عليها، وانتقلت حالياً إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ولا زالت تحظى بالدعم من الجانب الروسي. وأضاف لافروف: "نأمل ألّا يستغل أحد الذرائع لإعاقة هذا العمل، لأن الوضع على الأرض يقتضي بطبيعة الحال تبنّي قرارات سريعة ومسؤولة". إن موقف روسيا مبدئي وواضح وعلني وثابت تجاه القضية الفلسطينية، التي شدد وزير الخارجية الروسي على ضرورة "عدم تهميشها في ظل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية"، مؤكداً على ضرورة استمرار اهتمام ومسؤولية المجتمع الدولي عن تطبيق القرارات ذات الصلة، الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، حيث أعرب الجانبان، الروسي والفلسطيني، عن التزامهما بهذه القرارات كأرضية معترف بها دولياً وأساساً للتسوية السلمية في الشرق الأوسط. إننا نرى جميعاً كيف تعلن روسيا عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية في كل المناسبات، وفي جميع المحافل الدولية، إلا أن هذا الموقف، والدعم، وطرح الأفكار بشأن عقد المؤتمرات الدولية، لا يمكن أن يسفر عن نتائج حقيقية بدون جهود الفلسطينيين أنفسهم. فمن غير المقبول حقاً أن يبقى الانشقاق الفلسطيني، وأن يعجز الفلسطينيون عن إنهاء الانقسام، ومعه دحض جميع الأوهام الخاصة بـ "انتصار غزة على الضفة" أو "الضفة على غزة"، فالنتيجة الوحيدة لهذه الأوهام والمهاترات هو ضياع قضيتنا الأساسية والمبدئية، قضية الأرض، وقضية الوطن، وقضية الإنسان الفلسطيني ودولته المستقلة ذات السيادة على أراضيها. ولا غرابة في أن تتخذ إسرائيل اليوم من الانشقاق ذريعة لكل ما ترتكبه من جرائم، وليس ما نراه من ضعف للتضامن الدولي مع القضية الفلسطينية سوى نتيجة فرعية واحدة لعناد الأطراف وإصرار الجميع على مواقفهم الضيقة والجامدة، العاجزة عن رؤية الوضع بنظرة أشمل وأبعد. خلال اليومين الأخيرين، وأثناء عملية إصدار بيان الرباعية الدولية الآنف ذكره، كانت عملية الاتفاق على صيغة البيان الذي يرضي جميع الأطراف عملية في غاية الصعوبة. وكان من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لا يعيرون أي اهتمام لوجود قيادة تمثل الشعب الفلسطيني، وكأن منظمة التحرير الفلسطينية، المعترف بها دولياً ممثلاً شرعياً وحيداً عن الشعب الفلسطيني، لم تعد موجودة بالنسبة لهم. هذا ما جنته أيدي القيادات الفلسطينية العاجزة. وهذا ما جلبه ويجلبه الانشقاق الفلسطيني على شعبنا الأعزل. أما آن الأوان أن تستيقظ قيادات التنظيمات الفلسطينية على اختلافها، وأن ترتقي إلى مستوى التضحيات والنضال الذي يخوضه سكان القدس، وأن يتجاوزا فوراً خلافاتهم وانشقاقاتهم الحزبية والشخصية الضيقة؟ أما آن الأوان ألا يكون تجاوز هذه الخلافات مرتبطاً بأي انتخابات تشريعية أو غيرها؟ فما يمنع، على سبيل المثال، الإعلان غداً عن تجاوز ذلك الانقسام وتشكيل قيادة موحّدة لمنظمة التحرير الفلسطينية في ظل الأوضاع الميدانية الحالية على كافة الأراضي الفلسطينية، لتشرف هذه القيادة على إنعاش المجلس الوطني الفلسطيني، وتجرى بعد ذلك الانتخابات التشريعية، وغيرها من الإجراءات. ألا يكون ذلك مساندة حقيقية للقدس وأحيائها وشعبها والأقصى؟ إن ما يعرقل الجهود الروسية، ويوقف تحقيقها لأكبر نتائج ممكنة، هو الخلافات الداخلية، والانقسامات، التي يتخذها الغرب وإسرائيل ذريعة لعدم المضي قدماً في المفاوضات. دائرة مفرغة، لا يكسرها سوى إنهاء ذلك الانقسام. أعيد وأكرر أيضاً كلمات لافروف بشأن ضرورة استعادة دور جامعة الدول العربية في حل قضايا المنطقة، فوحدها كلمة الأمة العربية يمكن أن تغيّر من واقعها. أما الحلول الموضعية، والمسكّنات المحلية والقومية والدينية، فقد فقدت قيمتها في القرن الجديد، قرن الدول والكيانات والتحالفات الكبيرة، التي تبتلع وتدمر صغار الدول والأمم، فلا يبقى لها أثر في التاريخ. الكاتب والمحلل السياسي/ رامي الشاعر المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب تابعوا RT على

مشاركة :