تحليل إخباري: التصعيد في غزة يتدحرج نحو الأسوأ وسط تحذيرات من حرب مفتوحة

  • 5/13/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تصاعدت حدة التوتر الحاصل بين الفلسطينيين وإسرائيل في غزة مع سقوط ضحايا من الجانبين، ما دفع مراقبين إلى التحذير من تدحرج الأمور نحو الأسوأ وصولا إلى حرب مفتوحة. وقتل 53 فلسطينيا من بينهم 14 طفلًا و3 سيدات في سلسلة غارات إسرائيلية لليوم الثالث على التوالي على قطاع غزة تضمنت استهداف مقرات حكومية ومنازل سكنية. فيما قتل خمسة إسرائيليين بفعل مئات القذائف الصاروخية، التي أطلقتها فصائل فلسطينية من قطاع غزة على مدن وبلدات إسرائيلية. --تهديدات متبادلة وعلى إثر ذلك طغت لهجة التهديدات المتبادلة بين المسؤولين الإسرائيليين والفصائل الفلسطينية على السطح لتتراجع المساعي الدبلوماسية الحثيثة، التي تبذلها مصر وقطر والأمم المتحدة لاستعادة الهدوء في غزة. وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل ستكثف ضرباتها في غزة، وتعتزم زيادة قوة الهجمات ووتيرتها. فيما توعدت الفصائل في غزة باستمرار هجماتها الصاروخية في حال استمرار غارات إسرائيل. ورأى المحلل السياسي من رام الله هاني المصري، أن التطورات الميدانية الحاصلة "تهدد بتدحرج المواجهة الحالية إلى حرب". وقال المصري لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "لدى نتنياهو دوافع قوية وكذلك المقاومة، ولكن الحرب مكلفة جدا وقد يتم الاكتفاء بجولة تصعيد حامية تستمر لعدة أيام". وأضاف المحلل السياسي الفلسطيني أن "الساعات القادمة حاسمة خصوصا لجهة طبيعة الأهداف التي يستهدفها الجانبان والخسائر المترتبة عليها واغتيال قيادات أم لا يحدد هل هي حرب أم جولة تصعيد". --تطورات غير مسبوقة منذ سنوات واندلعت جولة التصعيد الحالية على خلفية ارتفاع حدة التوتر والمواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وآلاف الفلسطينيين في المسجد الأقصى وشرق القدس. وشهدت القدس توترا لافتا منذ بداية شهر رمضان على خلفية التضييق في المسجد الأقصى وخطط إسرائيل لإخلاء عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح. وللمرة الأولى منذ عام 2014، دوت صافرات الإنذار في القدس بعد إطلاق كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) سبعة صواريخ باتجاه المدينة المقدسة. واعتبرت إسرائيل هذا التطور بمثابة تجاوزا للخط الأحمر. وقال المحلل السياسي من غزة محمد حجازي، إن حماس سعت للتجاوب مع الضغط الشعبي للرد على "عدوان" إسرائيل في القدس. وأضاف حجازي "ما فعلته حماس يشكل حافزا إيجابيا للفلسطينيين لتوحد الجميع أمام قضية القدس التي لا يوجد خلاف عليها على الرغم من الخلافات المستمرة لدى السياسيين الفلسطينيين". ومع ذلك يعتقد حجازي أن "خيار حماس هو التهدئة فهي لا تريد الذهاب إلى حرب مفتوحة، كما أن نتنياهو يواجه مأزقا بعد فشله في تشكيل حكومة وغير معني في حرب على غزة قد تشكل خطرا على مكانته السياسية". ويرجح حجازي أن تتوصل حماس وإسرائيل إلى التهدئة خلال يومين "لكن إلى أن يحين ذلك الوقت سيعيش سكان غزة على صفيح ساخن، بما في ذلك احتمال انفلات الأمور من بين يدي الطرفين حال وقوع تطور ميداني كبير". وخاضت إسرائيل وحماس ثلاث حروب في الفترة من عام 2008 إلى 