أفضل حجة لمقترح الرئيس جو بايدن للاستثمار بكثافة في أميركا وشعبها تردد أصداء شرح روزفيلت للصفقة الجديدة. فقد صرح روزفيلت عام 1943 قائلاً «في عام 1932 كان هناك مريض بشدة اسمه الولايات المتحدة الأميركية. كان يعاني من إضطراب داخلي خطير وأرسلوه إلى طبيب». ودعنا نستدعي دكتور «جو بايدن». ويجب أن تكون رؤيتنا واضحة بشأن نقاط القوة الهائلة للولايات المتحدة المتمثلة في تكنولوجيتها وجامعاتها وروحها الريادية وبشأن نقطة ضعفها المحورية والمتمثلة في إننا على مدار نصف قرن استثمرنا أقل في شعبنا مقارنة بدول أخرى. ففي عام 1970، كانت الولايات المتحدة زعيماً عالمياً في عدد المنضمين للمدارس العليا والجامعات وتمتعت بمتوسط مرتفع للعمر المتوقع وكان لديها طبقة وسطى متينة. وهذا تحقق في جانب منه بفضل روزفيلت. والصفقة الجديدة لم تكن مثالية ولم يستفد منها كثيرون من الأميركيين والأميركيين الأصليين، لكنها أحدثت تحولاً. وهنا في بلدتي الأم، «يامهل» بولاية أوريجون، كانت الصفقة الجديدة تمثل محركاً للفرص. فلم يكن هناك إلا عدد قليل من المزارعين لديهم مولدات كهربائية، لكن كهربة روزفيلت للريف جعل الجميع تقريباً متصل بشبكة الكهرباء وانتعش الإنتاج. وبرامج الوظائف حافظت على النسيج الاجتماعي وأقامت طرقاً استمتع بالمشي عليها كل عام. ومشروع قانون الحقوق لقدامى المحاربين منح الأسر فرصاً في التعليم وامتلاك المنازل. وقدمت إدارة الأشغال العامة في عهد روزفيلت 27415 دولاراً عام 1935 -فيما يعادل 530 ألف دولار بأسعار اليوم- لبناء مدرسة عليا في «يامهل». وهذا وفر وظائف لـ 90 شخصاً كانوا على قوائم الإعانات، وأقام المدرسة التي تعلمت فيها ومازالت قائمة حتى اليوم. وباختصار، استثمرت الصفقة الجديدة في القدرة الكامنة لبلدتي الصغيرة وإنتاجيتها، وفي جانب كبير من البلاد. وكانت العائدات استثنائية. وهذه الأنواع من الاستثمارات في البنية التحتية المادية، مثل الطرق السريعة بين الولايات، وفي رأس المال البشري مثل جامعات الولايات والمعاهد العليا، استمرت في عهد الرؤساء «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» على السواء. وجعلت أميركا أمة أقوى وأفضل. لكن بدءا من سبعينيات القرن الماضي، سلكت أميركا مسلكاً خطأ. فقد أبطأنا الاستثمارات الجديدة في الصحة والتعليم. ودمرنا نقابات العمال وتبنينا عدم المساواة والحقنا الضرر بالطبقة العاملة. فمتوسط الأجر الأسبوعي لعمال الإنتاج في أميركا في ديسمبر 2020 بلغ 860 دولاراً وهو أقل بالفعل مقارنة مع 902 دولار، بأسعار الدولار اليوم، كان يتقاضاها العامل في ديسمبر عام 1972. ماذا يعني هذا في السياق الإنساني؟ لقد كتبت عن وفاة ربع الأشخاص الذين كانوا في حافلة المدرسة رقم 6 القديمة بسبب المخدرات أو الكحوليات أو الانتحار، أي ما يعرف باسم وفيات اليأس. وهذا العدد يتعين تحديثه، لأن الحصيلة ارتفعت إلى الثلث تقريباً. وقد خصصنا مبالغ كبيرة من دولارات دافعي الضرائب لسجن أصدقائي وأطفالهم. وبايدن يقترح شيئاً أكثر إنسانية وفعالية بالاستثمار في الأطفال والأسر والبنية التحتية على نحو يردد صدى مبادرات روزفيلت. وأهم خيط في نسيج برنامج بايدن هو خطته لاستخدام علاوات الأطفال لتقليص فقر أطفال أميركا إلى النصف. وزلة بايدن الأساسية هي أنه سينهي البرنامج عام 2025 بدلا من جعله دائماً، وعلى الكونجرس تدارك هذا. وأعلى عائد على الاستثمار في أميركا اليوم ليس في الأسهم الخاصة لكن في مبادرات الطفولة المبكرة للأطفال قليلي الحظ من كل العرقيات. وهذا يتضمن زيارة المنازل وتقليص نسبة عنصر الرصاص في الجو والرعاية للأطفال قبل فترة رياض الأطفال وبعدها. سيكون مقترح بايدن بالرعاية النهارية شريان حياة للأطفال الصغار الذين قد يتعرضون للإهمال. وبخلاف نموذج زمن الحرب، لدينا نموذج آخر في الولايات المتحدة، فالجيش يدير نظاماً للرعاية رفيع المستوى في القواعد العسكرية للرعاية النهارية لأن هذا يدعم الجنود في أداء عملهم. وهناك استثمار بايدن المقترح في حزم الإنترنت العريضة التي تمثل مقابلاً عصرياً لكهربة الريف في الماضي. وبالمثل، قد تمكن المعاهد العليا المحلية المجانية الشباب من الحصول على مهارات فنية والحصول على بعض المال وتعزيز مكانة أسر الطبقات العاملة. وبعض الأميركيين قلقون من كلفة برنامج بايدن. وهناك وجاهة لهذا القلق، غير أن هذا ليس إنفاقاً لكنه استثمار. فقدرتنا على التنافس مع الصين ستعتمد على معدلات التخرج من مدارسنا ومعاهدنا العليا أكثر من اعتمادها على ميزانيتنا في الجيش وأقمارنا الاصطناعية للتجسس وحمايتنا للملكية الفكرية. فلا تستطيع بلد تحقيق النجاح حين يفشل كثير من شعبه. فعدد الأميركيين الذين لديهم سجل جنائي يعادل عدد الحاصلين على درجات جامعية. والطفل الذي يولد في واشنطن يتمتع بعمر متوقع يبلغ 78 عاماً في مقابل 82 عاماً للطفل الذي يولد في بكين. والمولودون حديثاً في عشر مقاطعات في مسيسيبي عمرهم المتوقع أقل من العمر المتوقع لنظرائهم في بنجلادش. وبدلاً من مواصلة الرضا عن النفس على طراز هيربرت هوفر دعنا نعترف بخللنا الداخلي الخطير ونستدعي طبيبا. والسؤال اليوم، كما كان في ثلاثينيات القرن الماضي، لا يتعلق بمدى قدرتنا على تحمل كلفة القيام باستثمارات طموح في شعبنا بل يتعلق بمدى قدرتنا على تحمل تكلفة عدم قيامنا بهذا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/05/01/opinion/sunday/biden-fdr-americans.html
مشاركة :