2014، فيما توصل الطرفان إلى تفاهمات للتهدئة بوساطة إقليمية وأممية، غير أنه تم اختراقها في عشرات المناسبات بجولات توتر قصيرة. وأوردت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية أن المجلس الوزاري المصغر للحكومة الإسرائيلية خول الجيش الإسرائيلي بشن عملية عسكرية واسعة تشمل اغتيالات واستهداف بنية تحتية ومخازن أسلحة في غزة باستثناء اجتياح بري في هذه المرحلة. وكتب المحلل العسكري في الصحيفة أليكس فيشمان أن حماس "كسرت القواعد"، أمس، بإنذارها إسرائيل بسحب قواتها من المسجد الأقصى وبإطلاق صواريخ باتجاه القدس. ويعتقد فيشمان أن "حماس شرعت عمليا بمعركة إقليمية ضد إسرائيل لا تشمل غزة فقط وإنما أجزاء من الضفة الغربية وفي شرقي القدس". وقال إنه "إذا انتهت المواجهة الحالية خلال يوم أو اثنين، وحتى لو تم خلالها تدمير عشرات الأهداف، ولكن تبقى حماس واقفة على قدميها، فإن هذه ستكون عملية عسكرية انتقامية وحسب، لن تحقق إنجازا سياسيا ولا ردعا عسكريا". --إحباط يؤدي إلى التوتر وتصاعدت حدة التوتر في القدس وامتدت إلى الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بداية شهر رمضان وسط غضب متزايد من احتمال طرد فلسطينيين من منازلهم بمنطقة في القدس يدعي مستوطنون يهود ملكيتهم لها. إذ اندلعت مواجهات عنيفة بشكل شبه يومي في باحات المسجد الأقصى في شرق القدس بين آلاف الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، ما خلف مئات الإصابات. وشهدت الضفة الغربية حوادث توتر متفرقة أدت إلى مقتل خمسة فلسطينيين وإسرائيلي، فضلا عن مئات الإصابات في مواجهات في عد من القرى والبلدات. وامتد التوتر إلى قطاع غزة الذي استأنفت الفصائل فيه إطلاق بالونات حارقة وتنظيم تظاهرات ليلية قرب السياج الأمني مع إسرائيل، وتوعدت بتصعيد خطواتها حال استمرار التوتر في القدس. وفضلا عن أحداث المسجد الأقصى، فإن مراقبين فلسطينيين يبرزون الإحباط في غزة من التدهور الشديد في الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بفعل حصار إسرائيل المستمر منذ سنوات طويلة. كما يبرز الإحباط من قرار تأجيل الانتخابات التشريعية الذي أعلنه الرئيس محمود عباس، يوم 30 أبريل الماضي بسبب رفض إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس. وكان مقررا أن تجرى الانتخابات في 22 من مايو الجاري، وذلك في أول انتخابات عامة فلسطينية منذ 2006 سعيا لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ 15 عاما. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة، إن تأجيل الانتخابات سبب رئيسي للتوتر المتصاعد بين الفلسطينيين وإسرائيل جراء ما شكله من إحباط لدى الشارع الفلسطيني. ورأى أبو سعدة أن حماس "تحاول أن تحسن من شعبيتها لدى الفلسطينيين من خلال المواجهة الحالية، وذلك بعد نتائج استطلاعات الرأي التي قالت إن شعبية الحركة تراجعت عن السابق". ونبه إلى الجهود الإقليمية المبذولة لتطويق الموقف واحتواء التصعيد في غزة، مرجحا نجاحها في وقت قريب بالنظر إلى الضغوط الدولية وحلول عيد الفطر. ومع ذلك يعتقد أبو سعدة أن استمرار جولة التصعيد في غزة لأسبوع أو عشرة أيام قد يدفع بسيناريوهات أكثر خطورة، بما في ذلك إطلاق إسرائيل عملية برية قد تكون مكلفة جدا للجانبين.

مشاركة :